رجال يستولون على جيوب السيدات في الأردن

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/22 الساعة 10:24

 مدار الساعة -  رويدا السعايدة - لم يخطر ببال سارة (اسم مستعار) بعد ان لبست فستان الزفاف ان هذا الزواج سينتهي بطلاق و4 أبناء بحضانتها.

فسارة التى لا تحمل اي مؤهل عملي رفعت قضية نفقة حصلت من خلالها على 130 ديناراً بناء على قرار المحكمة الا ان زوجها يدفع 100 دينار وبشكل غير منتظم، والان لم تتقاض هذا المبلغ منذ ثلاثة اشهر رغم أنه مصدر دخلها الوحيد.

لينا (اسم مستعار) كابدت عشرات السنين لتقف الى جانب زوجها وتسانده في حياته، لكن طمع زوجها جعله يستولي على البطاقة الائتمانية الخاصة بها، ويعطيها القليل منه..(يهددني بالطلاق إن زدت في المصاريف) تقول لينا.

ولم يختلف الحال بالنسبة لمنى (اسم مستعار) وهي سيدة أرملة لديها ولدان؛ والتي اكتشفت ان أشقاء زوجها استغلوا مرض اخيهم وقاموا بتوقيعه على تنازل عن كثير من املاكه.

استقلال مالي

تتوافق الدراسات التي تناولت السلوك المالي للنساء على أن المرأة العاملة تشارك مشاركة فعالة في مصاريف أسرتها لتصل لدى ثلاثة أرباعهن إلى 50% أو أكثر.

وأكثرية العاملات يشاركن في مصاريف أسرهن برضا تام. فيما تشعر بعضهن بالغبن لقيامهن بذلك. خاصة، أن بعض الأزواج يسجّلون مشتريات كبرى، كالسيارة أو الشقة السكنية مثلاً، باسمائهم دون زوجاتهم. وهناك قسم من النساء يُمنعن من التصرف برواتبهن، وقلّة منهن تتجرّأ فتخفي جزءاً من أموالهن عن ازواجهن.

الخبير الدولي في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة الدكتور هاني جهشان يؤكد ان استيلاء الازواج على بطاقات صراف زوجاتهم العاملات هو شكل من أشكال العنف الاقتصادي ضد المرأة.

واشار الى ان العنف الاقتصادي ضد المرأة يتقاطع مع كل من العنف النفسي والعنف الجسدي والعنف الجنسي، والإهمال والحرمان كالتسبب بالحاق امراض بالمرأة واطفالها، ويمنعها من النفاذ وطلب المساعدة من مقدمي خدمات الحماية الاجتماعية والقانونية والصحية، ويؤدي إلى فقدها فرص العمل والخبرة وفي حال انفصالها عن زوجها يفضي للتشرد ولعواقب اجتماعية وصحية ونفسية خطيرة.

مرجعية قانونية

ووفقا لجهشان فان المرجعية القانونية للسرقة والاحتيال وإساءة الائتمان داخل الاسرة وردت في قانون العقوبات الأردني في الباب الحادي عشر وهو باب الجرائم التي تقع على الأموال وفق الفصل الأول المتعلق في أخذ مال الغير، وفي الفصل الثاني المتعلق في الاحتيال وسائر ضروب الغش، وفي الفصل الثالث في إساءة الائتمان.

ويضيف: «للأسف أعفى القانون الأردني عقاب المجرم اذا حصلت هذه الجرائم داخل الاسرة فقد نصت المادة 425 من قانون العقوبات (يعفى من العقاب مرتكبو الجرائم المنصوص عليها في الفصول الثلاثة السابقة اذا وقعت اضرار بالمجني عليهن الاصول والفروع او الزوجين غير المفترقين قانوناً).

