هل تنهض الحكومة؟
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/01 الساعة 01:26
عندما تحل مصيبة بعائلة، ثمة شخص أو عدة أفراد من الأسرة والمقربين منهم عليهم أن يبقوا واقفين على أرجلهم وعدم الاستسلام لمشاعرهم، ليتسنى لهم القيام بالمهمات المطلوبة بمثل هذه الظروف.
فاجعة البحر الميت كانت فاجعة جميع الأردنيين، وهي بالنسبة للحكومة مصيبة فوق فاجعة حلت فوق رأسها، وعصفت بأجندتها وخططها.
رئيس الوزراء تفرغ لإدارة الأزمة وتداعياتها السياسية، والإشراف على عمل الأجهزة المعنية، ونائبه تولى ملف"التحقق" وكان عليه أن يعمل على مدار الساعة مع فريقه لإنجاز التقرير النهائي. الوزراء المعنيون مباشرة بالفاجعة تفرغوا تماما، ولم يكن بوسعهم فعل شيء غير التعامل مع التطورات، وصد الهجمات النيابية والإعلامية.
لكن الفريق الوزاري عموما لم يستطع الخروج من أجواء الحزن والحداد، واكتفى بأداء المتطلبات الملحة، وآثر معظمهم تجنب المناسبات العامة والنشاطات الميدانية. ربما يكون الأمر تعبيرا عن شعور حقيقي لاشك فيه بالحزن والألم ومراعاة للمشاعر العامة في البلاد، وترقبا لما تسفر عنه السجالات الدائرة حول مصير الحكومة؛ تعديلا أو تغييرا.
يمكن تفهم هذه المبررات غير أن الوقت على مختلف الصعد لايعمل لصالحنا. ينبغي أن نقف على قدمينا، ونتحمل مسؤولياتنا. لو لم يحدث ماحدث في سيل زرقاء ماعين، لكان جدول اعمال الحكومة مزدحما، بمناقشات قانون الضريبة في مجلس النواب، وعرض خطة أولوياتها للعامين المقبلين، والمشاريع التي تنوي تنفيذها، وبنود أخرى كثيرة تحفل بها أجندة الوطن.
بالمناسبة لم يتغير شيء على هذه الأولويات، فبعد عشرة أيام فقط سينتهي مجلس النواب من تحقيقه في الفاجعة، وربما قبل ذلك يتخذ رئيس الوزراء قراره النهائي بشأن الثمن الذي ستدفعه حكومته لتجنب طرح الثقة بحكومته أو بعدد من وزرائه تحت القبة. بعدها ستعود ماكينة العمل لتدور من جديد، ويتعين أن تدور منذ اللحظة.
الطاقم الوزاري لايجب أن يبقى أسيرا للأزمة، ويعيد ترتيب أوراقه وجدول أعماله، فمن يراجع بعض الوزارات اليوم يشعر بحالة من الشلل أصابت كوادرها المنشغلة بمتابعة الأحداث والتوقعات، في غياب شبه تام للوزراء عن متابعة أعمال وزاراتهم. الأمر لا ينطبق على الجميع، لكن حتى من يحضر لعمله يوميا من الوزراء تجده شارد الذهن وغارقا في حسابات اللحظة المأزومة.
الحكومة بشكل عام ينبغي أن لا تتأخر كثيرا في إطلاق خطتها الموعودة، والاستعداد لإدارة حوار وطني حولها لتغدو مشروعا وطنيا يحظى بالدعم والإسناد الأهلي.
الاستسلام لوضعية الأزمة يضعف الحكومة أكثر في أعين المواطنين، ويغري المنافسين بتصعيد هجومهم للإجهاز عليها تماما، فالشعور بالذنب أخلاقيا حيال فداحة الفاجعة، لا يعني أن يتصرف الوزراء كما لو أنهم مذنبون، مكسورو الخاطر.
كلنا نشعر بعظم الخسارة وبالذنب كذلك، لكن أصحاب المسؤولية منا هم من يجب أن يقفوا على أقدامهم ويحملوا عن كاهلنا هذا الشعور ويساعدونا على النهوض.
