مواقف الاردن في القمم العربية .. صوابية رؤية تجاه قضايا الامة
مدار الساعة- بعد نحو 16 عاما من استضافة الأردن للقمة العربية في دورتها الثالثة عشرة عام 2001، يؤكد خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني امام المشاركين آنذاك، صوابية الرؤية الأردنية وقدرة القيادة على تشخيص الواقع والتحذير من تداعياته على مستقبل الامة.
جلالته قال حينها، ان الامة العربية عانت عبر العقود الماضية من الخلافات والصراعات وغياب التضامن العربي وتراجع مفهوم العمل العربي المشترك فاستهان بها القاصي والداني، محذرا من ان المواطن العربي اصبح يشعر بالإحباط والمرارة وانعدام الثقة بالنفس والمستقبل.
وفي تشخيص جلالته للحل، قال امام القادة المشاركين في القمة، "آن لنا ان نطوي صفحة الماضي وان نتجاوز ما بيننا من خلافات ونفتح صفحة جديدة في العمل العربي المشترك بقلوب صافية وضمائر نقية تجسد ما بيننا من اخوة وروابط مقدسة ومصالح مشتركة".
كلمات جلالته لخصت واقعا عربيا مريرا، لكنه -على مرارته- لم يصل حالة التشظي ودائرة العنف التي يشهدها اليوم، ما يجعل الأنظار تتجه نحو القمة المقبلة التي تستضيفها المملكة نهاية شهر اذار المقبل، لتحقيق تطلعات الشعوب العربية نحو اليات تتصدى للتحديات التي تواجهها الامة والتحولات التاريخية التي يشهدها العالم.
والرد على هذا التحدي جاء أيضا على لسان جلالته آنذاك، عندما قال امام القمة، ان التحديات التي تواجه الامة والمتغيرات التي يشهدها العالم "تجعل من العسير ان لم يكن من المستحيل على اي قطر من اقطارنا ان يتصدى لها منفردا".
وأشار جلالته الى عوامل القوة في العالم العربي للخلاص من هذا الواقع: "ان ما بين الاقطار والشعوب العربية من عوامل الوحدة والقواسم المشتركة ما يجعلها اكثر تجانسا واقرب الى تحقيق طموحات الشعوب العربية في الوحدة والتضامن والتكامل من اي تجمع اقليمي او اقتصادي اخر".
واعرب جلالته عن امله بان تكون قمة عمان بداية عهد جديد في العمل العربي المشترك وانطلاقة حقيقية باتجاه التضامن والتكامل العربي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والامن القومي.
ما قاله جلالته قبل 16 عاما، كانه قيل بالأمس ويصلح لان يكون خطاب اليوم، في ظل واقع عربي يشهد تفتيتا ممنهجا وتقسيما على أسس إقليمية وطائفية ومذهبية، وتغول جماعات إرهابية انتقلت بالصراع من الإقليمية الى العالمية.
ان هذا الواقع يجعل العالم العربي احوج من أي وقت مضى لصوت العقل والرؤية الأردنية التي عبر عنها جلالته امام الزعماء العرب قبل عقد ونصف من الزمان، وكان من شأن الاخذ بها تجنيب العالم العربي الكثير من الويلات والمصائب التي حلت به منذ ذلك التاريخ.
والأردن الذي تميز برؤية سياسية ثاقبة، هو الاقدر على قبول تحدي جمع الصف العربي في(قمة عمان التي تعقد في البحر الميت)، لأنه اثبت قوته ومتانة جبهته الداخلية بصموده في وجه التحديات التي تعصف بالإقليم، وحفاظه على نفسه بحكمة قيادته ووعي شعبه، الذي يتحمل أعباء ازمة اقتصادية فرضتها متغيرات إقليمية وازمات سياسية لم تصمد في وجهها دول وشعوب تمتلك مقدرات اقتصادية اكبر بكثير من الأردن.
ان الاردن المعروف بشح موارده التي فاقمتها تبعات الازمة السورية الضاغطة منذ نحو ستة أعوام على مقدراته وبناه التحتية وقطاعاته الإنتاجية، هو المكان الأنسب لاستضافة القمة في دورتها الـ 13 للبحث في التحديات التي تواجه الامة العربية.
وهذا ما عبر عنه جلالة الملك عبدالله الثاني عند لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط عندما قال "أن الأردن سيبذل كل الجهود لضمان نجاح القمة العربية التي تستضيفها المملكة في دورتها الثامنة والعشرين، وبما يسهم في الوصول إلى رؤية عربية مشتركة لمواجهة أزمات المنطقة"، مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة النهوض بدور الجامعة العربية لتعزيز التعاون العربي وخدمة قضايا الأمة العربية.
ويستضيف الأردن في التاسع والعشرين من اذار المقبل الدورة الثامنة والعشرين لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة للبحث في القضايا الإقليمية وابرزها القضية الفلسطينية واللجوء السوري والإرهاب والتطرف والقضايا العربية الأخرى الساخنة كاليمن وليبيا وغيرها.