العودات يكتب: خطورة مفهوم خطاب الكراهية في مشروع قانون الجرائم الالكترونية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/21 الساعة 15:15

المحامي الدكتور غازي العودات

أخطر ما ورد بمشروع قانون الجرائم الإلكترونية هو ادراج مفهوم “خطاب الكراهية” حيث فرضت عقوبة على ناشر خطاب الكرا?یة عبر الوسائل الإلكترونیة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزید على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة الآف ولا تزید عن عشرة الآف دینار على كل من نشر او أعاد نشر ما یعد خطاب كرا?یة عبر الشبكة الملعوماتیة او الموقع الالكتروني أو أنظمة المعلومات.

رغم اتساع معنى خطاب الكراهية الا أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اول من طرح هذا المصطلح في مشروع القانون الذي تقدم به الى البرلمان الفرنسي والذي يقضي بالمسؤولية الجنائية عن الانكار العلني لوقائع الابادة الجماعية للهولوكوست ومعاداة السامية وخطاب الكراهية ضد اليهود وينسحب ذلك على الهولوكوست (محرقة اليهود) وابادة الارمن في عهد الامبراطورية العثمانية في الاعوام 1915 -1917، الا أن المجلس الدستوري - بسبب تشكيك النواب في مدى تطابق مشروع القانون مع الدستور- رفض المشروع واعتبره انتهاكاً لمبدأ حرية التعبير المنصوص عليه في الدستور الفرنسي.

بالعودة الى مشروع قانون الجرائم الالكترونية نجد انه يعرف خطاب الكراهية بــــ كل قول أو فعل من شأنه أثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الاقليمية أو الدعوة للعنف أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر الاشاعات بحق أي شخص من شأنها الحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته.

الجزء الاول من التعريف المتعلق باثارة الفتن فقد تم تجريمة في قانون العقوبات ولا ضرورة لاعادة معالجته تشريعياً من جديد أما الجزء الثاني الوارد في تعريف خطاب الكراهية والمتعلق بنشر الإشاعات بحق أي شخص من شأنها إلحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته فهو الغاية الحقيقة والمراد من التعديل والهدف من وراء ذلك هو تحصين الشخصيات العامة (وزراء ونواب وأعيان وغيرهم) من اي انتقاد او رقابة على اعمالهم بينما المفترض أن المسؤول بمجرد قبوله بالمنصب العام يعتبر معرض لرقابة الرأي العام وعليه تقبل الانتقاد واللوم والمساءلة. أما القول أن الغاية من التعديل هي حماية الاشخاص من الشتم أو الذم أو التحقير فهو غير صحيح لأن هذه الأفعال جميعها تعتبر جرائم معاقب عليها في ظل قانون العقوبات الحالي.

بالاضافة الى اتساع مفهوم خطاب الكراهية فان الخطورة أيضاً تكمن في هذه العبارة (نشر الاشاعات بحق أي شخص من شأنها الحاق الضرر بجسده أو ماله أو سمعته) التي تشمل ايضاً سمعة الاشخاص الاعتباريين، فانتقاد أداء الحكومة او مجلس النواب او اي وزارة او دائرة او مؤسسة رسمية عامة او خاصة او حتى شركة يقع تحت طائلة التجريم مع قسوة وغلو في العقوبة.

خلاصة الامر ان هذه التعديلات القانونية تصطدم بشكل مباشر مع حرية التعبير الواردة في الدستور الا أن مصلحة الشخصيات العامة تقتضي مرور هذه التعديلات ونفاذها حتى لا تتعرض لاي انتقاد كان، لكنهم يتناسون أن الانسان الاردني ?و الذي یؤنسن المكان ویعطي للاردن قیمة ونسوا أيضاً أن التاریخ دائماً یعید نفسه في اللحظات الحالكة.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/21 الساعة 15:15