زوبعة خارج الفنجان
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/13 الساعة 00:18
الأمطار والأعاصير والفيضانات والحرائق تحديات عرفها الإنسان منذ القدم، واستعد لمجابهتها فبنى القناطر والسدود والأسوار والجسور، واختار لسكنه الأماكن البعيدة عن المخاطر.
ومع كل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أحرزه الإنسان والتفوق الظاهر الذي حققه في علاقته مع الطبيعة فقد بقيت الطبيعة عامل تهديد مهم ومفاجئ لاستقرار الإنسان وأمنه ورخائه.
في كل يوم تقع عشرات الزلازل والأعاصير والانزلاقات والحرائق المدمرة، بعضها لأسباب جيولوجية وأخرى مناخية وثالثة لعوامل غير معروفة. فالماء والهواء والنار قد تكون سببا في الدمار كما هي سبب في الحياة، كل ذلك قد يحدث عند أي اختلال في حركة وسرعة وقوة هذه العوامل.
خلال الأسابيع الماضية خرجت الطبيعة في بلادنا عن إيقاعها المألوف ودونما نشعر أو نهيئ أنفسنا تحولت الصحاري والطرقات والأودية إلى أنهار من الوحل وبحيرات من الطين، وأدت هذه المفاجأة إلى وضع شباب أجهزتنا الأمنية وجموع المتطوعين في مواجهة كوارث لم يألفوا التعامل معها من قبل.
لقد تحول العشرات منهم إلى غطاسين وخبراء إنقاذ وإسعاف وإخلاء تحت وقع الكارثة ومراقبة الآلاف من النظارة الذين شكلوا جيشا من المراسلين والناقدين والناشرين، فأضافوا للحوادث المحلية أبعادا دولية وإقليمية ودبلجات، أثارت فضول المتابعين وكشفت عن مواهب وقدرات صحفية خلاقة.
الزوابع التي هبّت على بلادنا هذه المرة لم تكن في فنجان فقد كشفت عن أزمات ومشكلات تتجاوز كثيرا الآثار المدمرة التي أودت بحياة ما يزيد على ثلاثين طفلا وبالغا وتسببت في فجيعة الأسر والرفاق والمحبين.
الأزمات الأخيرة كشفت قلة الخبرة وضعف الإدارة وتواضع مستوى الاستجابة وعمق الفجوة بين المجتمع ومن يتولون إدارة المرافق وتقديم الخدمات. في كل واحدة من هذه الأحداث تبدى للناس تردي مستوى البنى التحتية وضعف الالتزام بالقواعد الإدارية وتدني مستوى التنسيق بين الأجهزة والمؤسسات وقلة مستوى المعرفة لدى العديد من المكلفين في إدارة وتسيير المؤسسات والأدوار المسندة لهم.
القول المأثور الذي نستخدمه للتخفيف من وقع الأحداث التي تؤثر على مزاجنا وعلاقاتنا أصبح عديم الفائدة ولا يحقق الهدف ولا المعنى الذي كنا نقصده. لسنوات وعقود كان الناس يعتقدون بأن الحوادث والكوارث والإخفاقات أمور طبيعية تثير الناس وقتيا لكنها سرعان ما تختفي وتتلاشى ليصبح أثرها ضعيفا وغير ملحوظ كما "الزوبعة في الفنجان". فالأحداث التي تقع يمكن أن تمر بسلاسة إذا ما جرى تطويقها ومعالجتها والتعامل معها بحرفية عالية فتختفي من ذاكرة الناس دون أن تلقي بضلالها وتترك آثارها وتداعياتها على المجتمع والمؤسسات والعلاقة بين الدولة والمجتمع والإعلام وكافة مكونات المجتمع.
الطريقة التي تعامل فيها المواطن مع الأحداث المناخية وما نجم عنها عكست استعداد المواطن الأردني للتضحية والمساعدة وعمل الخير وأظهرت التعاطف الشعبي مع الضحايا والتقدير الكبير للشباب الذين ضحوا بأنفسهم من أجل إنقاذ الأطفال والضحايا لكنها أظهرت أيضا وبما لا يدع مجالا للشك حالة من اللامبالاة وضعف الثقة والاستعداد للاتهام والتنصل من المسؤولية.
في التعليقات التي أدلى بها شهود العيان والنقاشات التي دارت في مجلس النواب والتصريحات التي أطلقها أهالي الضحايا عتب كبير على الحكومات والمسؤولين بسبب ضعف البنى التحتية وغياب خدمات الإرشاد والتوجيه في المرافق والأماكن السياحية وبطء الاستجابة من قبل المؤسسات والأجهزة المعنية والقصور في توظيف المعلومات والتنبؤات الجوية في إدارة وتوجيه وحماية الأفراد والمواطنين.
