هل أسقطت غزة «صفقة القرن»؟
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/22 الساعة 00:13
لم تتوقف حملة «التهويل» لنتائج وتداعيات معركة اليومين الأخيرة في غزة عند حد القول بأنها ألحقت «هزيمة كبرى» وأصابتها بـ»الفشل» و»الانهيار»، وأنها أودت بحكومة نتنياهو إلى الهلاك ... الحملة متواصلة، إذ قد أطلّ علينا من يقول بأن غزة انتصرت على «صفقة القرن» وأسقطتها ... إن كان الأمر استخفافاً بعقول الناس ومشاعرهم، فتلك مصيبة، وأن كان أصحاب هذه التقديرات المجنّحة مؤمنون بما يقولون فالمصيبة أعظم.
ومن غرائب الصدف والأقدار، أن طوفان التصريحات المحتفية بهزيمة إسرائيل وسقوط صفقة القرن، جاء متزامناً مع تحرك لافت للبيت الأبيض، دعا خلاله الرئيس ترامب أركان إدارته ذوي الصلة، لاجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على مشروعه المثير للجدل ... وأنه لم يتوقف حتى بعد أن نجح نتنياهو في «توضيب» حكومته، وإعادة الإمساك بزمام الحكومة والانتخابات المقبلة ... هذه التطورات، لا يتوقف عندها على ما يبدو، بعض الذين لا يرون أبعد من أنوفهم.
والحقيقة أن «صفقة القرن» قائمة فعلاً، ويجري تنفيذ فصولها الرئيسة على الأرض، قبل إعلانها ... وسواء أتم الكشف عنها قريباً أو بعد حين، فإن أخطر ما في هذه الصفقة، هو أنها تشق طريقها في ملفات القدس واللاجئين والأونروا وما يعد لغزة ذاتها، من حلول إنسانية، لا تزيد عن كونها غطاء لأخطر الحلول السياسية، حيث «التهدئة مقابل الغذاء والدواء والكهرباء»، يراد لها وبها، أن تكون مدخلاً لتحويل الانقسام إلى انفصال، وتأبيد حالة «ازدواج السلطة» وانفصالها، فيما تمضي إسرائيل قدماً، ومن دون رادع تقريباً، في تنفيذ أوسع مخططات الزحف الاستيطان في الضفة، وأشمل عمليات التهويد والأسرلة للقدس.
كيف لمسؤول فلسطيني أن يدّعي بأن مواجهة محدودة في الزمان والمكان، لم تلحق تلك الخسائر البشرية والمادية المؤلمة بإسرائيل، قد نجحت في إسقاط مشروع ترامب وإحباط مراميه؟ ... وإن كان الأمر كذلك، فهل نحتاج لأكثر من بضع مواجهات على هذه الشاكلة، لكي ندحر إسرائيل ونستعيد فلسطين التاريخية؟ ... ولماذا الإصرار والحالة كهذه، على طلب التهدئة، وضبط عمليات إطلاق النار، وتوخي الحذر وأدق الحسابات في اختيار الأهداف عند الرد على العدوان الإسرائيلي؟ ... لماذا لا نشعلها حرباً شاملة، فنريح ونستريح، وندفع بالجملة ما يتعين علينا دفعه بالتقسيط من خسائر في الأرواح والممتلكات؟
هل هذا ما يريده الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات؟ ... هل نحن بحاجة لاستعادة خطابات أحمد سعيد، أم أننا بحاجة لخطة استنهاض وطني شامل، عاقلة ورشيدة، تلحظ مواطن القوة والضعف عندنا وعند عدونا؟ ... إن كنا في ذروة الحصار والانقسام قادرين على التسبب بهزيمة إسرائيل وإسقاط صفقة القرن، فما حاجتنا للوحدة الوطنية، وما حاجتنا للمصالحة، وما حاجتنا للوسيط المصري أو الأممي؟ ... ما حاجتنا لبذل الجهود المضنية على مسار الوساطات والوسطاء تارة للتهدئة وطوراً للمصالحة؟
أيها السادة! .... غزة صمدت وقاومت، وحماس أبلت بلاء حسناً في التصدي لعملية خان يونس اللئيمة، أو في الرد على الغارات الإسرائيلية ... غزة لم تعد لقمة صائغة للاحتلال ولا طريقاً مفروشاً بالحرير لجنوده وضباطه ... هذه حقيقة يلمسها القاصي والداني، ولا ينكرها إلا كل خائب أو مكابر.
