ما بعد ترمب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/22 الساعة 15:34
كتب.. الدكتور غازي العودات مع كل الاصوات التي تنهال على رأس دونالد ترمب، لا يسعني سوى أن أغبط الأميركيين على الصراع الدائر داخل مجتمعهم ودولتهم، والذي يمثل القوة الحقيقية للولايات المتحدة، إذ تعتبر دولة «مؤسسات» استطاعت خلق نظام طبيعي من القواعد والاجهزة الرقابية. الفكر السياسي بدأ بالحديث عن استمرارية الولايات المتحدة كقوة عظمى بعد انهيار جدار برلين ونشوء النظام العالمي احادي القطب. وبدأت القناعة لدى الساسة بصعوبة استمرار امريكا بهذا الدور، لذا بدأت عملية الاستدارة الامريكية في السياسية الدولية منذ تولي اوباما السلطة وبدأ انسحاب امريكا من البنية الامنية العالمية منذ عام 2008 وكلفت هذه الاستدارة امريكا 8 سنوات، وبدأ التفكير في النظام السياسي الامريكي وتلمس عيوبة ونقاط ضعفه والبحث عن اعادة صياغته وطرح الكثير من الاسئلة على الركائز التي تقوم عليها الولايات المتحدة الامريكية كالديمقراطية وحقوق الانسان والتجارة الحرة وجميع التصورات اليبرالية المنفتحة. نتيجة للمعلومات الكثيفة والزائفة خرجت تيارات شعبوية تسعى الى تخويف الشعوب من الهجرة والعولمة مما أدى الى وصول ترمب الى السلطة في امريكا وخرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وبدأ العالم اجمع يتجه الى التيارات اليمينية وبدأت الازمات تظهر في النظام الدولي الراهن ومنها التطورات في الشرق الاقصى والشرق الاوسط (الربيع العربي ونتائجه المستمرة) وفقدان الثقة في الاتحاد الاوروبي الموشك على الانهيار- والذي اتضحت هشاشته عند اول موجة لجوء- وبدأت الشعوب تفقد قيمة النموذج الديمقراطي. المقلق ليس شخص ترمب ذاته وانما الادارة التي تقف خلفة من المؤسسة الحاكمة في البيت الابيض الى الكونجرس. انعكسات ذلك ستتضح في اعادة صياغة امريكا داخلياً واعادة رسم النظام العالمي الجديد ليس بالقوة وانما بالتسويات السياسية، لذا كان التقارب مع روسيا في التوجات والطروحات والتي سيكون لها دور بارز في المشهد الدولي وكذلك في انهاء التحالف الروسي مع الصين- العدو الاول اقتصادياً للرئيس الامريكي- حتى يتم تشكيل وصياغة النظام العالمي الجديد. اما نحن العرب، فليس لنا أي تأثير في المشهد الدولي وصياغة النظام العالمي، فترمب وبوتين لديهم أولوياتهم الداخلية ومصالحهم الخارجية لكن آثاره ستكون جلية وواضحة على المستوى المحلي والاقليمي. الاشهر والسنوات القادمة حبلى بالهزات والازمات محلياً واقليمياً ودولياً تبصرف النظر عن أقوالنا الرنانة ومواقفنا الاستعراضية، فالهاوية وضعف التماسك هي السمة الابرز لاستحقاقات تاريخية قادمة، وتلك قصة أخرى....
  • سحاب
  • معلومات
  • عرب
  • نتائج
  • اقتصاد
  • رئيس
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/22 الساعة 15:34