من الذي يخشى الشارع ؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/20 الساعة 00:34
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
يمكننا الإجابة عن السؤال بكلمة واحدة فقط، وهي «الفاسد».فهو المستفيد الأول من غياب المساءلة والانتقاد البناء، وهو من لا يتأثر ولا يشعر بغضب الناس وآلامهم، ويرفل بالمال والنفوذ دون وجه حق، بينما تتعالى صرخات الفقراء والمظلومين ويتعاظم كيد الكائدين..
وينبغي القول هنا إننا لا نوجه الدعوة للناس أن يخرجوا إلى الشارع، وليس هذا تجاهلا لحقوقهم في التعبير بالأسلوب القانوني والديمقراطي المكفول بالدستور، بل لأننا كنا وما زلنا نعيش الظرف الحرج، الذي تفهمه الأردنيون أكثر من غيرهم، فكانوا رفقاء بوطنهم حين عصفت العواصف بجوارهم العربي، لكن الفاسدين؛ لم يرتدعوا ولم يقدروا هذا الظرف، واستمروا في استبدادهم وجرائمهم وتجاهلهم للناس وصبرهم، وطال ما حذرنا من عودة غير محمودة للحراك الشعبي، فالغضب يسيطر على الجميع، وقلما تجد للمنطق مساحة لدى الغاضبين، فتكثر مظاهر الانفلات والمطالبات الشعبية المستحيلة، التي سرعان ما تنتشر بينهم وتجد من يوظفها التوظيف الأسوأ، وما زلنا نشهد فصولا مأساوية تجري في بعض الدول التي تعرضت للفوضى، يقودها جاهلون ومجرمون وحاقدون وأعداء لتلك البلدان، فهم وجدوا في غياب القانون وازدهار الفوضى بيئة خصبة لشرهم المستطير.
قلنا إن المسؤول عن عودة الاحتجاج إلى الشارع هم الفاسدون، لكن من هو الفاسد ؟!.
الفاسد؛ ليس فقط اللص والعميل والتاجر الذي مات ضميره والمسؤول الذي خان أمانته واستغل وظيفته..الخ، بل إن المسؤول الذي وصل إلى الموقع دون أن يستحقه سيؤدي دورا كدور الفاسد، وسوف يشكل بيئة مثالية لانتشار الفساد في المؤسسة التي يديرها، ولو دققنا النظر لفهمنا بأننا نعاني من هذا النوع من الفساد، فأغلبهم؛ حتى وإن كانوا ملتزمين بالقوانين والأخلاق، إلا أنهم ضعيفون، ولا يمكنهم إدارة الشأن العام بطريقة مثالية وبلا أخطاء، والأهم من هذا كله أنهم لا يسمعون قولا ولا يكادون يتفهمونه، ويمكنك القول إنهم لا يملكون حسا وطنيا يؤهلهم لمراعاة الوطن وتحدياته في مثل هذه الظروف الحرجة..
نحن نتابع الشأن العام في أدق تفاصيله؛ وذلك قياسا مع المواطن العادي الذي ليست الصحافة مهنته، وكلما شعرنا بتخبط في الادارة للشأن العام ومن قبل أي جهة كانت، نكتب ونحذر، ونقدم الحقيقة للذين يريدونها ويعتبرونها ضالتهم، وكنا وما زلنا لا نكتفي بالكتابة بل أيضا نتواصل مع هؤلاء، لكنهم لا يفهمون قولا ولا يقع في حساباتهم الوطن ومستقبله والشعب ومعاناته، ولو عدت إلى 20% من مقالاتي ومقالات الزملاء وتقاريرهم وتحليلاتهم، لوجدتها تحمل المضامين ذاتها، فالجميع يحذرون من سوء إدارة شؤون المؤسسات الحكومية، ويحذرون من مغبة عدم الاستماع للاعلام وللحقيقة ولصوت العقل والضمير..