لكن شتان بين كسب معركة تكتيكية مع الاحتلال، وإعلان النصر المشفوع بادعاءات لا يقبلها عقل ولا يصدقها عاقل ... المشاعر الجيّاشة مطلوبة، لكن العقل البارد مطلوب أكثر في هذه المرحلة، حتى لا يختلط حابل الأوهام بنابل الشعارات البرّاقة، التي ينطفئ مفعولها قبل أن يجف حبرها. الدستور
ومن غرائب الصدف والأقدار، أن طوفان التصريحات المحتفية بهزيمة إسرائيل وسقوط صفقة القرن، جاء متزامناً مع تحرك لافت للبيت الأبيض، دعا خلاله الرئيس ترامب أركان إدارته ذوي الصلة، لاجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على مشروعه المثير للجدل ... وأنه لم يتوقف حتى بعد أن نجح نتنياهو في «توضيب» حكومته، وإعادة الإمساك بزمام الحكومة والانتخابات المقبلة ... هذه التطورات، لا يتوقف عندها على ما يبدو، بعض الذين لا يرون أبعد من أنوفهم.
والحقيقة أن «صفقة القرن» قائمة فعلاً، ويجري تنفيذ فصولها الرئيسة على الأرض، قبل إعلانها ... وسواء أتم الكشف عنها قريباً أو بعد حين، فإن أخطر ما في هذه الصفقة، هو أنها تشق طريقها في ملفات القدس واللاجئين والأونروا وما يعد لغزة ذاتها، من حلول إنسانية، لا تزيد عن كونها غطاء لأخطر الحلول السياسية، حيث «التهدئة مقابل الغذاء والدواء والكهرباء»، يراد لها وبها، أن تكون مدخلاً لتحويل الانقسام إلى انفصال، وتأبيد حالة «ازدواج السلطة» وانفصالها، فيما تمضي إسرائيل قدماً، ومن دون رادع تقريباً، في تنفيذ أوسع مخططات الزحف الاستيطان في الضفة، وأشمل عمليات التهويد والأسرلة للقدس.
كيف لمسؤول فلسطيني أن يدّعي بأن مواجهة محدودة في الزمان والمكان، لم تلحق تلك الخسائر البشرية والمادية المؤلمة بإسرائيل، قد نجحت في إسقاط مشروع ترامب وإحباط مراميه؟ ... وإن كان الأمر كذلك، فهل نحتاج لأكثر من بضع مواجهات على هذه الشاكلة، لكي ندحر إسرائيل ونستعيد فلسطين التاريخية؟ ... ولماذا الإصرار والحالة كهذه، على طلب التهدئة، وضبط عمليات إطلاق النار، وتوخي الحذر وأدق الحسابات في اختيار الأهداف عند الرد على العدوان الإسرائيلي؟ ... لماذا لا نشعلها حرباً شاملة، فنريح ونستريح، وندفع بالجملة ما يتعين علينا دفعه بالتقسيط من خسائر في الأرواح والممتلكات؟
هل هذا ما يريده الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات؟ ... هل نحن بحاجة لاستعادة خطابات أحمد سعيد، أم أننا بحاجة لخطة استنهاض وطني شامل، عاقلة ورشيدة، تلحظ مواطن القوة والضعف عندنا وعند عدونا؟ ... إن كنا في ذروة الحصار والانقسام قادرين على التسبب بهزيمة إسرائيل وإسقاط صفقة القرن، فما حاجتنا للوحدة الوطنية، وما حاجتنا للمصالحة، وما حاجتنا للوسيط المصري أو الأممي؟ ... ما حاجتنا لبذل الجهود المضنية على مسار الوساطات والوسطاء تارة للتهدئة وطوراً للمصالحة؟
أيها السادة! .... غزة صمدت وقاومت، وحماس أبلت بلاء حسناً في التصدي لعملية خان يونس اللئيمة، أو في الرد على الغارات الإسرائيلية ... غزة لم تعد لقمة صائغة للاحتلال ولا طريقاً مفروشاً بالحرير لجنوده وضباطه ... هذه حقيقة يلمسها القاصي والداني، ولا ينكرها إلا كل خائب أو مكابر.
لكن شتان بين كسب معركة تكتيكية مع الاحتلال، وإعلان النصر المشفوع بادعاءات لا يقبلها عقل ولا يصدقها عاقل ... المشاعر الجيّاشة مطلوبة، لكن العقل البارد مطلوب أكثر في هذه المرحلة، حتى لا يختلط حابل الأوهام بنابل الشعارات البرّاقة، التي ينطفئ مفعولها قبل أن يجف حبرها. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/22 الساعة 00:13