الأردن وحل الدولتين المستحيل

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/19 الساعة 00:29

* فايز الفايز

لم يكن اللقاء الإحتفالي الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع صاحب البيت الأبيض دونالد ترامب هو المناسبة الأولى لما سميّ إعلان موت حل الدولتين، بل إن هذه التصريحات لم يعد لها معنى بعد ثماني سنوات من حكم اليمين المتطرف في تل أبيب،حتى إن مجرد تخيل خارطة لدولتين على الأرض الفلسطينية المحتلة هو مستحيل،وهذا كان واضحا منذ البداية، فالإسرائيليون لا يريدون أي كيان سياسي كامل ومنجز على حدودهم التي سرقوها، بل إنهم يريدون بقاء المشكلة الأزلية فهي البقرة الحلوب التي تضمن إطعام إجيال قادمة من أطفالهم،والأرض الفلسطينية هي المرعى. آل نتنياهو أصدقاء حمائم لآل ترامب،هذا هو الإكتشاف العظيم الذي وصلنا له، وكالعادة تأتينا بالأخبار الصحافة الأمريكية والإسرائيلية، وواجب الأصدقاء دعم أصدقائهم، ولكن في حالة عائلة نتنياهو الصغيرة هناك كيمياء عالية المستوى بين الرئيسين، فقد أعادونا لعصرين ذهبيين دمرا العالم العربي،عصر جورج بوش الأب ورئيسة وزراء بريطانيا الحديدية مارغريت تاتشر قبيل حرب الخليج الأولى، وعصر بوش الإبن و رئيس وزراء بريطانيا المتآمر توني بلير في تحشيدهم ضد العراق وتدميره، واليوم يجب أن يحذر ترامب من تحريض نتنياهو، فالأخير كائن متطفل غريزي على الغرب يريد البقاء وحده على شاطئ البحر الأبيض الشرقي دون منازع. من واشنطن بدأمهرجان التبشير بعدم موت حل الدولتين،إذا هي دولة واحدة، وحتما لن تكون دولة «إسراطين» كما كان يتهكم بها معمر القذافي أو كان يؤمن بها فعلا،ومن المفارقات أن هذه التسمية لا تزال عالقة في ذهن بعض كبار المسؤولين العرب، الذي أدرك أن عملية سلام حقيقية مع معسكر نتنياهو لن يتحقق، وهذا يعني أن لا دولة فلسطينية حقيقية ستقوم على الأراضي الفلسطينية،فما هي النسخة الأخرى من حلّ الدولتين إذا؟

هناك من كان ولا يزال يعزف على الوتر القديم الحزين، الكونفدرالية مع الأردن هي الحل،ولكن هل هي الحل فعلا، أم هو الكابوس؟!..هناك كلام لا يقال في هذا المقام، ولكن الأردن الذي حزم أمره منذ عام 1988 لا يمكن أن يتراجع الأردن عن قراره في دعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة عن أي تبعية سياسية أو إدارية، ومنذ قرر الملك الراحل الحسين بن طلال أن يصدع للأمر الواقع وأن يعلن قرار فك الإرتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية في تموز 1988، وقف الأردن مع الأشقاء الفلسطينيين كظهير وسند لهم ودعم إعلان الحكومة الفلسطينية في المنفى» تونس»، ورغم كواليس أوسلو وما جرى بعدها،حتى عودة ياسر عرفات ومنظمة التحرير الى أريحا، لم يتوان الأردن عن فتح شرايينه السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية مع التوأم الفلسطيني، ولكن تطور القضية الفلسطينية جعلها مادة لعلك الماء للأسف.

الأردن ليس له أي أطماع في الضفة الغربية،والفلسطينيون لا يرون أي كيان يشبههم سوى دولة على أرض فلسطين، والإسرائيليون بحكم اليمين والليكود وأتباعهم لايرون أي شريك فلسطيني من الممكن أن يأتمنوه على رأس دولة كاملة السيادة، وهذه طبيعية يهودية منذ ولد السيد المسيح، فهم لا يرون أي جنس بشري آخر أرفع منهم مكانة وقيمة،ولهذا تحاول حكومة نتنياهو استغلال السنوات الأربع القادمة،لإنهاء كابوس الدولة الفلسطينية،يساعدهم في ذلك الخلاف السياسي المتشظي في الضفة الغربية الذي أنهك القضية والشعب معا، فيما غزة تغرد خارج السرب،وحماس تسبق الجميع في تغييرات سلم القيادة بشكل يرعب الحكومة الإسرائيلية المنشغلة أيضا بتمدد إيران في المنطقة.

جملة القول:أن الأردن الذي تولى «ولاية القدس الشريف» منذ حرب عام 1984 وبعد الوحدة مع الضفة الغربية، وما نص عليه الإتفاق في معاهدة»وادي عربة»، وما تم الإتفاق عليه مع عباس العام الماضي، فإن القدس الشرقية بأرضها البالغة 148 دونما هي تحت الرعاية الأردنية ولايمكن التفريط بها، أما الضفة الغربية التي تحولت من «أرض محتلة»حتى عام 1994 الى «مناطق متنازع» عليها بعد قيام حكومة فلسطينية بعد ذلك،فهي أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة،وهكذا يجب أن تبقى حتى لو إنتظر العرب مائة عام جديدة،وإذا كان هناك مشكلة لحكومة نتنياهو فلتتذكر أن الشعب يموت والأرض لا تموت، ولا يمكن رؤية تصفية القضية الفلسطينية حتى ولا في الأحلام الحاخامية السياسية، وعلى الدول العربية جميعها أن تعلن موقفها الجيد لا السيء تجاه الحق الفلسطيني.

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/19 الساعة 00:29