الاقتصاد الإبداعي الجديد: هل لدينا فرصة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/08 الساعة 23:31
يعد الاقتصاد الإبداعي الجديد مزيجا من الابتكار في الثقافات والتكنولوجيا والحاجات الجديدة للناس، وهو من أكثر قطاعات الاقتصاد العالمي صعودا ونموا خلال العقود الثلاثة الاخيرة، وتزداد قوة هذا الاقتصاد باطراد، ومن المتوقع ان يكون الاقتصاد الابداعي هو اقتصاد الجيل القادم في الربع الثاني من هذا القرن. وبالفعل بدأت الصناعات الثقافية الابتكارية تشكل الصناعات الثقيلة الجديدة، ولكن بدون مداخن أو وقود أحفوري أو تلوث. هنا نتساءل ؛ هل توجد فرصة للاقتصاد الأردني أن يشكل قطاعات جديدة تحتضن الصناعات الابداعية والثقافية التقليدية والجديدة؟ لكي نواكب ما يحدث في العالم، وهذا المدخل الأساسي اليوم لتدشين قاعدة انتاجية حقيقية ذات جذور اجتماعية.
اليوم، بات حجم اقتصاد الابداع يتجاوز 3.5 تريليون دولار، وتتجاوز مساهمته قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في الولايات المتحدة، وهو قطاع مستقر بل تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية في عام 2008، وحافظ على نمو ما بين 6- 8% سنويا، ويشكل 12 % من التجارة العالمية، ومن الملفت أن مصر حافظت على ريادتها في الصناعات الثقافية والإبداعية وشكلت أكبر مساهمة في الشرق الأوسط وافريقيا، ومع بداية تراجع دور مصر في هذا القطاع الاقتصادي كما بدا واضحا منذ 2008 أخذ الاقتصاد المصري بالتراجع ودخل في سلسلة من الأزمات المعروفة.
تشمل القائمة الجديدة للاقتصاد الابداعي سلسلة طويلة من الصناعات والسلع والخدمات التي عملت التكنولوجيا المعاصرة على إضفاء المزيد من التنوع والجاذبية عليها. تبدأ هذه الصناعات من الحرف اليدوية وصناعات الذاكرة والتذكارات (السوفنير) والفنون (المسرح والموسيقى والغناء والفنون الادائية)، والتصميم والتغليف، والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات،وألعاب الفيديو، والمتاحف، والتصوير، المهرجانات، والدمى، والنشر وصناعة الكتب التلقيدية والرقمية، وصناعة الأفلام والإعلام، وحقوق الملكية الفكرية والأصول المعرفية وغيرها.
علينا أن نتصور مدينة للصناعات الابداعية على أطراف عمان أو بين عجلون وجرش؛ تشمل مجمعات عديدة مؤهلة مثل مجمع للصناعات الحرفية التي تعيد الاعتبار لمئات الايدي الماهرة في الفنون اليدوية يمكن ان توفر عشرات السلع والهدايا، ومجمعات لصناعات التصميم والابتكار في تصميم للملابس والاحذية والديكور الداخلي والأثاث وعشرات السلع والخدمات، ومختلف اشكال التغليف، ومجمعات صناعية أخرى لصناعة الموسيقى والصوت والاضاءة، وأخرى للافلام ومجمع آخر لتطوير العاب الفيديو، ومجمع لصناعات الدمى والعاب الاطفال والقائمة طويلة.
في الحدود الدنيا، فإن مدينة الصناعات الابداعية سوف تنجح في ان تحول الأردن مركزا اقليميا في ثلاث صناعات ابداعية على الاقل؛ على سبيل صناعة التصميم وصناعة التغليف وصناعة الالعاب وجميعها قد توفر على مدى خمس سنوات نحو 15 الف فرصة عمل للشباب، علينا ان نتصور ايضا ان مثل هذه التحولات تحتاج جهود مشتركة وحركة مجتمعية ورسمية تحمل هذا التحول؛ على سبيل المثال انشاء كلية جامعية للصناعات الابداعية كما حدث في عشرات الجامعات في الغرب وفي الهند والصين، وتوجيه مئات الطلبة في مستوى الماجستير والدكتوراه في الجامعات الأردنية لإعداد بحوث تسهم في نقل المعرفة الجديدة وبناء نماذج ابداعية وربما اطلاقة منصة وطنية لدعم الافكار الابداعية في الصناعات الثقافية.
قبل كل ذلك، علينا التقدم خطوة الى الامام بتشريع قانون لحماية الصناعات الثقافية والابداعية من أجل توفير حماية للثقافة التي ينتفع بها الناس والتي تشكل اليوم أساس ثروات الأمم في العالم الجديد. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/08 الساعة 23:31