رسالة السلام أمانة في أعناق بني هاشم
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/02 الساعة 11:16
الدكتور عناد الطعاني *
"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ . وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"
مهما بلغنا من فصاحة فلن نوفي رسالة السلام حقها، ومهما أخرجنا من ثنايا البلاغة من معانٍ سيبقى قصور الكلمة يعجزنا، فمن تجلّاه مشهد خطابكم ستأخذه النشوة عالياً، وسيردد بكل ثقةٍ نعمة حضور الهاشميين تاجاً فوق الرؤوس، ولن يزداد كل نشميّ حر إلا وفاءً وولاءً لآل البيت النبلاء.
تكريمكم مولاي في كاتدرائية واشنطن الوطنية وسام فخرٍ على جبين كل عربيٍ حرّ، أزال كلّ شائبة أو شبهة عن الإسلام وروحه السمحة، وكلماتكم كانت بمثابة البلسم الشافي تجلّى في وجوه أبناء كل الديانات، ولمحناه في تقاسيم وجوه الحاضرين الذين سمعوا آيات القران تتلى من حفيد النبي لتقع بما فيها من العمق والمعاني السامية برداً وسلاماً على قلوب الحاضرين، وقد بدى أنهم مدركون لمعانيها، مؤيدون لما ورد فيها... فهكذا يكون الدعاة وهكذا تكون الدعوة.
فالجائزة التي تسلمتموها جلالة الملك لم تكن جائزة كغيرها من الجوائز، بل كانت وكما شهد الملايين تجديداً للدعوةٍ وتأكيداً لمبادئ رسالة سماوية محمدية قائمةٍ على نشر القيم الإيجابية، أساسها الإحسان المتبادل والوئام والأخوّة.
جاء الخطاب مؤكداً لمبادئ الإسلام السمحة، فالجهاد الأكبر الذي بذله أولو العزم من الرسل كان نبراساً أنار طريق الحق للجميع. ورأينا إشارات الموافقة على وجوه الحاضرين عندما أشرتم جلالة الملك أن راهباً بيزنطياً هو من شهد أن محمداً سيكون نبياً، وأن أرض الأردن ارتباطها وثيق برسالة التوحيد المنبثقة من رسل أولي العزم.
كنت يا سيدي رجل المهمة الذي يشرفنا بكل أمانة ومسؤولية، فحين تحدثت بكل ثقةٍ عن الجهاد كانت علامات التعجب جليّةً واضحة على محيّى الحاضرين والشوق لسماع المزيد بحواس صاغية توّاقة، فكما أشرتم فهذا المكان لم يعتد تلك العبارات، ولو لم تكونوا جلالتكم فلن يخرج صداها وصدى الآيات الكريمة أبداً في ذلك المكان. فالجهاد الأكبر ليس خزعبلات وافتراءات إرهاب داعش ومن على شاكلتهم على الإسلام، وليس الأكاذيب التي يروجها الإرهابيون عن ديننا الحنيف مما يروَّج على الله ورسوله الكريم كذباً أن القسوة وانعدام العقل والتطرف والانتقائية واجتزاء تفسير الآيات والأحاديث النبوية هي الإسلام.
إسلامنا دين الرحمة والإحسان والتسامح، وديننا الشمولي هو ما يؤمن به أكثر من 99% من أتباع هذا الدين، وكم كان صوت رسالة الإسلام قوياً بكم حفيد الأنبياء وأنتم تجهرون بأن تعاليم الإسلام ومبادئه تدعو إلى حبّ الله ورسوله، وحبّ الجار والإحسان إليه، والمحبة والسلام ونشرهما في كل مكان.
أشرتم سيدي وأنتم المفوضون بالدفاع عن دين جدكم العظيم أنكم تسعون للدفاع عن هذا الدين الحنيف ضدّ أقلية حاقدة خبيثة لا تنشد لتحقيق هدفها رضا الله ورسوله، بل على العكس تماماً، هم من يشوهون صورة هذا الدين ويسيئون إليه.
وافقك كل الحضور أن القدس الشريف مكان مقدس لأكثر من نصف سكان العالم من أتباع الديانات السماوية، وأن الشّر يسود عندما يعجز الصالحون عن العمل، وهذا بالضبط هو المعنى الحقيقي للجهاد، ألا وهو الكفاح وسط هذه الظلمة لإعلاء الحق وإظهار والحقيقة.
إن رسالتكم جلالة الملك هي رسالة عالمية شاملة، تبرز جوهر وحقيقة الإسلام، هي الرسالة الحقّة التي إن أردنا نشر الإسلام وتعاليمه السمحة فعلى كل داعية حملها بين جنباته وفي أعماق ضميره.
رسالة جدّكم الأعظم هي آخر الرسالات وأشملها، ورسالة جلالتكم التي حظيت بالرضا والإعجاب من أتباع كل الرسل أولي العزم هي الرسالة التي يجب حملها إن أردنا إظهار الجانب الحقيقي لديننا الحنيف. ولا ريب أن هذه الرسالة القيّمة وهذا الخطاب العالميّ الأول من نوعه الذي يدافع عن رسالة الإسلام في هذا المكان لهو التأكيد أنكم بني هاشم الميامين الأتقياء الأنقياء أنتم وليس غيركم من أخذتم على عاتقكم حمل هذه الأمانة ونشرها، وهي همكم وبحفظكم الى أن يرث الله الأرض وما عليها.
فسلامٌ على بني هاشم الأمناء على الرسالة، من الرسول الأعظم وصولاً لسليل الدوحة الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
* دائرة الجمارك الأردنية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/02 الساعة 11:16