د. باسل باوزير يكتب عن العلاقات اليمنية الأردنية في الوثائق الهاشمية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/01 الساعة 21:59
مدار الساعة - بقلم: د. باسل باوزير " لا تاريخ دون وثائق" هي قاعدة مهمة عند جمهور المؤرخين والباحثين عن الحقيقة, فالوثيقة التاريخية تغير من مفهومنا للكثير من المسلمات والاعتقادات الشائعة حول فترة زمنية معينة من تاريخ بلادنا, وبالتالي تتغير ذهنية الباحث حول ما حدث فتاريخ الأمم والشعوب يُصنع بالوثائق. فالوثائق الارشيفية لها أهمية كبرى في حياة الأفراد والدول, إذ يمكن من خلالها معرفة وقائع الماضي واستشراف المستقبل, فهي بذلك تشكل قيمة إثباتية وتاريخية مهمة. وقد عملت الدولة الأردنية على إعطاء أهمية كبرى للوثائق الأرشيفية, وتأسس لهذه الغاية الجليلة مركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام (الصادر عنه المجلد الذي نتناول التعريف به) القائم عليه أستاذنا الكبير الدكتور محمد عدنان البخيت الذي يعتبر وبحق حارس التاريخ والذاكرة الجمعية. بين أيدينا المجلد الرابع والعشرون من سلسلة الوثائق الهاشمية (أوراق عبدالله بن الحسين) يتناول هذا المجلد الذي جمعت وثائقه أستاذتنا الرائدة الدكتورة هند أبو الشعر مجموعة مهمة من الوثائق التي تتعلق بالعلاقات الأردنية اليمنية للفترة ما بين 1948 – 1950 م. وهي فترة مهمة في تاريخ المملكة المتوكلية اليمنية, حيث افُتتح العام 1948 (17 فبراير) بمقتل الامام يحي بن محمد حميدالدين في أحداث ما عرف بالثورة الدستورية التي قادها عبدالله الوزير. يعرض هذا المجلد 140 وثيقة تغطي أحداث مهمة من تاريخ اليمن عبر تقديم صورة شاملة ومتنوعة عن تلك الفترة. قُسمت الوثائق في هذا المجلد (بحسب ما ورد في مقدمته) على ثلاثة محاور, تناول المحور الأول علاقات المملكة الأردنية الهاشمية بمملكة اليمن. وتبدأ هذه الوثائق عندما تلقى الملك عبدالله بن الحسين برقية من عبدالله الوزير, يبلغه فيها بمقتل الإمام يحي آل حميدالدين, وبأن أهل الحل والعقد نصبوه إماماً شرعياً وملكاً دستورياً على اليمن, وطلب في برقيته الدعم والمساندة من الملك عبدالله بإرسال طائرات للحماية من تدخلات محتملة من قبل من وصفهم ابن الوزير بالأجانب, وتلقى الملك عبدالله بن الحسين برقية من رئيس وفد جماعة الاخوان المسلمين المصريين في صنعاء يطلب منه المساعدة لإخراجهم من صنعاء خوفاً على حياتهم من القبائل, كما تلقى برقيات من أفراد عرب طالبوه بالتدخل لمصلحة أبناء الإمام يحي, كما تلقى برقيات متتابعة من الجاليات اليمنية في الحبشة واليمنيين المجاهدين في يافا بفلسطين, واليمنيين في محمية عدن, تشكره على موقفه المساند لأبناء الإمام. وفي برقية وصلت الملك عبدالله بن الحسين من حجة باليمن من الإمام أحمد بن يحي يبلغه فيها باستقرار الأوضاع بعد القبض على عبدالله الوزير وجماعته. أما المحور الثاني في المجلد, فيضم مجموعة من العرائض المقدمة من اليمنيين المجاهدين بفلسطين, والذين استقروا في منطقة الريش بيافا كتبوا للملك عبدالله بن الحسين مطالبين بالمساعدة على نقلهم إلى اليمن, ومن اللافت للانتباه أن عريضة كبيرة تضم أسماء أربعاً وسبعين يمنياً طلبوا من الملك عبدالله أن يقبلهم مجندين في الجيش العربي الأردني. أما المحور الثالث فيتناول مجموعة من الرسائل والبرقيات المتبادلة بين الملك عبدالله بن الحسين والإمام أحمد بن يحي, تدور حول التشاور والتنسيق بخصوص عدد من القضايا الكبيرة ومنها وحدة الضفتين وموقف الجامعة العربية. وسنعمل في قابل الأيام على نشر بعضاً من هذه الوثائق ليطلع عليها الباحثين والجمهور من اليمنيين وغيرهم من المهتمين بتاريخ اليمن ليتاح لهم دراستها والتعمق فيها ومقارنتها بالوثائق التي قد تكون بحوزتهم وتتحدث عن ذات الفترة. العديد من هذه الوثائق سينشر لأول مرة وقد يؤدي مضمونها إلى إعادة التفكير بشأن العديد من الوقائع التاريخية التي كانت غائبة لأسباب متعددة.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/01 الساعة 21:59