خطبة الجمعة ما بين النمطية.. وغياب المتخصصين!!!
لن اتحدث عن الخطبة الموحدة، المعدة من قبل وزارة الأوقاف، وتاثيراتها على هذه الشعيرة المهمة والاساسية من الشعائر الدينية، والتي يتوجب على المصلين الاستماع لها، ويحرص الجميع على متابعتها، والتي يعتبر الانصات لها جزءا من هيبة يوم الجمعة وركنا من اركان الصلاة. ولن اتوقف عند ما اذا كان دور وزارة الأوقاف هو تحديد موضوع الخطبة او كتابة نصها وارساله الى خطباء المساجد...فللوزارة راي في ذلك.
ولن اتحدث عن عملية التسجيل لوقائع الخطبة « الفيديو» التي تتم في المساجد، سواء اكانت لغايات التوثيق او الرقابة، حيث يتم تكليف احد الأشخاص بتسجيل الخطبة كاملة وارسالها الى الوزارة .
فقد قيل في هذا الشأن الكثير الكثير، دون ان تغير وزارة الأوقاف من قناعاتها، ولا من إجراءاتها بهذا الخصوص.
ما اريد التوقف عنده هنا هو موضوع» نمطية» خطبة الجمعة، وغياب التاهيل للكثير من الخطباء، الامر الذي افقدها جانبا كبيرا من الاهتمام بها، وبالتالي تراجع تاثيرها بين الناس.
الملاحظ في الكثير من المساجد ان خطبة الجمعة محكومة بعدة معطيات:
أولها، قصر مدة الخطبة حيث لا تزيد مدتها عن 12 دقيقة فقط، بما في ذلك المقدمة والدعاء.
ثانيها، انه لا تغيير في المقدمة، فعلى سبيل المثال اصلي في أحد المساجد في ضواحي العاصمة منذ ما يزيد عن خمس سنوات، واستمع الى مقدمة الخطبة بنفس النص والكلمات والاحرف، ولا تتغير تلك الكلمات الا عندما يغيب الخطيب ويحضر آخر للخطابة مكانه، وبحيث أصبحت لكل خطيب مقدمته التي يلتزم بها.
ثالثها، هو الدعاء ذاته، والخاتمة ذاتها، وبالنص والكلمات ذاتها أيضًا.
رابعها: قراءة نص الخطبة الذي لا يتجاوز 8 دقائق، والذي قد يكون معدا من غير الخطيب، فإما ان يكون مأخوذا عن الانترنت، او مرسلا من قبل وزارة الأوقاف، وفي كلتا الحالتين فإن النص لا يشجع على التفاعل والمتابعة.
ما اريد قوله هنا، ان هناك شكوى عامة من عدم تاثير خطبة الجمعة كواحدة من اهم عناصر منبر المسجد، يساعد في ذلك تدني المستوى التعليمي للكثير من الخطباء.
ويزيد من حدة المشكلة ان قضايا المجتمع كثيرة ومتعددة ومتشابكة وتحتاج الى متخصصين للحديث فيها والتوعية باخطارها، وفي الكثير منها فإن الامر لا يحتاج الى» شيخ» للقيام بتلك المهمة بل تحتاج الى متخصص .
على سبيل المثال، عندما تكون هناك مشكلة صحية، فالحاجة ماسة الى طبيب او اخصائي صحي للتوعية فيها، وعندما تكون المشكلة سياسية فإنها تحتاج الى متخصص، ومثل ذلك المشكلة الاقتصادية او غيرها.
والسؤال هنا: هل من المفترض ان يكون خطيب الجمعة شيخا؟ وهل يمكن لـ» الشيخ» ان يتحدث في الشأن العام بمختلف عناوينه؟ وهل هناك ما يمنع ان يكون الخطيب طبيبا او اخصائيا في أي شان من شؤون الحياة؟ .
وفي بعد آخر، هل عجزت وزارة الأوقاف عن توفير خطباء مؤهلين في مجال الشريعة؟ فما نعرفه ان هناك الكثير من اساتذة الجامعات المتخصصين في الشريعة، والذين يمكن ان يقوموا بتلك المهمة خير قيام، والذين لا تخرج اجتهاداتهم عن السياق الوطني العام.
أسئلة برسم الإجابة بين يدي وزارة الأوقاف..!!
الدستور