الشوبكي يكتب: جيل يغرق.. المشاكل والحلول
د.عساف الشوبكي
حادثة البحر الميت المؤلمة دقت ناقوس الخطر ووضعت الدولة كلها أمام مسؤوليتها وليست الحكومة وحدها فقط، فالشباب الذين يشكلون اكثر من ثلثي المجتمع الأردني وغالبيتهم طلاب في المدارس والجامعات وخريجون لا يجدون عملاً وينتظرون سراباً اسمه التعيين والتوظيف من خلال ديوان الخدمة المدنية بعد ان تخلت الحكومات عن دورها الدستوري في خلق فرص عمل لهم، هؤلاء هم طاقات معطلةومهمشةوتائهة، وعرضة للإنجراف نحو بحر من المشاكل والظواهر الاجتماعية السيئة الغريبة عن مجتمعنا والغرق فيه ولعل كثير منهم تاهوا في أودية البطالة والمخدرات ورفاق السوء وجماعات الشر وبعضهم ذهب الى خيار الهجرة وآخرون اهلكوا أنفسهم بالانتحار.
فالشباب الأردني لا يجدون من يرعاهم ويأخذ بإيديهم ويدربهم ويوجههم و يعينهم ويصرف عليهم ويفتح لهم أبواب العمل التي تتلائم مع آفاق طموحهم ويضعهم على اولى خطوات مستقبلهم المنشود لذا مطلوب من الدولة بكافة مؤسساتها ودوائرها التعاون للتخطيط ولإنفاذ برامج وطنية كبرى تأخذ بيد الشباب للوصول للأردن الحديث الذي يصبو الجميع اليه بما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويمتن مشاركتهم في بناء الوطن وحلول مشاكله ودخولهم الى البرلمان والهيئات والمجالس الخدمية المنتخبة. اما فيما يخص الجالسين على مقاعد الدراسة الجامعية فالدور الكبير يلقى على عاتق وزارة التعليم العالي والجامعات لإعداد هؤلاء إعداداً علمياً ونفسياً ووطنياً عالي الجودة وفتح تخصصات وبرامج ومساقات مطلوبه بسوقي العمل الاردني والعربي.
وفيما يتعلق بالتعليم العام فالمطلوب من وزارة التربية ان يكون هناك برامج للتمكين الوطني على ان يصار الى وضع منهاج رصين للتربية الوطنية يتضمن برامج تدريبية عسكرية ومهارية وقيادية وتعريفية بتاريخ الأردن وجغرافيته يشارك بها خبراء ومختصون ومدربون مهره من الجيش والأجهزة الامنية وكافة اجهزة الدولة ذات الاختصاص المطلوب في مواد المنهاج ولكافة المراحل والفئات العمرية بحيث يستطيع المساهمة في بناء جيل ذي هوية وطنية أردنية جاد وقادر على تحمل المسؤولية في المستقبل.
ويحوي المنهاج في جوانبه التدريبية والاستكشافية الرحلات المدرسية ذات القيمة الإيجابية في البعدين المعرفي والوطني بحيث تكون هذه الرحلات معلومة الأهداف والفوائد ومحددة الزمان والمكان محكمة بمعايير دقيقة اولها سلامة الطلبة والحفاظ على حياتهم و وتكون بإشراف ذوي المسؤولية والخبرة والاختصاص من الجهات التي يحددها المنهاج ويصار الى إيجاد مديرية عامة للتربية الوطنية في وزارة التربية والتعليم وإدارات فرعية لها في المديريات في مختلف المحافظات تصاغ مهامها بنظام وتعليمات خاصة بها بما يسهل عملها ويساعدها على النجاح.
الى جانب ذلك وفي موازاته يجب النهوض بالتعليم العام في المدارس الحكومية وبخاصة مدارس الذكور التي اصبح معظمها بيئات غير مناسبة وغير جاذبة وغير محفزة للتعليم وإعادة ثقة الأهالي بهذه المدارس من خلال خطة شمولية لرفع كفاءات وقدرات المعلمين وتطوير البرامج التعليمية بما يواكب التطور العلمي والتكنولوجي للبرامج التعليمية في الدول المتقدمة وبما يساعد في ردم الهوة بين مخرجات التعليم العام ومدخلات التعليم العالي ، وتعزيز علاقات الشراكة البناءة بين الطالب والمعلم ببناء جسور اتصال و تواصل سليمة قائمة على إحترام المعلم وتعزيز هيبته والحرص على الطالب ورفع سويتة وقدراته التعليمية ومهاراته العلمية وإتاحة الفرص أمام الطلبة لتطوير شخصياتهم على أُسس تربوية سليمة تعتمد تعزيز مهارات القيادة والابداع والتميز والديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر وتطوير فعلي وحقيقي لدور مجالس الآباء والأمهات والتعاون المثمر مع المجتمعات المحلية بما يجنب الطلبه كثير من الظواهر والسوكات السلبية الغريبة عن مجتمعنا وثقافتنا و يحصنهم ضد المشاكل الاجتماعية التي اصبح كثير من الشباب يعانون منها وبخاصة المخدرات، ورفد الميدان بقادة ومدراء تربويين حقيقين يخضعون لمعايير دقيقة تؤهلهم لتولي المسؤولة، و اخضاع اصحاب الكفاءة والمهارة في القيادة الى تدريب مستمر في هذا المجال على أيدي خبراء لتطوير مهاراتهم القيادية بما ينعكس على النهوض بالمدارس وتطويرها ويضاعف قدرتها على إنجاح عمليات التعليم والتدريس ويرفع مستوى مخرجاتها وجودة التعليم فيها ورضا أولياء الأمور عنها.
اضافة الى التوسع في بناء المدارس وخاصة في المناطق المكتظة من خلال البحث عن مزيد من المانحين لبناء المدارس وتوجيه موازنة ثابتة لهذا الهدف والعمل مع وزارة الاوقاف ودائرة الإفتاء لتطور مفهوم الوقف الإسلامي باتجاه التبرع لبناء المدارس ووقفها ، وبخطط مدروسة قابلة للتنفيذ ومحكمة بزمن مرحلي للإنتقال من مرحلة الى أخرى مع مراعاة شمولية كافة المحافظات.