كما نص البند الثاني انه إذا عاود هذا الفاعل جرمه في خلال ثلاث سنوات عوقب بالعقوبة المنصوص عليها في القانون مخفضاً منها الثلثان يشترط التطبيق حكم تخفيض العقوبة ازالة الضرر الذي لحق بالمجني عليه وبحسب المادة 1 من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة بموجب قرارها 48/104 عام 1993: «يعني تعبير «العنف ضد المرأة « أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي ممن الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة».

ونص قرار الجمعية العامة المتعلق بالقضاء على العنف العائلي ضد المرأة على «أن العنف العائلي يمكن أن يشمل الحرمان الاقتصادي والعزلة، وأن مثل هذا السلوك قد يسبب بالغ الأذى لسلامة المرأة أو صحتها أو رفاهها».

المتزوجات الاكثر عنفا

دانا الطراونة من مكتب شكاوى المرأة اكدت ان اغلب صاحبات الشكاوى سواء من العنف الاجتماعي او الاقتصادي تعود الى سيدات متزوجات، مشيرة إلى أن الشكاوى من العنف الاقتصادي متنوعة، «فهناك من تحرم من راتبها أو من إرثها، إذ يقوم بعض الأزواج، بتسجيل ما يحق للمرأة باسمهم، كما يقومون بحرمانها من ممتلكاتها»، مضيفةً أن هناك حالات «يقوم الأزواج فيها باستغلال زوجاتهم، من خلال أخذ القروض من بعض المؤسسات، التي تقرض المرأة وتتحمل هي العبء الأكبر من تسديد تلك الديون، كما أن هناك من اشتكين من الحرمان من النفقة».

وأضافت أن «الدستور كفل للمرأة استقلالية الذمة المالية»، مبينةً أن دورهم كمركز شكاوى، هو «تقديم خدمة الإرشاد القانوني المكتبي، وذلك بإرشاد تلك المرأة إلى الجهة التي يجب أن تذهب إليها، والتي تستطيع تقديم المساعدة لها، في حال تقدمت بشكوى معينة». وتم تأسيس مكتب شكاوى المرأة، من قبل اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، التي ترأسها سمو الأميرة بسمة بنت طلال، والتي تعتبر المرجعية المعتمدة بقضايا ونشاطات المرأة في المملكة.

وعي قانوني

وفي ذات السياق اكدت امينة سر جمعية الحقوقيين الاردنيين المحامية نور الامام ان الحياة التشاركية بين الازواج باتت امرا مهما وبخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة ان تمتلك الزوجة الوعي القانوني الكامل حتى لا تتحول مساهمتها في نفقات بيتها الى ضحية مغبونة.

ولفتت الى ان القانون الاردني اعطى كلا من الزوجين ذمة مالية مستقلة ويكفل لها تسجيل اموال منقولة او غير منقولة باسمها او مناصفة مع شريكها، كما ان القانون يحميها اذا لجأت اليه في حال تعرضها للانتهاك في حال انها اثبتت حقها.

للدين رأي

استاذ الشريعة الاسلامية في الجامعة الاردنية الدكتور محمد القضاة قال إن المرأة في الاسلام لها ذمة مالية مستقلة سواء كانت متزوجة او غير متزوجة.

ولفت الى ان الرجل في الشريعة الاسلامية ملزم بالانفاق على المرأة سواء كانت زوجة ام بنتا او اما ويحرم على الزوج ان يأخذ من مال زوجته لغير رضاها، كما ذكر القرآن الكريم، مؤكدا ان االزوج قد رضي عند اجراء عقد الزواج ان تبقى عاملة في وضيتها، فان رغبت عن طيب نفس من مالها سواء من الراتب او غيره مما تمتلكه، فلا بأس في ذلك.

وبين انه وفي حال اجبر الزوج زوجته على الانفاق على ان تستدين له من البنوك الربوية فهذا امر محرم في الشريعة الاسلامية لانه فيه اعتداء صارخ على شخصية الرماة وآدميتها وهذا يعد من باب العنف في معاملة المرأة. واوضح القضاة ان الرجل العاقل يعرف احكام الشريعة ويطبقها فان دعته الضرورة الى ان ياخذ من مال زوجته فانه يستاذنها بأدب واحترام دون اللجوء الى التهديد بالطلاق او الهجر او اية ممارسات لا تقرها الشريعة الاسلامية.

