وادي رم .. مقصد سياحي أردني على مستوى العالم

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/19 الساعة 09:44
مدار الساعة - تغوص الشمس في الرمال البرتقالية.. وتهيمن الجبال الشاهقة على المكان .. السماء صافية ومرصعة بالنجوم ... ليس هناك ما يعكر فرصة الاستمتاع بسكون الكون وهدوئه والانعتاق من ضجيج المدن. إنها صحراء وادي رم التي تسحر الزائرين بجمالها، وتعتبر واحدة من أكثر الصحارى جمالا وإدهاشا في العالم، وتتميز جبالها الصخرية بألوانها البيضاء والصفراء والحمراء والبنية، وبتشكيلاتها الجغرافية المميزة. "لقد زرت وادي رم أكثر من مرة .. وفي كل مرة كنت ألاحظ التطور الذي طرأ على المنطقة، وأشعر بالدهشة من جمال المكان، كل وقت في وادي رم له سحره الخاص، ففي النهار ألوان الرمال والصخور وروعة الجبال، وفي الليل هدوء الكون والنجوم المتلألئة في السماء"، هكذا تصف الكاتبة إيمان مرزوق، زيارتها لوادي رم. وتضيف "رحلتي الأخيرة إلى وادي رم كانت مع أحد نوادي الرصد الفلكي، وصلنا الى مركز الزوار ثم انطلقنا بسيارة دفع رباعي إلى المخيم الذي سنقيم فيه، وفي المساء قمنا برصد النجوم واستمتعنا بمشاهدة فيلم عن الفضاء تحت السماء، كان هناك محاضرة وحوار عن الفلك، ثم أمضيت الليل أنا وصديقتي نراقب السماء والشهب .. تأملنا الكون والكواكب والنجوم، وعندما اقترب موعد شروق الشمس قمنا بجولة مشيا على الأقدام، ورأينا اثار أقدام الحيوانات المختلفة، كانت تجربة لا مثيل لها". زارت مرزوق العديد من المدن والأماكن، ولكن وادي رم حسب رأيها مكان له سحر ورونق خاص، مكان فريد على مستوى العالم، لا يشبهه أي مكان آخر، إنه مكان مناسب للذين يبحثون عن الهدوء والتأمل وصفاء الذهن. ولا يسمح ببناء الفنادق في وادي رم كونها محمية طبيعية، ويقيم السياح في المخيمات التي تتوزع بالمنطقة ويبلغ عددها 41 مخيما داخل المحمية و19 مخيما خارجها، وفيها جميع الخدمات التي يحتاجها السائح. بتول أحمد وهي من سكان مدينة العقبة تتحدث ايضا عن رحلتها إلى وادي رم، وتقول كل شيء كان رائعا بدءا من جمال الجبال والصخور الملونة والرمال الناعمة، ومرورا برائحة الزرب ونكهة الشاي المصنوع على الحطب، وانتهاء بالسهرة على ضوء القمر والنجوم وأنغام الموسيقى . وتضيف " على الرغم من الأجواء الصاخبة والعدد الكبير للسياح إلا ان ذلك لا يمنع من التأمل والاسترخاء في أجواء حالمة قلما نجدها في أماكن أخرى". سبعون كيلومترا هي المسافة التي تفصل العقبة عن وادي رم الذي يسمى أيضا وادي القمر، بسبب التشابه الكبير بين تضاريسه، والتضاريس التي يتكون منها القمر. سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بذلت جهودا ملحوظة لتطوير منطقة وادي رم وتعزيز حضورها على الخارطة السياحية بتأهيل مواقعها ودعم المجتمعات المحلية وتوفير فرص العمل. مدير محمية وادي رم ناصر الزوايدة يقول ان تطوير منطقة وادي رم كلف نحو 10 ملايين دينار منها 7 ملايين دينار كقرض من البنك الدولي لتطوير البنية التحتية وإنشاء مركز الزوار. ويضيف ان أهم المشروعات