الزوابع هذه الأيام لم تعد بفنجان كما كانت فهي في العراء تحدث أضرارها وتمتد تداعياتها وتجر بلا هوادة زوابع أخرى. الغد
ومع كل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أحرزه الإنسان والتفوق الظاهر الذي حققه في علاقته مع الطبيعة فقد بقيت الطبيعة عامل تهديد مهم ومفاجئ لاستقرار الإنسان وأمنه ورخائه.
في كل يوم تقع عشرات الزلازل والأعاصير والانزلاقات والحرائق المدمرة، بعضها لأسباب جيولوجية وأخرى مناخية وثالثة لعوامل غير معروفة. فالماء والهواء والنار قد تكون سببا في الدمار كما هي سبب في الحياة، كل ذلك قد يحدث عند أي اختلال في حركة وسرعة وقوة هذه العوامل.
خلال الأسابيع الماضية خرجت الطبيعة في بلادنا عن إيقاعها المألوف ودونما نشعر أو نهيئ أنفسنا تحولت الصحاري والطرقات والأودية إلى أنهار من الوحل وبحيرات من الطين، وأدت هذه المفاجأة إلى وضع شباب أجهزتنا الأمنية وجموع المتطوعين في مواجهة كوارث لم يألفوا التعامل معها من قبل.
لقد تحول العشرات منهم إلى غطاسين وخبراء إنقاذ وإسعاف وإخلاء تحت وقع الكارثة ومراقبة الآلاف من النظارة الذين شكلوا جيشا من المراسلين والناقدين والناشرين، فأضافوا للحوادث المحلية أبعادا دولية وإقليمية ودبلجات، أثارت فضول المتابعين وكشفت عن مواهب وقدرات صحفية خلاقة.
الزوابع التي هبّت على بلادنا هذه المرة لم تكن في فنجان فقد كشفت عن أزمات ومشكلات تتجاوز كثيرا الآثار المدمرة التي أودت بحياة ما يزيد على ثلاثين طفلا وبالغا وتسببت في فجيعة الأسر والرفاق والمحبين.
الأزمات الأخيرة كشفت قلة الخبرة وضعف الإدارة وتواضع مستوى الاستجابة وعمق الفجوة بين المجتمع ومن يتولون إدارة المرافق وتقديم الخدمات. في كل واحدة من هذه الأحداث تبدى للناس تردي مستوى البنى التحتية وضعف الالتزام بالقواعد الإدارية وتدني مستوى التنسيق بين الأجهزة والمؤسسات وقلة مستوى المعرفة لدى العديد من المكلفين في إدارة وتسيير المؤسسات والأدوار المسندة لهم.
القول المأثور الذي نستخدمه للتخفيف من وقع الأحداث التي تؤثر على مزاجنا وعلاقاتنا أصبح عديم الفائدة ولا يحقق الهدف ولا المعنى الذي كنا نقصده. لسنوات وعقود كان الناس يعتقدون بأن الحوادث والكوارث والإخفاقات أمور طبيعية تثير الناس وقتيا لكنها سرعان ما تختفي وتتلاشى ليصبح أثرها ضعيفا وغير ملحوظ كما "الزوبعة في الفنجان". فالأحداث التي تقع يمكن أن تمر بسلاسة إذا ما جرى تطويقها ومعالجتها والتعامل معها بحرفية عالية فتختفي من ذاكرة الناس دون أن تلقي بضلالها وتترك آثارها وتداعياتها على المجتمع والمؤسسات والعلاقة بين الدولة والمجتمع والإعلام وكافة مكونات المجتمع.
الطريقة التي تعامل فيها المواطن مع الأحداث المناخية وما نجم عنها عكست استعداد المواطن الأردني للتضحية والمساعدة وعمل الخير وأظهرت التعاطف الشعبي مع الضحايا والتقدير الكبير للشباب الذين ضحوا بأنفسهم من أجل إنقاذ الأطفال والضحايا لكنها أظهرت أيضا وبما لا يدع مجالا للشك حالة من اللامبالاة وضعف الثقة والاستعداد للاتهام والتنصل من المسؤولية.
في التعليقات التي أدلى بها شهود العيان والنقاشات التي دارت في مجلس النواب والتصريحات التي أطلقها أهالي الضحايا عتب كبير على الحكومات والمسؤولين بسبب ضعف البنى التحتية وغياب خدمات الإرشاد والتوجيه في المرافق والأماكن السياحية وبطء الاستجابة من قبل المؤسسات والأجهزة المعنية والقصور في توظيف المعلومات والتنبؤات الجوية في إدارة وتوجيه وحماية الأفراد والمواطنين.
الزوابع هذه الأيام لم تعد بفنجان كما كانت فهي في العراء تحدث أضرارها وتمتد تداعياتها وتجر بلا هوادة زوابع أخرى. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/13 الساعة 00:18