تمبلتون: 3 اعتبارات مهمة (2)

مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/20 الساعة 01:46
أهمية جائزة تمبلتون التي تسلمها جلالة الملك بالنيابة عن كل الاردنيين، تستند الى ثلاثة اعتبارات، أولها ما تمثله الجائزة من (وزن) ديني وأخلاقي في العالم، فقد تم منحها لـ(47) من كبار الشخصيات العالمية في مجالات الطب والفلسفة والعلوم والمعارف المختلفة، وهي المرة الاولى التي تمنح لقائد سياسي، باعتباره قائدا روحيا استطاع ان يطوع السياسة لخدمة الانسان في سياق اخلاقيات وقيم الدين ايضا.
أمَّا الاعتبار الثاني فيتعلق بإمكانية استثمار هذه الجائزة في مجال تقديم صورة الأردن السياسية و السياحية معا، بما تمثله من نموذج للتعددية و الاعتدال و السماحة، وبما تتضمنه من ( جغرافيا ) دينية مقدسة، وبما يمكن أن نقوم به من دور في حقل الدبلوماسية الدينية التي حققت على مدى العقود الماضية انجازات حقيقية، سواء على صعيد الداخل حيث قامت العلاقة بين المسلمين و المسيحيين في دائرة الوطن الواحد على قيم الانسجام و الشراكة و السماحة المتبادلة، وحيث اتسمت العلاقة بين السياسي و الفاعلين في المجال الديني بالتوافق و الاحترام و الاستيعاب، أو على صعيد الخارج حيث كان بلدنا رائدا في مجالات حوارات المذاهب الاسلامية و حوارات الاديان، وربما كانت مبادرات مثل: ( رسالة عمان) و( كلمة سواء) و (أسبوع الوئام) نماذج لنجاح الدبلوماسية الدينية في انجاز مناخات دافئة من العلاقات يبن اتباع الأديان، سواء داخل بلدنا أو مع الخارج.
الاعتبار الثالث لأهمية الجائزة يتعلق بالتوقيت، فمع اشتعال المحيط و الإقليم بالحروب الدينية و السياسية، ومع تنامي مشاعر الخوف من التطرف - السياسي و الديني ايضا- تشكل الجائزة في توقيتها مناسبة لإبراز الصورة الحقيقية، سواء للدِّين المعتدل، او السياسة المعتدلة، في مواجهة الصورة النمطية و المتخيلة عن الاديان واتباعها، كما تمنح الجمهور الذي حضر حفل تسليم الجائزة ( لاحظ هنا اهمية الكاتدرائية كمكان لتسليم الجائزة)او تابع النقاشات التي تداولتها وسائل الاعلام حولها، فرصة للمساهمة بتحرير الذهنية الغربية من هذه النمطية المغشوشة، وأعتقد أن ما حظيت به الجائزة من استعدادات وتنظيم وترتيب،اتاح لنا تقديم صورتنا للعالم،لا في المجال السياسي والسياحي فقط، بل في مجال القيم الانسانية والسياسية التي نتمايز بها عن غيرنا من الدول في هذا الإقليم الملتهب.
لا شك أن تقديم نموذجنا في اطار «التعددية» الدينية للآخرين مهم، لكن الأهم منه هو أن ننجح ايضاً بتقديم صورتنا لأنفسنا بحيث تكون منسجمة مع تطلعاتنا ومحققة لرضا الناس وقناعاتهم، وأعتقد أن هذه الجائزة التي تمنح لاول زعيم سياسي عربي مسلم ستضعنا في دائرة «الضوء» الإعلامي،وستدفعنا الى مراجعة اخطائنا وتصحيح مساراتنا، سواءً على صعيد علاقة الدولة مع المجتمع، أو على صعيد مهمتنا في «بناء» الإنسان المواطن القادر والمؤهل لبناء الدولة العادلة، هذه – ربما- تشكل امتحاننا الأهم في ابراز النموذج الحقيقي، ليس فقط لعلاقة المسلم مع المسيحي، بل لعلاقة السياسي مع المواطن، والديني مع جمهوره، والدولة مع كافة مكوناتها الاجتماعية والسياسية. من المفارقات –هنا- أننا أنجزنا في مجال الدبلوماسية الدينية علاقة افضل مع اتباع الاديان في العالم،فقد اصدرنا رسالة عمان لمصارحة العالم بحقيقية الإسلام، وأصدرنا كلمة سواء للالتقاء مع إخواننا المسيحيين على قاعدة « حب الله وحب الجيران « والاحترام والقيم والمصالح المشتركة، وبادرنا الى تعميم اسبوع الوئام بين اتباع الاديان على مختلف دول العالم، لكننا – حتى الآن- لم نفعل ما يجب أن نفعله على صعيد مجتمعنا، صحيح أننا لا نحتاج إلى مثل هذه الدبلومسية الدينية نظراً لما نتمتع به من انسجام نسبي على هذه الجبهات، لكن الصحيح ايضاً اننا نحتاج في المجال السياسي الى مبادرات حقيقية تخرجنا من دائرة المراوحة والانتظار، وتحسن صورتنا أمام انفسنا، وترسخ قيم الاعتدال والسماحة والشراكة بين ابناء مجتمعنا الواحد.
غدا نكمل ان شاء الله الدستور
  • الملك
  • الاردن
  • منح
  • الدين
  • صورة
  • الأردن
  • عمان
  • عرب
  • إسلام
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/20 الساعة 01:46