الحرب الصامتة !!
لم يكن زلزال مانهاتن قد وقع عام 2001 عندما اصدر فرانك فيردي كتابه بعنوان الحرب الصامتة، والمكرس لرصد ارتفاع وانحسار منسوب العنصرية في الثقافة الغربية، لهذا كان متفائلا الى الحد الذي دفعه الى التخوف من عنصرية معكوسة ومضادة يمارسها السود هذه المرة ضد الرجل الابيض والافارقة والاسيويون ضد اوروبا وامريكا !
يقول ان الغرب بعد الحرب العالمية الثانية رفض اقتراحا يابانيا حول بند خاص بها في عصبة الامم، لكن الثقافة الحديثة التي قوّضت كل الخرافات عن التفوق العرقي اتاحت للمساواة ان تترجم من وصفة نظرية ممنوعة من الصرف الى قوانين وممارسات ميدانية !
ثلاث سنوات فقط تفصل بين تفاؤل فرانك فيردي وبين احداث ايلول الامريكية حين اندلع الموروث الاستشراقي ومخزون ثقافة القرن التاسع عشر بحيث يصنف الرئيس الامريكي بوش الابن شعوب الكوكب الى اعداء واصدقاء فقط وما من ظلال بين هذين النقيضين !
وما يحدث الان في الغرب من اتجاه البوصلات كلها نحو اليمين مهّدت له عوامل عديدة، سواء في الداخل او في المحيط الدولي، واصبحت اوروبا نفسها تقيم الفواصل بين قومياتها بدءا من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي حتى ما تعد به مرشحة الرئاسة الفرنسية مارين لوبان وهو انسحاب فرنسا من حلف الناتو، والحبل كما يقال على الجرار !
ان اعادة هذا التحول نحو اليمين وعودة العنصرية من خلال تجليات سياسية وثقافية واجتماعية الى عامل واحد به الكثير من الاختزال والتسطيح فالحادي عشر من ايلول وكل ما اعقبه من احداث ارهابية اتاح للمسكوت عنه ان يظهر الى السطح كما اتاح للاستشراق بمعناه الكولونيالي والكلاسيكي ان يعود ايضا .
ما من حدث مهما كان جسيما يشطر التاريخ وما بعده حتى لو كان زلزالا كذلك الذي وقع في ايلول عام 2001، لأنه احيانا يكون القشة التي تقصم ظهر قارة وليس بعيرا فقط، تماما كما ان البراكين تنتظر قشرة هشة تندلع منها .
العالم الان مهدد بعودة ثقافة الحرب العرقية والعنصرية الصامتة !
الدستور