أحاديث المجالس متشابهة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/18 الساعة 13:23
تتشابه احاديث الناس في المجالس والجلسات والمناسبات الاجتماعية المختلفة ، إن لم تكن نفسها ، عند الخوض في الشأن المحلي بملفاته وموضوعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والخدمية الشائكة والمعقدة على وقع الاوضاع والظروف المحلية الصعبة التي يمر بها بلدنا ، تحت قواسم وعناوين نقاشية وحوارية مشتركة ومتشابهة . مما يؤشر الى الاجماع المجتمعي شعبيا وحزبيا ونقابيا وموسسات مجتمع مدني على اهم المشكلات والتحديات التي تشغله وتؤرقه، والتي تقتضي من صانع القرار التعاطي المسؤول معها ومراعاتها ووضعها في دائرة اهتماماته واولوياته من اجل مواجهتها ومعالجتها من خلال الاليات والادوات العملية الكفيلة بذلك ، لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من عمر الدولة الاردنية. حيث تتراوح هذه التحديات بين الحديث عن حالة الغموض التي تلف عملية تشكيل الحكومات التي يغلب عليها الطابع الشخصي والشللي، بعيدا عن الاسس والمعايير الوطنية الموضوعية والواضحة التي تتطلب مراعاة القدرات والاختصاصات والمؤهلات العلمية والعملية المطلوبة ، وبصورة افرزت عناصر حكومية غير مؤهلة ، وما رافق هذا المشهد الضبابي من جدل حول الولاية العامة ومطالبات بضرورة تغيير النهج المتبع لا الاشخاص. الى جانب الحديث عن محاولة البعض استهداف الهوية الاردنية والثوابت الوطنية وبعض المكونات المجتمعية لحساب توجهات او تيارات معينة تدعي حمل لواء التغيير باسم الدولة المدنية والعقد الاجتماعي ، رغم وجود الدستور الذي يمثل عقد الدولة الاردنية من خلال نصوصه وبنوده الشاملة لكافة جوانب منظومة النظام السياسي الاردني ومكوناته ومؤسساته ، والتي تجسد مجموعة القواعد والاسس الدستورية والقانونية الناظمة للسلوكيات والعلاقات بين الافراد ومختلف مؤسسات الدولة . اضافة الى الحديث عن تحدي فقدان ثقة المواطن بمؤسسات الدولة خاصة الحكومة والبرلمان على وقع السياسات الحكومية المحبطة التي ترافقت مع غياب الرقابة البرلمانية الفاعلة بصورة قادت الاوضاع الى مزيد من التأزيم والتعقيد ممثلة بارتفاع المديونية والعجز والاسعار والرسوم والضرائب ، وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة وعدم الجدية في محاربة ظاهرة الفساد وتداعياتها الخطيرة على قطاعات الدولة المختلفة وغيرها من الملفات الوطنية الهامة ، التي ما تزال الحكومات المتعاقبة تتعاطى معها بأساليب تقليدية اساسها الوعود والشعارات والبيانات النظرية والانشائية ، التي لم يعد الشارع الاردني المحبط الوثوق بها. حيث اخذ يلاحظ انه ورغم كثرة وتعدد الحكومات التي تعاقبت على حمل مسؤولية ادارة الشأن العام ، الا انه لم يرى اي بارقة امل بوجود حلول عملية كفيلة بانقاذ الوضع ، بدليل ارتفاع مؤشر ومنسوب التحديات التي تواجه المواطن من حكومة الى اخرى في ظل الاستمرار على نفس النهج الحكومي، الذي يعتبر المسؤول الاول عن اقحام الاردن بالمزيد من الازمات والاشكاليات . حتى اصبح هذا المواطن لا يجد اي فروقات بين حكومة واخرى ، الا في النواحي والمؤشرات السلبية التي تظهر زيادة في الاعباء المعيشية والاقتصادية. وكأن الحكومات تتنافس على ايها اقدر من غيرها على تبني وتمرير تشريعات وسياسات وقرارات غير شعبية تثقل كاهله بالمزيد من هذه الاعباء ، بصورة جعلته يتساءل عن مغزى اجراء العديد من التشكيلات والتغييرات والتعديلات الحكومية، رغم السير في نفس النهج العبثي وغير المجدي ، والذي تغلب عليه الاعتبارات الشخصية في انتقاء العناصر الحكومية في مواقع المسؤولية ، والاعتماد على اسلوب الجباية وجيب المواطن، بدلا من الاعتماد على العمل المؤسسي البرامجي وعلى المشاريع التنموية والاستثمارية . مما جعل الحكومات امام تحدي استعادة ثقة المواطن بها . مما يتطلب اعادة النظر بهذا النهج العقيم في التعاطي مع الملفات والقضايا الوطنية الهامة .. ومن بوابة الاوراق النقاشية الملكية تحديدا ، والتي تجسد خارطة طريق نحو الافضل من خلال ترجمة ما ورد في هذه الاوراق الملكية من افكار وطروحات الى سياسات واجراءات عملية، للولوج الى الغاية التي ترمي الى تحقيقها ، ممثلة بتشكيل الحكومات البرلمانية تفعيلا للمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وبما يضمن اعادة الاعتبار للمؤسسة البرلمانية التي يتوقف عليها الرهان في تجاوز هذه المرحلة الصعبة من خلال اعادة النظر بالقوانين والتشريعات الناظمة للعمل السياسي والحزبي والنيابي، بهدف تعزيز ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، وضمان وجود مجالس نيابية على اسس حزبية برامجية مؤسسية، كفيلة بتمثيله تمثيلا حقيقيا، بحيث تعبر عن مصالحه وتطلعاته واولوياته. والا فلا فائدة من تكرار سيناريوهات تشكيل الحكومات والبرلمانات الاردنية، اذا ما بقيت عاجزة عن احداث الفرق الذي يتطلع اليه المواطن. لقد آن الأوان بان تكون علاقة المواطن مع مجلس النواب مباشرة، دون اي تدخلات رسمية في الارادة الشعبية لجهة العبث بها او محاولة تهميشها ، حتى لا يبقى المواطن يحملها مسؤولية ما يحدث ، تحت انطباع انها تتدخل وتحشر نفسها في كل شيء ، حتى في تشكيل المجالس النيابية ، التي بات ينظر لها على انها مخترقة لجهة تنفيذ اجندات رسمية ، وقد انعكس ذلك الانطباع حتى لدى جهات خارجية . والا ما الذي يدفع بصندوق النقد الدولي ان يطلب من الحكومة قبل فترة ضمانات تكفل اقرار وتمرير مجلس النواب تعديلات قانون الضريبة ، كما جاء بمسودة القانون التي اقرتها الحكومة ، لولا وجود هذا الانطباع لدى هذه المؤسسة المالية الدولية. مما دفع رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة بالرد على ذلك بالقول ان مجلس النواب لا يتلقى تعليمات او املاءات من صندوق النقد الدولي وان المجلس سيد نفسه . كذلك فقد أكد نائب رئيس الوزراء وزير الدولة رجائي المعشر على استحالة وعدم امكانية تحقيق هذا الطلب باي شكل من الاشكال. اذن فلتترك الجهات الرسمية المواطن يتحمل المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة من خلال ممثليه في البرلمان ، تأكيدا على المسؤولية المجتمعية المشتركة في التعاطي مع القضايا الوطنية المختلفة .
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/18 الساعة 13:23