تقرير ديوان المحاسبة وثقة المواطن
يعكس انتشار مخرجات تقرير ديوان المحاسبة بشكل مكثف عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الكترونية ووسائل اعلام، حالة عدم «الثقة» التي شخصناها مرارا بين الشعب وحكوماته المتعاقبة، رغم أن قضايا المخالفات والتجاوزات في هذا التقرير لا يمكن مقارنتها بتقارير سابقة للديوان كشفت عن قضايا تجاوزات وبمبالغ مرتفعة، لكن لم تأخذ الحكومات اجراءات بكثير منها، وبقيت حبرا على ورق.
هذا التقرير على مدى السنوات الماضية، لم يكن سوى توثيق للمخالفات والتجاوزات في الجهاز الاداري الحكومي، ولم ير الشعب كثيرا من المخالفات أحيلت الى القضاء للنظر فيها، لذلك فان حالة «عدم الثقة» الشعبية في هذا الجانب منطقية ويجب تفهمها وعلاجها.
هذه المرة وفي ظل الحالة السياسية والاجتماعية السائدة في المجتمع الاردني، قد أضحى من غير المقبول نهائيا أن لا تخضع هذه المخرجات والنتائج لدراسة يتم على أساسها اتخاذ الإجراءات القانونية حيال كل مخالفة وردت في التقرير، خاصة وأن هناك مخالفات وردت فيها شبهات فساد تحتاج للنفي أو التأكيد، وهي مهمة القضاء بلا شك.
وماذا تريد الحكومة أكثر من بنود يوثقها تقرير حكومي أيضا، لتتحرك نحو مكافحة أي شبهة فساد أو تجاوزات على المال العام، وهي فرصة وخطوة نحو استعادة بعض من الثقة بينها وبين المواطن الذي لطالما شعر بان اهمال نتائج مثل هذه التقرير يعني أن الحكومات لا تريد اصلاحا وتكتفي بمعالجة شبهات الفساد نظريا دون أن تخطو ولو خطوة واحدة الى الامام.
رئيس الوزراء شكل لجنة لدراسة نتائج التقرير، وهي خطوة جيدة، لكن هذه اللجنة لا تحتاج الى التسويف واطالة الوقت لاتخاذ قراراتها، واعتقد أن أياما قليلة تكفيها للبت في كثير من التجاوزات الادارية والمالية في التقرير، وتكون قد أدت دورها بالكامل عندما تحيل أية شبهة تجاوزات أو فساد في التقرير على القضاء الذي له القول الفصل في مثل هذه القضايا.
يجب أن تستغل الحكومة أية فرصة متاحة تمكنها من اعادة ترتيب علاقة فقدان الثقة مع المواطن التي انعكست مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي، فلمثل هذه الحالة من فقدان الثقة والاحباط أسباب مبررة يجب تصويبها، وتصويبها لا يكون الا باتخاذ قرارات تشعر المواطن بجدية الحكومات في علاج القضايا التي تؤرقه وعلى رأسها شبهات الفساد، ومن جهة أخرى سيريح الحكومة من «اغتيال الشخصيات» الذي لطالما شكت منه.(الدستور)