الطراونة يكتب: يا سيل درجّهن على مهلهن..

مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/11 الساعة 17:02
بقلم د. عيسى الطراونة خاطبت إحدى عجائز البادية قديما السيل بلغتها الخاصة قائلة: "يا سيل درجهن على مهلهن معاشير لا يرمّن بهمهن" كدعوة منها للحفاظ على ما تملك من أغنام حينها؛ مستثيرة بذلك عاطفة السيل وكأنه يحمل روحا، ومشاعر أخفتها شدة الهدير.. ذهبت العجوز وذهبت اغنامها وبقيت ترانيمها حاضرة تحمل في طياتها دلالات عدة منها: إن خطر السيول حاضر في كل الأزمنة، وثانيها إن تلك العجوز ملمّة بالثقافة المناخية للمنطقة وتوقع المخاطر الناجمة دون الحاجة لانتظار إطلالة مذيعة النشرة الجوية، وإن كل ما تمتلكه تلك العجوز من وسائل لمعالجة الموقف لحظة حدوث الخطر هو مخزونها من الدعاء وترانيمها التي تخاطب بها السيل" "يا سيل درجهن على مهلهن... " ... بأية حال ذهبت العجوز وذهبت ممتلكاتها وبقينا نحن أمام هذه الترانيم علها تبث فينا كمواطنين ثقافة أخذ الحيطة والحذر من السيول والابتعاد عن المجازفة والمخاطرة غير المحسوبة في مثل هذه الظروف، وثمة رسالة أخرى تتعلق بوسائل الوقاية الواجب على أجهزة الدولة توفيرها أو الاستزادة منها إن وجدت، فإن كنت حيلة العجوز الوحيدة هي مخاطبة السيول عند جريانها، فلابد أن تتخذ الحكومة بإمكانياتها كافة الإجراءات الوقائية للحد من خطر السيول في المرات القادمة، فقد نزف الوطن دماء كثيرة، وذرف دموعا لم يسأل بها السيل.
  • ثقافة
  • لحظة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/11 الساعة 17:02