المهن والثورة من الداخل
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/08 الساعة 00:29
في سياق البحث عن نظرية للتغيير قابلة للتطبيق بهدف تحقيق تحولات هيكلية في الاقتصاد والمجتمع لصالح الانتاج، وتفكيك العلاقات الريعية التقليدية والتخلص من أسر الوظيفة الحكومية نحتاج اليوم إلى نظرية جريئة للتغيير تقوم على نموذج الحل المتعددة المداخل أي الحل الذي يعني مصفوفة من الحلول الأخرى في الوقت نفسه، إن تعزيز مساهمة الإنتاج المحلي في الدخل الوطني لم تكن في يوم ما مسألة اقتصادية بحتة، بل هي مزيج سياسي وثقافي واقتصادي، لذا فإعادة بناء مجتمع الإنتاج قبل دولة الإنتاج يحتاج بيئة سياسية قادرة على إحداث ثورة ثقافية نحو قيم الإنتاج وثورة تنظيمية في المهن والأعمال والأسواق.
ثمة ثلاثة مصادر للاختلالات المزمنة تفسر جانبا من التشوهات الاقنصادية والاجتماعية؛ الأول: حجم القطاع العام ومكانة الوظيفة الحكومية ومركزيتها عن الأردنيين. والثاني: ضعف انخراط الأردنيين في المهن وفشل النظام التعليمي في خلق إزاحة حقيقية في بنية المهن وتشكيلها. والثالث اتساع القطاع غير المنظم أو غير الرسمي أي الأعمال والمهن التي يقوم بها عادة أفراد أو مجموعات صغيرة غير مسجلة ولا تخضع لأنظمة الضرائب والسجلات الرسمية ولا تخضع للتنظيم، ولكنها تمارس أنشطة غير ممنوعة، ورغم أن الأردن وقع مع منظمة العمل الدولية في 2015 إطار عمل للاقتصاد غير المنظم، ولكن من ذلك الوقت لم نلمس تطورات جادة مع ازدياد توسع هذا القطاع حيث تذهب بعض التقديرات إلى أنه يتجاوز أكثر من 35 % من القوى العاملة.
المسألة بكل بساطة أنه حينما يكون نصف الاقتصاد ونصف سوق العمل غير منظم ولا يخضع للسجلات الرسمية ولا لأنظمة الضرائب ولا للمساءلة ولا ضبط الجودة ولا معايير عمل واضحة ولا حماية قانونية، فإنه ليس من المستغرب أن نشهد كل هذه التشوهات الاقتصادية وتواضع العدالة الاجتماعية.
نظرية التغيير المطلوبة يجب أن تتوجه إلى إحداث ثورة حقيقية في تنظيم المهن تعمل على إعادة الاعتبار للمهن وتخلق جاذبية حقيقية لها في أوساط الشباب من الجنسين، وتعمل على حماية حقوق المجتمع في تلقي خدمات مهنية بجودة عالية ومسؤولية وتحمي حقوق الخزينة العامة، ومن بين الأفكار الأساسية التي يجب الذهاب إليها:
اولا: تنظيم المهن؛ التوسع في التنظيم الرسمي والذاتي من خلال الاتحادات المهنية والنوعية وجمعيات أرباب المهن والأعمال والنقابات الجديدة التي يجب ان تتمتع بقوة في ضبط هذه المهن وحماية حقوق العاملين فيها، وحماية حقوق المجتمع في تلقي خدمات ومنتجات جيدة بعيدا عن الغش والمماطلة أو حتى النصب. علينا أن نتصور اتحادا لعمال البلاط الأردنيين يضع معايير للجودة للمهنة ومعايير دخول لها وشهادة مزاولة مهنة ونظاما لتلقي الشكاوى، فكيف سينعكس ذلك على ازدهار المهنة وتطورها، وقس على ذلك عشرات المهن المشابهة.
ثانيا: منظومات وطنية للجودة والرقابة للمهن؛ اي تطوير مواصفات قياسة للخدمات المهنية يرجع اليها المجتمع وتفرز نظم مساءلة ضمن مواصفات واضحة ومقرة رسميا ضمن أطر تشريعية تقوم على نفاذها الأطر التنظيمية المهنية ومؤسسات الدولة، علينا أن نتصور عشرات المواصفات القياسية لأعمال الدهان والكسارة وصيانة السيارات وأنظمة التبريد والتكييف وغيرها من عشرات الخدمات الفنية، علينا أن نتصور ادلأدلة مرجعية للمواصفات والجودة، هكذا نخلق مهن ذات ماكنة وجاذبية.
ثالثا: ثورة حقيقية في نظم التعليم والتدريب؛ رغم الحديث والخطط التي لم تنته عن إصلاح نظم التعليم والتدريب المهني، لكن الى اليوم لم نلمس أي إزاحة حقيقية رغم عشرات المبادرات؛ بكل بساطة الثورة المطلوبة تعني نظام تعليم وتدريب وطنيا لخلق طبقة من العمال المهرة تعمل بالتدريج لخلق إزحة تاريخية في أسواق العمل ومكانة ودور لهذه الطبقة.
