آفة وطنية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/15 الساعة 23:25
لا تغيب عن عين الراصد للحياة العامة في بلدنا، بمكوناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أن بلدنا ابتلي خلال السنوات الأخيرة بسلسلة من الآفات، التي تحول بينه وبين حل مشكلاته، ومن ثم العبور عبر هذا الحل إلى استئناف مسيرة التقدم والتطور، كما كان عليه الحال في العقود الأولى من تأسيس الدولة الأردنية الحديثة. أول الآفات التي أصيب بها الأردنيون خلال السنوات الأخيرة هي غياب قيمة الدولة ودورها في وجدانهم، ومن ثم في سلوكهم، فقد كان الأردني مهما كان موقعه أو كبر نفوذه العشائري أو الحزبي أو الوظيفي ينظر إلى نفسه على أنه أصغر من وطنه ودولته، وكان ينصاع إلى حكم القانون، وهيبة الدولة المبنية على الثقة بها حتى في أشد ساعات الاختلاف بين الأردني ودولته، كان ذلك قبل أن تضلنا سنوات عجاف، صار الكثيرون فيها يرون أنفسهم أكبر من الوطن والدولة، وصارت علاقتهم بالدولة الأردنية مجرد جواز سفر ومكاسب مادية، يريدونهما بلا مقابل، بدليل أن جل هؤلاء يحملون جنسيات وجوازات سفر غير أردنية، وهم على استعداد كامل لمغادرة الأردن عند أول منعطف قد يهدد مصالحهم، وأكثر هؤلاء أما من محدثي النعمة أو من جذور اجتماعية ساقطة جل همهم المال والمال وحده. هذا تغيير جوهري في علاقة الأردني بدولته وهو تغيير يفسر لنا الكثير من الظواهر المرضية التي غزت المجتمع الأردني، أولها أن الكثيرين من الذين يعيشون على أرض وطننا صارت لديهم رغبة شديدة بإيذاء هذا الوطن، من خلال ميل مرضي لديهم لتصديق كل الأكاذيب والإشاعات التي تمس بلدنا، وتهز الثقة به وبمؤسساته، وهذه الفئة من الناس لا تترد في استغلال حتى فواجعنا، كفاجعة البحر الميت وفاجعة السيول التي تلتها في مليح وغيرها لتصفية حسابات شخصية، وتمرير أجندات خاصة، ولممارسة الابتزاز، ومن ثم إيذاء وطننا من خلال تشويه صورته، ومن أبشع صور ومظاهر هذا التشويه لصورة الوطن الفيديوهات المزورة والمفبركة، حول الفواجع، وهما فبركة وتزوير لا يقتصران على فاجعة البحر الميت وفاجعة السيول، فالأمثلة كثيرة وكلها تصب في الإصرار على إيذاء وطننا بطرق كثيرة منها تشويه صورته. إن نمو إحساس البعض بأنهم أكبر من الدولة، أنتج لديهم سلوكاً متطاولاً على الدولة ومؤسساتها، ومن ثم على المال العام، ساعدهم على ذلك أننا ابتلينا خلال الحقبة الأخيرة بمسؤولين يعانون من ضعف شديد، ومن أيدي مرتجفة ولا يجرؤون على اتخاذ قرارت حاسمة، ومن ثم فإنهم أضعف من اتخاذ إجراءات حازمة، كل همهم التمتع بمغانم الموقع العام، أو بالشعبوية الرخصية، وكل إنجازهم ترحيل المشاكل الوطنية، وهو الترحيل الذي فاقم مشاكلنا حتى صار بعضها شبه مستحيل على الحل، بينما صار حل جلها أكثر كلف مادية واجتماعية وزمنية،أما لماذا وصلنا إلى هذه الحالة فلذلك حديث آخر. الرأي Bilal.tall@yahoo.com
  • اقتصاد
  • الأردن
  • الحديثة
  • قانون
  • مال
  • مليح
  • صورة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/15 الساعة 23:25