حركات الاحتجاج
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/17 الساعة 00:23
أصبح مفهوم العمل السياسي لدى مجموعة كبيرة من الناشطين في عالمنا العربي ومجمل الإقليم منحصراً في القدرة على تنظيم الاحتجاجات أو المشاركة فيها، وأصبح الاحتجاج معياراً رئيساً للحكم على أداء المجموعات والقوى السياسية، ومقياساً للوطنية والفاعلية، ولذلك دائماً يبرز السؤال على ألسنة بعضهم أين أنتم من مواقف الاحتجاج؟ وما زالت عبارة تتردد منذ عام (2011) على ألسنة بعض الناشطين: «الشارع هو من يتكلم»، «لا نريد تنظيراً نريد نزولاً للشارع «، ويتم الاستناد في إثبات صحة هذه المقولات على ما أحدثته الاحتجاجات إبان الربيع العربي في أقطار عربية مختلفة من أثر ملموس ابتداءً من تونس ثم مصر ثم ليبيا ثم اليمن، ثم سوريا وأقطار عربية أخرى بدرجات متفاوتة.
نعم الاحتجاج فعل سياسي ولون من ألوان الأداء السياسي، لكن هذا الفعل قد ينجح وقد لا ينجح وقد يكون عملاً مدمراً وكارثيا في نتائجه، وقد يتم استثماره وتوجيهه بطرق مختلفة نحو غايات وأهداف مختلفة، لكن في المجمل هناك شروط موضوعية لنجاح الاحتجاجات الشعبية وتحقيق أهدافها وغاياتها ومنها على سبيل المثال:
أولاً: أن يتم تنظيم هذه الاحتجاجات من قبل جهات محددة ومعروفة، حتى يكون هناك قيادة معينة لهذا الاحتجاج تنظمه وتوجهه وتحدد مطالبه بدقة، وتتحمل مسؤوليته وما ينجم عنه من آثار، وتتولى القيام بالتفاوض مع الجهات المختصة المعنية بهذه المطالب بطريقة واضحة ومعلنة وبطريقة شفافة ونزيهة.
ثانياً: أن تكون هناك مطالب واضحة ومحددة للاحتجاج، وينبغي أن يتم الإعلان عنها عبر الشعارات والهتافات واليافطات، والمقابلات الإعلامية المسموعة والمرئية من قبل القيادات المعروفة بتمثيلها لهذه الاحتجاجات دون منازع أو مشكك.
ثالثاً: أن يتوافر عنصر التنظيم والضبط لهذه الاحتجاجات، حتى لا يكون هناك خروج عن الأهداف المعلنة، وبعيداً عن ممارسة الشغب والغوغاء والإضرار بالممتلكات، وأن لا يسمح للاستثمار فيها بعيداً عن المسار المخطط له زماناً ومكاناً وشكلاً ومضموناً.
ولا سبيل لتحقيق هذه الشروط في ظل غياب الجهات المخططة لذلك سواء اكانت أحزاباً سياسية أو أجساماً نقابية أو هيئات شعبية منتخبة، ومن هنا فإن القول: لا نريد أحزاباً ولا نقابات، ولا جهات سياسية ولا قوى سياسية محددة، والقول : يجب أن يكون الحراك عفوياً وبلا قيادة، فهذا ضرب من ضروب الرومانسية السياسية البعيدة كل البعد عن الفعل السياسي المنظم والعمل الاجتماعي المهدف، إلّا إذا كان ذلك انفجاراً شعبياً فوضوياً في لحظة ظرفية، بلا أهداف ولا تنظيم ولا توجيه ولا ضبط، وهذا لا يدخل في دائرة المنطق المقبول.
القصة الأخرى أن مضمون الاحتجاجات لا يخرج عن إطار الغضب الشعبي المكبوت الذي لا طريق لتفريغه عبر الطرق المعروفة، والذي ينصب حول مطلب محدد قد ينحصر بإلغاء قانون أو قرار أو تخفيض أسعار أو ضرائب وليس من باب العمل السياسي المنظم عبر برنامج محدد برؤية محددة ورسالة منضبطة، وسبب الاقتصار في الفعل السياسي على هذا اللون يعود إلى وضع سياسي أعوج وغير سوي لا ينفع معه العمل السياسي الحزبي المنظم، ولا طريق إلّا من خلال ممارسة الضغط عبر الشارع.