أين الحكومة من هذا التصنيف؟ .. سؤال ليس بالجريء، لكنه يعاني من تضليل، وهنا أتحدث عن الشعار الذي رفعه المتظاهرون في الكرك وغيرها، فهم يتهمون الحكومة بالمسؤولية عن تردي الوضع، وهذا كلام ليس دقيقا، إلا إن اعتبرنا الأردن بلدا ليس بديمقراطي ولا يوجد فيه سلطات مستقلة، ومؤسسات تراقب الأداء الحكومي وتقيمه وتملك صلاحية تصويبه، ولا أعتقد بأن أردنيا واحدا ينكر ديمقراطية الأردن ودولة القانون ونزاهة وديمقراطية نظامه السياسي والتصاقه بالناس ومعاناتهم .. لكن الحقائق تغيب، غيابا يجعلنا نسعى لحماية الوطن فإذا بنا نقدم كل التسهيلات لتدميره!.
حكومة الملقي ومنذ يومها الأول؛ حاولت الاقتراب من الشارع، وفعلت كل الممكن لتجنب التصادم مع اصحاب الأجندات وتحييدهم عن الإدارة، واتخذت قرارات جريئة كثيرة، ولم تسلم من الكيديات والمعارضات والمناكفات، وحاولت استيعاب الجميع، بالتزامها بمعايير النزاهة والشفافية، ولم يرض عنها كثيرون، ثم قامت بتعديل على فريقها، ثم اعادة تشكيل، وتعديل آخر، ولم يقل عدد المعارضين والمناكفين، وغابت الحكمة والرأي المختص والخطاب الاعلامي المقنع، فإذا برئيس الحكومة يواجه الجميع وحيدا، فالتزم بالقانون والعدالة والنزاهة قدر استطاعته وحسب فهمه وقناعته، لكنه لم يلتقط أنفاسه بين كل أزمة وأخرى، فتدخلت آراء وجهات وشخصيات وحاولت المساعدة فكان رأيها خاطئا وهو ما يعتقده الناس خطأ وقع فيه رئيس الحكومة نفسه، ونسوا أو تناسوا أن الرجل لا يحمل أجندات ويتمتع بشخصية ديمقراطية تقبل النقد وتبحث عن الرأي الرشيد.. لكنهم يتركونه أو يستغلون حقيقة استقلاليته..
لا ننكر أن بعض المسؤولين كانوا عناصر تأزيم في المجتمع، فكثير من المؤسسات تولى إدارة شؤونها مسؤولون ضعيفون، لا يتمتعون بأفق سياسي او اجتماعي، بل إنك تشعر بأنهم يديرون مؤسسات في جزر معزولة عن الدولة، فيتخذون قرارات وحشية بحق الناس، ويتم توريطهم بسبب قلة خبرتهم وغياب ثقافتهم السياسية والاعلامية، ويمكننا القول إن أكثر المآخذ على حكومة الدكتور الملقي متعلقة بهؤلاء الذين يديرون مؤسسات مستقلة، وهم الذين صنعوا التأزيم بنسخته الجديدة المعقدة، وهؤلاء من يجب أن يبدأ بهم الملقي إن أراد أن يقود الحكومة إلى مستوى أكثر حيادية بالنسبة للغاضبين..
قامت الحكومة بإجراءات كثيرة لسد عجز الموازنة، وهذا من أهم عوامل معاناة وغضب الناس، ولم تفعل شيئا مقنعا لتنفيذ توجيهات صاحب الجلالة بشأن الرواتب المرتفعة في المؤسسات الحكومية، فكان وما زال جلالة الملك هو الأقرب للناس وللمنطق، فلا شيء يناسب هذه الحالة التي نعيش سوى خفض الرواتب المرتفعة، فهي الوصفة الملكية المنطقية للخروج من العجز في الموازنة وللدخول من باب العدالة والمساواة وقطع الطريق على كل الساعين إلى المواقع القيادية من أجل الرواتب العالية، فهم الذين أسسوا للفساد حين فعلوا كل شيء للوصول إلى تلك المواقع..
