الهجرة.. هاجس جديد يثير جدلا في المجتمع الأردني
مدار الساعة - لم يعد قرار الهجرة في الأردن ضربا من ضروب الرفاهية، أو بحثا عن حياة أفضل، بل تعدى ذلك ليصبح هروبا من البلد الذي يعاني اقتصاديا، إلى أي مكان في العالم.
وبحسب ما رصد على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كثيرا من الشباب الأردني يبحث عن "أي مكان"، فيما كانت الأنظار سابقا تتجه إلى بلدان معينة تستقبل المهاجرين، كأستراليا، وكندا، والسويد.
ويعتبر العامل الاقتصادي هو الدافع الأول وراء البحث عن الهجرة، وسببه الأول السياسات الحكومية الخاطئة، بحسب اقتصاديين وخبراء اجتماعيين.
وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة بالأردن، ارتفاع معدل البطالة إلى 18.7% للربع الثاني من عام 2018، كما أشار "بيت العمال للدراسات" إلى أن فئة الجامعيين من حملة "البكالوريوس" هم الأكبر من نسبة المتعطلين عن العمل بواقع 23.4%.
أما في ما يتعلق بالفقر فقد كانت آخر نسبة منشورة رسميا عن نسبة الفقراء في المملكة في العام 2010، تبلغ 14.4%، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة.
أستاذ علم الاجتماع، الدكتور فهمي الغزوي، قال لـ"عربي21" إن الهجرة أصبحت ظاهرة اجتماعية منتشرة في الأردن، وأسبابها معروفة هي الفقر والبطالة التي ارتفعت في المملكة بشكل لافت.
وأشار إلى أن الشباب في الأردن يبحثون عن طموحات لا يستطيعون تلبيتها في بلدهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فأصبح الواقع الاقتصادي طاردا لهم إلى بلدان أخرى.
وتابع بأن المجتمع الأردني يفتقر للإمكانيات، في ظل تقصير حكومي في إيجاد مشاريع كبيرة تستوعب الشباب وتساعدهم على تحقيق رغباتهم، مؤكدا أن الفجوة بين الطموحات والإمكانات كبيرة.
وعن انعكاسات الهجرة، سلبا أو إيجابا على المجتمع، أشار الغزوي إلى أن المورد الأول والأساسي للمجتمع الأردني هو الشباب، في ظل غياب المواد الطبيعية، لافتا إلى أن هجرة هذا المورد إلى الخارج سينعكس على التنمية وتطوير المجتمع، برغم أن التحويلات المادية للمغتربين تفيد الاقتصاد المحلي.
وختم بأن إقناع الشباب في عدم الهجرة من الأردن، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وغياب الفرص التي يجب على الدولة توفيرها لهم، مهمة صعبة.
الخبير الاقتصادي، خالد الزبيدي، أشار لـ"عربي21" إلى أن نسبة البطالة وصلت في الأردن إلى قرابة الـ18.6% وهي نسبة مرتفعة جدا بالنسبة للأوضاع في الأردن، إلى جانب أن الفقر ناهز نسبة الـ40%.
ولفت إلى أنه مع نقص فرص العمل، وارتفاع تكاليف المعيشة، ولجوء الحكومة وسياستها المالية إلى جيب المواطن لحل مشاكلها، كلها ساعدت على توجه الشباب إلى البحث عن أماكن للهجرة إليها.
وأكد أن تحول الهجرة إلى هاجس لدى الشباب سيخلق نوعا من هجرة العقول إلى الخارج، علاوة على نصف مليون أردني مغتربين بالأصل، جلهم في دول الخليج العربي، وإن هذا من شأنه أن يضعف النمو الاقتصادي والوصول إلى الحداثة.
وأشار الزبيدي إلى أن الهجرة ليست خيارا سهلا، بل مغامرة، وتحتاج إلى مبالغ مالية ليست بالقليلة.
وحمل الخبير الاقتصادي الحكومة الحالية، والحكومات السابقة، مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد، لكونها تبحث عن الحلول السهلة والسريعة، والتي تكون غالبا على حساب المواطن العادي.
ولفت إلى أن بعض الوجهات التي يهاجر إليها الأردنيون، مثل تركيا، ومصر، ودول أخرى، ليست وجهات مناسبة للهجرة، لكنها قد تكون جيدة لمن يملك رأس مال ويبحث عن استثمار، أو يكون متقاعدا يبحث عن مكان أفضل للمعيشة.
وأشار إلى أن أحد الحلول البديلة للهجرة، هو توجه الشباب الأردني إلى أعمال طالما كانت حكرا على العمالة الوافدة، كالزراعة، والصناعات، والحرف اليدوية، مستدركا بأن هذا الخيار أيضا ليس سهلا لنقص الخبرة عند الشاب الأردني، بعكس العمالة الوافدة التي اكتسبتها على مر عشرات السنوات.
وختم بأن على الحكومة العمل على تشجيع المشاريع الصغيرة، وتعديل سياساتها الاقتصادية، والتفكير إلى الأمام بشكل استراتيجي. عربي 21