أردت أن أقول في نهاية المطاف أن حركة الشارع وحركات الاحتجاج لا تشكل بديلاً عن العمل السياسي الحزبي المنظم، وليست بديلاً عن البرامج السياسية الواضحة، ولا تغني عن التنظير السياسي الهادىء، بل يمكن الجزم أن الفعل الاحتجاجي في غياب وجود أحزاب سياسية مستقرة، وفي غياب قوى سياسية برامجية معروفة سلفاً يصبح بلا جدوى وبلا عواقب مضمونة، ويكون خارج دائرة القياس ويخلو من معايير النجاح وهو نوع من المغامرة غير المحسوبة. الدستور
نعم الاحتجاج فعل سياسي ولون من ألوان الأداء السياسي، لكن هذا الفعل قد ينجح وقد لا ينجح وقد يكون عملاً مدمراً وكارثيا في نتائجه، وقد يتم استثماره وتوجيهه بطرق مختلفة نحو غايات وأهداف مختلفة، لكن في المجمل هناك شروط موضوعية لنجاح الاحتجاجات الشعبية وتحقيق أهدافها وغاياتها ومنها على سبيل المثال:
أولاً: أن يتم تنظيم هذه الاحتجاجات من قبل جهات محددة ومعروفة، حتى يكون هناك قيادة معينة لهذا الاحتجاج تنظمه وتوجهه وتحدد مطالبه بدقة، وتتحمل مسؤوليته وما ينجم عنه من آثار، وتتولى القيام بالتفاوض مع الجهات المختصة المعنية بهذه المطالب بطريقة واضحة ومعلنة وبطريقة شفافة ونزيهة.
ثانياً: أن تكون هناك مطالب واضحة ومحددة للاحتجاج، وينبغي أن يتم الإعلان عنها عبر الشعارات والهتافات واليافطات، والمقابلات الإعلامية المسموعة والمرئية من قبل القيادات المعروفة بتمثيلها لهذه الاحتجاجات دون منازع أو مشكك.
ثالثاً: أن يتوافر عنصر التنظيم والضبط لهذه الاحتجاجات، حتى لا يكون هناك خروج عن الأهداف المعلنة، وبعيداً عن ممارسة الشغب والغوغاء والإضرار بالممتلكات، وأن لا يسمح للاستثمار فيها بعيداً عن المسار المخطط له زماناً ومكاناً وشكلاً ومضموناً.
ولا سبيل لتحقيق هذه الشروط في ظل غياب الجهات المخططة لذلك سواء اكانت أحزاباً سياسية أو أجساماً نقابية أو هيئات شعبية منتخبة، ومن هنا فإن القول: لا نريد أحزاباً ولا نقابات، ولا جهات سياسية ولا قوى سياسية محددة، والقول : يجب أن يكون الحراك عفوياً وبلا قيادة، فهذا ضرب من ضروب الرومانسية السياسية البعيدة كل البعد عن الفعل السياسي المنظم والعمل الاجتماعي المهدف، إلّا إذا كان ذلك انفجاراً شعبياً فوضوياً في لحظة ظرفية، بلا أهداف ولا تنظيم ولا توجيه ولا ضبط، وهذا لا يدخل في دائرة المنطق المقبول.
القصة الأخرى أن مضمون الاحتجاجات لا يخرج عن إطار الغضب الشعبي المكبوت الذي لا طريق لتفريغه عبر الطرق المعروفة، والذي ينصب حول مطلب محدد قد ينحصر بإلغاء قانون أو قرار أو تخفيض أسعار أو ضرائب وليس من باب العمل السياسي المنظم عبر برنامج محدد برؤية محددة ورسالة منضبطة، وسبب الاقتصار في الفعل السياسي على هذا اللون يعود إلى وضع سياسي أعوج وغير سوي لا ينفع معه العمل السياسي الحزبي المنظم، ولا طريق إلّا من خلال ممارسة الضغط عبر الشارع.
أردت أن أقول في نهاية المطاف أن حركة الشارع وحركات الاحتجاج لا تشكل بديلاً عن العمل السياسي الحزبي المنظم، وليست بديلاً عن البرامج السياسية الواضحة، ولا تغني عن التنظير السياسي الهادىء، بل يمكن الجزم أن الفعل الاحتجاجي في غياب وجود أحزاب سياسية مستقرة، وفي غياب قوى سياسية برامجية معروفة سلفاً يصبح بلا جدوى وبلا عواقب مضمونة، ويكون خارج دائرة القياس ويخلو من معايير النجاح وهو نوع من المغامرة غير المحسوبة. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/17 الساعة 00:23