تعاون ايجابي

ومن جانبه شدد استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي على أن «أهم عامل في الاستقرارالأسري، هو التعاون بين الزوجين».

واشار في حديثه لـ «الرأي» الى ضرورة ان يكون هناك اتفاق مسبق وخصوصاً في إدارة موازنة الأسرة، وكل ما تتطلب من نفقات»، مضيفاً: «هذا يجب أن يتم بالحوار والتعاون والاتفاق بين الزوجين».

ولفت الخزاعي إلى أهمية «أن يتم تنظيم ذلك الأمر قبل الزواج، واتفاق الايجابي حتى لا يتحول الامر بعد ذلك الى منبع للخلافات الزوجية.

ورأى الخزاعي أن المرأة عندما تقوم بالموافقة على أن تعطي راتبها لزوجها، فذلك نتيجة أنها «ترى الحياة المستقبلية لها معه، ولا تضع الصدمات بعين الاعتبار، فالزواج بالنسبة لها يعني شراكة»، مضيفاً «أن ما يجعل المرأة ترضى بهذا الوضع، هو طبيعة التربية والخوف على الأبناء والخوف من ردة فعل الزوج وغضبه كذلك».

وأضاف الخزاعي «أن التكامل والتعاون ضروريان للأسرة، ولكن بناءً على اتفاق، وليس نهباً وسلباً، وأيضاً لا بد من إبداء الرأي والمشورة الاقتصادية، من جانب الزوجة، لأن كثيراً من الأزواج يغامرون على حساب رواتب زوجاتهم، وهن اللواتي يتحملن في النهاية كل الأعباء المادية».

وأكد الخزاعي ان المجتمع ما زال الى اليوم لا يؤمن باستقلالية المرأة المالية، حتى فيما يتعلق بورثتها، التي هي من أهلها ولا تعتبر من أملاكه، ومع ذلك يعتبرها له، ويعتبر أنه لا يحق للزوجة أن تتصرف بها إلا بعد إذنه».

منظمات مجتمعية

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» إلى أن الأعباء الاقتصادية والظروف المعيشية وارتفاع تكاليف الحياة اليومية للأسر دفعت بالعديد من الأزواج إلى عدم الممانعة بعمل زوجاتهم من أجل زيادة دخل الأسر، وبالتالي مساهمتهن في تخفيف الأعباء المالية عن أزواجهن.

واضافت «وصل الامر بالبعض الاقتراض من البنوك لشراء العقارات والسيارات بأسمائهم على أن يكون السداد من رواتب الزوجات، وإذا ما وقفت الزوجات بوجه هذه التصرفات تبدأ الخلافات الزوجية بالتهديد بمنعهن من العمل أو تنتهي بالطلاق، وهذا في كل مكان وليس في الأردن وحده.. وتعاني منه العديد من النساء العاملات اللواتي لا يأخذن من دخلهن إلا «مصروف جيب» يعطيهن إياه الأزواج أو حتى الإخوة وبعض الآباء وكأنهن يتسوّلْنَهُ منهم! وكم من فتاة عضلها أهلها ومنعوها الزواج حتى لا يفقدوا دخلها وراتبها.

وأكدت «تضامن» أن التمكين الاقتصادي للنساء لا يقتصر فقط على مشاركتهن الاقتصادية بمختلف النشاطات فحسب، بل يمتد ليشمل قدرتهن على التصرف بأموالهن بكل حرية وإمكانية تملكهن للعقارات والأراضي، وتسهيل عملية وصولهن للموارد المختلفة، وتأمين مستقبلهن ومستقبل عائلتهن وأولادهن في حال أصبحهن يرأسن أسرهن لأي سبب كالطلاق أو الوفاة أو الهجر.

المصدر: الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/22 الساعة 10:24