الدستور
يمكننا الإجابة عن السؤال بكلمة واحدة فقط، وهي «الفاسد».فهو المستفيد الأول من غياب المساءلة والانتقاد البناء، وهو من لا يتأثر ولا يشعر بغضب الناس وآلامهم، ويرفل بالمال والنفوذ دون وجه حق، بينما تتعالى صرخات الفقراء والمظلومين ويتعاظم كيد الكائدين..
وينبغي القول هنا إننا لا نوجه الدعوة للناس أن يخرجوا إلى الشارع، وليس هذا تجاهلا لحقوقهم في التعبير بالأسلوب القانوني والديمقراطي المكفول بالدستور، بل لأننا كنا وما زلنا نعيش الظرف الحرج، الذي تفهمه الأردنيون أكثر من غيرهم، فكانوا رفقاء بوطنهم حين عصفت العواصف بجوارهم العربي، لكن الفاسدين؛ لم يرتدعوا ولم يقدروا هذا الظرف، واستمروا في استبدادهم وجرائمهم وتجاهلهم للناس وصبرهم، وطال ما حذرنا من عودة غير محمودة للحراك الشعبي، فالغضب يسيطر على الجميع، وقلما تجد للمنطق مساحة لدى الغاضبين، فتكثر مظاهر الانفلات والمطالبات الشعبية المستحيلة، التي سرعان ما تنتشر بينهم وتجد من يوظفها التوظيف الأسوأ، وما زلنا نشهد فصولا مأساوية تجري في بعض الدول التي تعرضت للفوضى، يقودها جاهلون ومجرمون وحاقدون وأعداء لتلك البلدان، فهم وجدوا في غياب القانون وازدهار الفوضى بيئة خصبة لشرهم المستطير.
قلنا إن المسؤول عن عودة الاحتجاج إلى الشارع هم الفاسدون، لكن من هو الفاسد ؟!.
الفاسد؛ ليس فقط اللص والعميل والتاجر الذي مات ضميره والمسؤول الذي خان أمانته واستغل وظيفته..الخ، بل إن المسؤول الذي وصل إلى الموقع دون أن يستحقه سيؤدي دورا كدور الفاسد، وسوف يشكل بيئة مثالية لانتشار الفساد في المؤسسة التي يديرها، ولو دققنا النظر لفهمنا بأننا نعاني من هذا النوع من الفساد، فأغلبهم؛ حتى وإن كانوا ملتزمين بالقوانين والأخلاق، إلا أنهم ضعيفون، ولا يمكنهم إدارة الشأن العام بطريقة مثالية وبلا أخطاء، والأهم من هذا كله أنهم لا يسمعون قولا ولا يكادون يتفهمونه، ويمكنك القول إنهم لا يملكون حسا وطنيا يؤهلهم لمراعاة الوطن وتحدياته في مثل هذه الظروف الحرجة..
نحن نتابع الشأن العام في أدق تفاصيله؛ وذلك قياسا مع المواطن العادي الذي ليست الصحافة مهنته، وكلما شعرنا بتخبط في الادارة للشأن العام ومن قبل أي جهة كانت، نكتب ونحذر، ونقدم الحقيقة للذين يريدونها ويعتبرونها ضالتهم، وكنا وما زلنا لا نكتفي بالكتابة بل أيضا نتواصل مع هؤلاء، لكنهم لا يفهمون قولا ولا يقع في حساباتهم الوطن ومستقبله والشعب ومعاناته، ولو عدت إلى 20% من مقالاتي ومقالات الزملاء وتقاريرهم وتحليلاتهم، لوجدتها تحمل المضامين ذاتها، فالجميع يحذرون من سوء إدارة شؤون المؤسسات الحكومية، ويحذرون من مغبة عدم الاستماع للاعلام وللحقيقة ولصوت العقل والضمير..
