مجلس إدارة شركة ’ميتسوبيشي موتورز‘ يقيل كارلوس غصن
مدار الساعة - أعلن مجلس إدارة شركة "ميتسوبيشي موتورز" اليابانية لصناعة السيارات الاثنين إقالة رئيسه كارلوس غصن بعد إجراء مماثل في حقه اتخذته شركة "نيسان" إثر اتهامه بمخالفات مالية، ما يضع حدا لمسيرة رجل الأعمال الذي أنقذ الشركة اليابانية.
في أعقاب توقيفه المفاجئ الإثنين الماضي، يبدأ رجل الأعمال الفرنسي البرازيلي من أصل لبناني، أسبوعه الثاني في مركز احتجاز في اليابان بتهمة اخفاء جزء من عائداته بمقدار حوالى 44 مليون دولار على مدى سنوات، وهو متهم أيضاً باستغلال ممتلكات الشركة لمنفعته الخاصة.
واعتبر أعضاء مجلس إدارة الشركة في بيان مقتضب أنه "من الصعب" إبقاء غصن في منصبه بعد توقيفه منذ أسبوع في طوكيو.
وبعد اجتماع طارئ لكبار المدراء في "ميتسوبيشي موتورز" في طوكيو استمر لأكثر من ساعة، أعلنت الشركة "خلال اجتماع المجلس اليوم، تقرر إقالته (غصن) كرئيس لمجس الإدارة".
والأحد، نفى غصن أي إخفاء لعائداته وعمليات الاختلاس التي اتُهم بها. ولدى استجوابه، لم يستخدم غصن حقه في التزام الصمت وأشار إلى أنه لم تكن لديه يوما نية لإخفاء عائدات، وفق ما نقل التلفزيون عن مصادر لم يحددها.
ويأتي قرار"ميتسوبيشي موتورز" الاثنين بعد أيام من قرار مماثل لشركة "نيسان" الخميس الفائت.
وقرر مجلس إدارة نيسان بالإجماع الخميس إقالة غصن من رئاسة المجلس، في انقلاب مفاجئ لحياة غصن الذي ينسب له النجاح في تغيير مصير تحالف نيسان-رينو-ميتسوبيشي.
وقال المدراء "بعد مراجعة تقرير مفصل لتحقيق داخلي، صوت مجلس الادارة بالإجماع لإقالة كارلوس غصن من منصب رئيس مجلس الإدارة".
وكان غصن البالغ 64 عاماً موضع إشادة لسنين طويلة لإنقاذه نيسان من الإفلاس أوائل الألفية، ثم بعد ذلك لإنقاذه ميتسوبيشي موتورز، بموازاة إقامته تحالفاً متينا مع مجموعة رينو الفرنسية.
ويشتهر غصن بإعادة هيكلة رينو ونيسان منذ أعوام التسعينات، وهبت رينو إلى نجدة مصنع السيارات الياباني في 1999 وكلفت غصن خفض التكلفة والوظائف في عملية ضخمة لإعادة هيكلة الشركة.
في 2016 تولى غصن مهام ميستوبيشي التي كانت تواجه صعوبات بعد أن انقذتها نيسان بشراء ثلث أسهمها مقابل 2.2 مليار دولار فيما كانت تواجه فضيحة التلاعب ببيانات قراءات استهلاك الوقود التي أدت إلى تراجع المبيعات.
لكن التحالف الثلاثي أصبح في مهب الريح إذ أن غصن كان يعد حلقة الوصل الوحيدة بين التحالف الياباني الفرنسي التي تبعد مقرات شركاته عن بعضها البعض بنحو 10 آلاف كلم.
بدوره نفى مساعده غريغ كيلي الذي وصف بأنه العقل المدبر للمخالفات المفترضة، الاتهامات، كما ذكرت تقارير، مشدداً على أن أجور غصن دفعت كما ينبغي.
"اتهامات ملموسة"
وخاطب المدير التنفيذي لنيسان هيروتو سايكاوا الموظفين الإثنين، وكان سايكاوا الذي اختاره غصن بنفسه، أعرب في رسالة الى موظفيه عن "استيائه وخيبة أمله".