ملاحظة أخيرة، الأزمة كانت مناسبة لتقييم تجربة الوزير بوزارتين. باختصار وزارة التعليم العالي تدفع اليوم ثمن انشغال وزير التربية بإدارة أزمة ليس للتعليم العالي علاقة مباشرة فيها. وإن حدث تغيير في الأولى ستدفع الثانية الثمن دون أدنى مسؤولية لها. الغد
فاجعة البحر الميت كانت فاجعة جميع الأردنيين، وهي بالنسبة للحكومة مصيبة فوق فاجعة حلت فوق رأسها، وعصفت بأجندتها وخططها.
رئيس الوزراء تفرغ لإدارة الأزمة وتداعياتها السياسية، والإشراف على عمل الأجهزة المعنية، ونائبه تولى ملف"التحقق" وكان عليه أن يعمل على مدار الساعة مع فريقه لإنجاز التقرير النهائي. الوزراء المعنيون مباشرة بالفاجعة تفرغوا تماما، ولم يكن بوسعهم فعل شيء غير التعامل مع التطورات، وصد الهجمات النيابية والإعلامية.
لكن الفريق الوزاري عموما لم يستطع الخروج من أجواء الحزن والحداد، واكتفى بأداء المتطلبات الملحة، وآثر معظمهم تجنب المناسبات العامة والنشاطات الميدانية. ربما يكون الأمر تعبيرا عن شعور حقيقي لاشك فيه بالحزن والألم ومراعاة للمشاعر العامة في البلاد، وترقبا لما تسفر عنه السجالات الدائرة حول مصير الحكومة؛ تعديلا أو تغييرا.
يمكن تفهم هذه المبررات غير أن الوقت على مختلف الصعد لايعمل لصالحنا. ينبغي أن نقف على قدمينا، ونتحمل مسؤولياتنا. لو لم يحدث ماحدث في سيل زرقاء ماعين، لكان جدول اعمال الحكومة مزدحما، بمناقشات قانون الضريبة في مجلس النواب، وعرض خطة أولوياتها للعامين المقبلين، والمشاريع التي تنوي تنفيذها، وبنود أخرى كثيرة تحفل بها أجندة الوطن.
بالمناسبة لم يتغير شيء على هذه الأولويات، فبعد عشرة أيام فقط سينتهي مجلس النواب من تحقيقه في الفاجعة، وربما قبل ذلك يتخذ رئيس الوزراء قراره النهائي بشأن الثمن الذي ستدفعه حكومته لتجنب طرح الثقة بحكومته أو بعدد من وزرائه تحت القبة. بعدها ستعود ماكينة العمل لتدور من جديد، ويتعين أن تدور منذ اللحظة.
الطاقم الوزاري لايجب أن يبقى أسيرا للأزمة، ويعيد ترتيب أوراقه وجدول أعماله، فمن يراجع بعض الوزارات اليوم يشعر بحالة من الشلل أصابت كوادرها المنشغلة بمتابعة الأحداث والتوقعات، في غياب شبه تام للوزراء عن متابعة أعمال وزاراتهم. الأمر لا ينطبق على الجميع، لكن حتى من يحضر لعمله يوميا من الوزراء تجده شارد الذهن وغارقا في حسابات اللحظة المأزومة.
الحكومة بشكل عام ينبغي أن لا تتأخر كثيرا في إطلاق خطتها الموعودة، والاستعداد لإدارة حوار وطني حولها لتغدو مشروعا وطنيا يحظى بالدعم والإسناد الأهلي.
الاستسلام لوضعية الأزمة يضعف الحكومة أكثر في أعين المواطنين، ويغري المنافسين بتصعيد هجومهم للإجهاز عليها تماما، فالشعور بالذنب أخلاقيا حيال فداحة الفاجعة، لا يعني أن يتصرف الوزراء كما لو أنهم مذنبون، مكسورو الخاطر.
كلنا نشعر بعظم الخسارة وبالذنب كذلك، لكن أصحاب المسؤولية منا هم من يجب أن يقفوا على أقدامهم ويحملوا عن كاهلنا هذا الشعور ويساعدونا على النهوض.
ملاحظة أخيرة، الأزمة كانت مناسبة لتقييم تجربة الوزير بوزارتين. باختصار وزارة التعليم العالي تدفع اليوم ثمن انشغال وزير التربية بإدارة أزمة ليس للتعليم العالي علاقة مباشرة فيها. وإن حدث تغيير في الأولى ستدفع الثانية الثمن دون أدنى مسؤولية لها. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/11/01 الساعة 01:26