رابعا: قوة ودور ومكانة طبقة العمال المهرة؛ وهذا يتطلب ثورة تشريعية وإجرائية في زيادة مشاركة هذه الطبقة وزيادة جاذبيتها؛ علينا تصور نظم انتخابية في البرلمان واللامركزية والأندية والهيئات التمثيلية الأخرى على أسس قطاعية وإنتاجية توفر تمثيلا حقيقيا لهذه الفئات. هكذا تخلق الثورات وتعيد تشكيل المجتمعات. الغد
ثمة ثلاثة مصادر للاختلالات المزمنة تفسر جانبا من التشوهات الاقنصادية والاجتماعية؛ الأول: حجم القطاع العام ومكانة الوظيفة الحكومية ومركزيتها عن الأردنيين. والثاني: ضعف انخراط الأردنيين في المهن وفشل النظام التعليمي في خلق إزاحة حقيقية في بنية المهن وتشكيلها. والثالث اتساع القطاع غير المنظم أو غير الرسمي أي الأعمال والمهن التي يقوم بها عادة أفراد أو مجموعات صغيرة غير مسجلة ولا تخضع لأنظمة الضرائب والسجلات الرسمية ولا تخضع للتنظيم، ولكنها تمارس أنشطة غير ممنوعة، ورغم أن الأردن وقع مع منظمة العمل الدولية في 2015 إطار عمل للاقتصاد غير المنظم، ولكن من ذلك الوقت لم نلمس تطورات جادة مع ازدياد توسع هذا القطاع حيث تذهب بعض التقديرات إلى أنه يتجاوز أكثر من 35 % من القوى العاملة.
المسألة بكل بساطة أنه حينما يكون نصف الاقتصاد ونصف سوق العمل غير منظم ولا يخضع للسجلات الرسمية ولا لأنظمة الضرائب ولا للمساءلة ولا ضبط الجودة ولا معايير عمل واضحة ولا حماية قانونية، فإنه ليس من المستغرب أن نشهد كل هذه التشوهات الاقتصادية وتواضع العدالة الاجتماعية.
نظرية التغيير المطلوبة يجب أن تتوجه إلى إحداث ثورة حقيقية في تنظيم المهن تعمل على إعادة الاعتبار للمهن وتخلق جاذبية حقيقية لها في أوساط الشباب من الجنسين، وتعمل على حماية حقوق المجتمع في تلقي خدمات مهنية بجودة عالية ومسؤولية وتحمي حقوق الخزينة العامة، ومن بين الأفكار الأساسية التي يجب الذهاب إليها:
اولا: تنظيم المهن؛ التوسع في التنظيم الرسمي والذاتي من خلال الاتحادات المهنية والنوعية وجمعيات أرباب المهن والأعمال والنقابات الجديدة التي يجب ان تتمتع بقوة في ضبط هذه المهن وحماية حقوق العاملين فيها، وحماية حقوق المجتمع في تلقي خدمات ومنتجات جيدة بعيدا عن الغش والمماطلة أو حتى النصب. علينا أن نتصور اتحادا لعمال البلاط الأردنيين يضع معايير للجودة للمهنة ومعايير دخول لها وشهادة مزاولة مهنة ونظاما لتلقي الشكاوى، فكيف سينعكس ذلك على ازدهار المهنة وتطورها، وقس على ذلك عشرات المهن المشابهة.
ثانيا: منظومات وطنية للجودة والرقابة للمهن؛ اي تطوير مواصفات قياسة للخدمات المهنية يرجع اليها المجتمع وتفرز نظم مساءلة ضمن مواصفات واضحة ومقرة رسميا ضمن أطر تشريعية تقوم على نفاذها الأطر التنظيمية المهنية ومؤسسات الدولة، علينا أن نتصور عشرات المواصفات القياسية لأعمال الدهان والكسارة وصيانة السيارات وأنظمة التبريد والتكييف وغيرها من عشرات الخدمات الفنية، علينا أن نتصور ادلأدلة مرجعية للمواصفات والجودة، هكذا نخلق مهن ذات ماكنة وجاذبية.
ثالثا: ثورة حقيقية في نظم التعليم والتدريب؛ رغم الحديث والخطط التي لم تنته عن إصلاح نظم التعليم والتدريب المهني، لكن الى اليوم لم نلمس أي إزاحة حقيقية رغم عشرات المبادرات؛ بكل بساطة الثورة المطلوبة تعني نظام تعليم وتدريب وطنيا لخلق طبقة من العمال المهرة تعمل بالتدريج لخلق إزحة تاريخية في أسواق العمل ومكانة ودور لهذه الطبقة.
رابعا: قوة ودور ومكانة طبقة العمال المهرة؛ وهذا يتطلب ثورة تشريعية وإجرائية في زيادة مشاركة هذه الطبقة وزيادة جاذبيتها؛ علينا تصور نظم انتخابية في البرلمان واللامركزية والأندية والهيئات التمثيلية الأخرى على أسس قطاعية وإنتاجية توفر تمثيلا حقيقيا لهذه الفئات. هكذا تخلق الثورات وتعيد تشكيل المجتمعات. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/08 الساعة 00:29