أين الحكومة من هذا التصنيف؟ .. سؤال ليس بالجريء، لكنه يعاني من تضليل، وهنا أتحدث عن الشعار الذي رفعه المتظاهرون في الكرك وغيرها، فهم يتهمون الحكومة بالمسؤولية عن تردي الوضع، وهذا كلام ليس دقيقا، إلا إن اعتبرنا الأردن بلدا ليس بديمقراطي ولا يوجد فيه سلطات مستقلة، ومؤسسات تراقب الأداء الحكومي وتقيمه وتملك صلاحية تصويبه، ولا أعتقد بأن أردنيا واحدا ينكر ديمقراطية الأردن ودولة القانون ونزاهة وديمقراطية نظامه السياسي والتصاقه بالناس ومعاناتهم .. لكن الحقائق تغيب، غيابا يجعلنا نسعى لحماية الوطن فإذا بنا نقدم كل التسهيلات لتدميره!.
حكومة الملقي ومنذ يومها الأول؛ حاولت الاقتراب من الشارع، وفعلت كل الممكن لتجنب التصادم مع اصحاب الأجندات وتحييدهم عن الإدارة، واتخذت قرارات جريئة كثيرة، ولم تسلم من الكيديات والمعارضات والمناكفات، وحاولت استيعاب الجميع، بالتزامها بمعايير النزاهة والشفافية، ولم يرض عنها كثيرون، ثم قامت بتعديل على فريقها، ثم اعادة تشكيل، وتعديل آخر، ولم يقل عدد المعارضين والمناكفين، وغابت الحكمة والرأي المختص والخطاب الاعلامي المقنع، فإذا برئيس الحكومة يواجه الجميع وحيدا، فالتزم بالقانون والعدالة والنزاهة قدر استطاعته وحسب فهمه وقناعته، لكنه لم يلتقط أنفاسه بين كل أزمة وأخرى، فتدخلت آراء وجهات وشخصيات وحاولت المساعدة فكان رأيها خاطئا وهو ما يعتقده الناس خطأ وقع فيه رئيس الحكومة نفسه، ونسوا أو تناسوا أن الرجل لا يحمل أجندات ويتمتع بشخصية ديمقراطية تقبل النقد وتبحث عن الرأي الرشيد.. لكنهم يتركونه أو يستغلون حقيقة استقلاليته..
لا ننكر أن بعض المسؤولين كانوا عناصر تأزيم في المجتمع، فكثير من المؤسسات تولى إدارة شؤونها مسؤولون ضعيفون، لا يتمتعون بأفق سياسي او اجتماعي، بل إنك تشعر بأنهم يديرون مؤسسات في جزر معزولة عن الدولة، فيتخذون قرارات وحشية بحق الناس، ويتم توريطهم بسبب قلة خبرتهم وغياب ثقافتهم السياسية والاعلامية، ويمكننا القول إن أكثر المآخذ على حكومة الدكتور الملقي متعلقة بهؤلاء الذين يديرون مؤسسات مستقلة، وهم الذين صنعوا التأزيم بنسخته الجديدة المعقدة، وهؤلاء من يجب أن يبدأ بهم الملقي إن أراد أن يقود الحكومة إلى مستوى أكثر حيادية بالنسبة للغاضبين..
قامت الحكومة بإجراءات كثيرة لسد عجز الموازنة، وهذا من أهم عوامل معاناة وغضب الناس، ولم تفعل شيئا مقنعا لتنفيذ توجيهات صاحب الجلالة بشأن الرواتب المرتفعة في المؤسسات الحكومية، فكان وما زال جلالة الملك هو الأقرب للناس وللمنطق، فلا شيء يناسب هذه الحالة التي نعيش سوى خفض الرواتب المرتفعة، فهي الوصفة الملكية المنطقية للخروج من العجز في الموازنة وللدخول من باب العدالة والمساواة وقطع الطريق على كل الساعين إلى المواقع القيادية من أجل الرواتب العالية، فهم الذين أسسوا للفساد حين فعلوا كل شيء للوصول إلى تلك المواقع..
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/20 الساعة 00:34