التي تم تنفيذها في منطقة وادي رم مشروع إعادة حيوان المها ومشروع إعادة الماعز الجبلي، ومشروع الشيخ زايد لإحياء الرياضات التقليدية، إضافة الى مشاريع لخدمة المجتمعات المحلية كتدريب سيدات المجتمع على التطريز والخياطة والحرف اليدوية والمنسوجات، وإقامة ملاعب لكرة القدم. ويشير إلى المرصد الفلكي الذي بنته سلطة العقبة على جبل ام الدامي وهو أعلى قمة في وادي رم وفي الأردن ككل، بكلفة 170 ألف دينار وسيتم افتتاحه قريبا، حيث يحتوي على مسار للمشي مدته ساعة وربع الساعة للوصول الى المرصد والمبيت في مخيم مزود بكل التجهيزات، ويتضمن نشاطا ليليا والعودة في اليوم التالي ونزول الجبل. وتبلغ مساحة محمية وادي رم 720 كيلومترا تم تخصيص 200 كيلو متر منها للنشاطات المتنوعة و520 كيلومترا بقيت كما هي دون ان تعبث بها يد الانسان . عدد زوار وادي رم ارتفع بشكل ملحوظ خلال العامين الحالي والماضي، حيث بلغ العام الحالي وحتى نهاية تشرين الثاني 189 ألف سائح، وفي العام 2017 بلغ 161 ألفا، مقارنة بــ 81 ألف سائح في العام 2016، ويعود هذا الارتفاع بحسب الزوايدة الى الاستقرار الأمني في المنطقة والرحلات التي تنظمها شركتا "ريان اير" و"ايزي جت" والبواخر السياحية التي تأتي إلى العقبة مباشرة، كنتيجة للجهود والمباحثات التي أجرتها سلطة العقبة. وتتلخص اهداف المحمية بحسب الزوايدة في العمل على تطوير السياحة وتنظيمها، والمحافظة على المصادر البيئية الطبيعية والتاريخية وضمان السلامة العامة، وإعادة توطين الحيوانات البرية إلى جانب تنمية المجتمع المحلي في المنطقة وتقديم التوعية البيئية من أجل دعم برنامج حماية المواقع. ويقول الزوايدة ان المحمية تجمع تضاريس متنوعة تشمل مجموعة من الجبال والهضاب والأودية الضيقة والأقواس الطبيعية والمنحدرات الشاهقة، كما أنها تحتوي على النقوش والرسوم المتوزعة على أوديتها وصخورها. ويتراوح ارتفاع جبال رم الشاهقة ما بين 800 - 1750 متراً فوق سطح البحر، ما يجذب آلاف الزوار سنوياً للاستمتاع برياضة التسلق. وقد يظن الزائر للوهلة الأولى لهذه المنطقة انها خالية من الحياة البرية، ولكن مع غياب الشمس تظهر أنواع فريدة من الحيوانات البرية ، كالأرنب البري، وفأر الفربيس، إلى جانب الثعالب البرية وهررة الرمال التي تظهر أقدامها بوضوح على الرمال مع ساعات الصباح. ويقول الباحثون إن طبيعة هذا الموقع الذي تم إدراجه ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو عام 2011، قد تشكلت قبل نحو ثلاثين مليون عام، حيث نشأ في ذلك الوقت شق كبير في القشرة الأرضية نتج عنه وادي رم بالإضافة إلى وادي الأردن والبحر الأحمر. من يزور وادي رم اليوم، يلحظ الفرق الشاسع، بين المنطقة التي كانت مهملة وتعاني من العشوائية، وبين المنطقة التي أصبحت نموذجا للإدارة الناجحة القائمة على الشراكة الفاعلة مع المجتمع ومؤسسات القطاع العام والخاص، وأصبحت مقصدا للسياح بنشاطاتها ومغامراتها وندرة طبيعتها. -- (بترا)
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/19 الساعة 09:44