وخلال اجتماع استمر 45 دقيقة حضره مئات الموظفين في مقر الشركة في مدينة يوكوهاما اليابانية وتم بثه داخليا إلى مواقع أخرى للشركة، شدد سايكاوا على أن الفضيحة لا ينبغي أن تؤثر على العمليات اليومية للشركة العملاقة.
وعبّر سايكاوا بالفعل عن "استياءه الشديد وخيبة أمله" من الاتهامات الموجهة لمديره، وقال للموظفين "أشعر باستياء كبير وخيبة أمل من الصعب أن أعبّر عنها".
وبحسب وسائل إعلام محلية قامت نيسان بتشكيل خلية "سرية" داخل الشركة للتحقيق في المخالفات المالية المفترضة.
وسرع المدراء تحقيقاتهم وسط قلق من أن غصن كان يعمل على عملية دمج كامل بين نيسان ورينو، بحسب وكالة كيودو للأنباء دون تسمية مصادرها.
ورينو هي الشريك المهيمن في التحالف وتملك 43% من أسهم نيسان، لكن الشركة اليابانية تتفوق في المبيعات على نظيرتها الفرنسية، ما يثير مخاوف في طوكيو بشأن توازن القوى.
وتملك الحكومة الفرنسية 15% من رأسمال شركة رينو، وقررت رينو دعم غصن حتى الآن، وكلفت نائبه تييري بولوريه بمتابعة أعمال الشركة مؤقتاً.
والتحالف الثلاثي مجتمعاً هو المنتج الأول للسيارات في العالم، حيث بيع من منتجاته 10.6 مليون سيارة، ويوظف التحالف نحو 450 ألف شخص في أنحاء العالم.
وحض وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الشركة اليابانية على أن تقوم "بسرعة" بتقاسم المعلومات التي جمعتها مؤكداً أن غصن سيبقى على رأس رينو حتى توجيه "تهم ملموسة".
غير أن لومير قال "لا أومن بنظرية مؤامرة" وسط تقارير عن "انقلاب" داخل نيسان لمنع غصن من دمجها مع رينو.
وتكمن الصعوبة الآن في إيجاد بديل مناسب لقيادة التحالف الثلاثي.
وينص النظام الأساسي للتحالف، الذي يقع مقره في هولندا، على أن رينو تعين الرئيس التنفيذي فيما تختار نيسان نائبها.
وقال مصدر قريب من القضية في باريس لوكالة فرانس برس "الحقيقة إنهم يبحثون بالفعل عن بديل. عدم القيام بذلك سيكون أمراً غير مسؤول. يجب أن يكون شخصاً مقبولا لدى اليابانيين والفرنسيين".
وبدا أن المستثمرين يتعافون من الصدمة الأولى لأنباء توقيف غصن، والتي تسببت بخسائر كبيرة في أسهم الشركات الثلاث.
ومع إغلاق بورصة طوكيو، حققت نيسان مكاسب بلغت 2%، فيما بلغت مكاسب "ميتسوبيشي موتورز" أكثر من 3% قبل اجتماع مجلس المدراء.
اتهامات متواصلة
ولا تزال وسائل إعلام يابانية تخرج بتسريبات حول مخالفات مفترضة لغصن.
وقالت صحيفة أساهي شيمبون إن السلطات تخطط لإعادة توقيفه بتهمة التقليل من راتبه بثلاثة مليارات ين أخرى - إجمالي 71 مليون دولار - في السنوات المالية الثلاث التالية.
وبموجب القانون الياباني، يمكن للمشتبه بهم أن يواجهوا مذكرات توقيف إضافية، قد ينجم عنها عقوبات مشددة أكثر. وبموجب التهم الحالية يواجه غصن السجن 10 سنوات و/أو غرامة بقيمة 10 مليارات ين.
وذكرت وكالة كيودو إن نيسان دفعت 100 ألف دولار سنوياً منذ 2002 لشقيقة غصن مقابل دور "استشاري" غير موجود.
وذكرت صحيفة ماينشيني شيمبون الإثنين إن غصن استخدم أموالاً لنيسان لدفع تبرعات لجامعة ابنته، كما أجرى رحلات عائلية من أموال الشركة.
أ ف ب