«كلاكيت 3» ... هل ننتظر الـ «أكشن»
للمرة الثالثة يعيد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اتخاذ القرارات ذاتها ... وللمرة الثالثة يناط بالرئيس واللجنة التنفيذية أمر متابعة هذه القرار ونقلها إلى حيز التنفيذ ... بلغة السينما، هذا «كلاكيت 3» لكن المايسترو أو المخرج، لم يطلق بعد صرخة «أكشن» حتى تبدأ عجلة العدسات بالدوران، والفيلم بالإنجاز ... وقد نكون أمام «كلاكيت 4»، لكن «الأكشن» لن يأتي على الأرجح.
لم تتوقف المطالبات بتنفيذ قرارات المجلسين، الوطني والمركزي ... لكن أحداً لم يعط بالاً لها، وهذا ما حدا بفصائل وشخصيات مستقلة لمقاطعة اجتماعات المجلسين، وتحديداً «المركزي»، إذ بالكاد نجحت القيادة الفلسطينية في تأمين نصاب الاجتماع، مع أن المجلس في تشكيله، جاء مفصلاً على مقاس القيادة وحساباتها وتفضيلاتها... واللافت أنه ما انفض الجمع في رام الله، حتى انطلقت الأصوات من داخل «لجنة المتابعة» التي تعظم الواقعية والعقلانية، وتحذر من مخاطر القفز في الهواء أو المجهول، وهو ما يعني أن أحداً لن يكلف نفسه عناء الترجمة والتنفيذ.
لماذا إذن، تصر قيادة السلطة والمنظمة على إعادة انتاج القرارات ذاتها، طالما أنها لا تنوي تنفيذها أو ترجمتها؟ ... وفي ظني، وليس كل الظن إثم، أنها إذ تفعل ذلك، فإنما تستهدف تحقيق هدفين اثنين: الأول؛ توجيه رسالة إلى إسرائيل والمجتمع الدولي، بأنها ستقابل التصعيد الأمريكي – الإسرائيلي بتصعيد مماثل ... والثاني؛ توفير مساحة للمتذمرين والرافضين والمعارضين والثوريين، للتنفيس داخل قاعات الاجتماع عمّا يجول في عقولهم وصدورهم، وترجمته حبراً على وراق، من دون نقله إلى حيز التنفيذ.
مع أنني أعتقد جازماً، أن هذه اللعبة أو هذا التكتيك، إن أردنا رفع سوية النقاش وأخلاقياته، لم يعد ينطلي على أحد ... فلا «الأدرينالين» سال في عروق المؤسستين السياسية والأمنية في إسرائيل، بل ربما أن أحداً في إسرائيل لم يأخذ هذه المقررات على مجمل الجد، وكذا الحال بالنسبة لواشنطن والمجتمع الدولي.
ثم إن «الفصائل» و»الشخصيات» باتت أكثر إدراكاً لقواعد اللعبة وأهدافها ... فمن لديه بقايا احترام للذات، آثر المقاطعة، حتى لا يسجل عليه دور «شاهد الزور» ... وثمة آخرون، لا موقع لهم سوى في خلفية المشهد، بين الكومبارس، وعليه الاكتفاء بالتصفيق، أو مراقبة ما يجري من دون حراك ... ودائماً ثمة من المبررات ما يكفي لتسويق هذا الموقف أو ذاك، ولن يعدموا وسيلة لتحقيق هذا الغرض.
مثل القرارات التصعيدية التي صدرت عن آخر اجتماعات للمجلسين الوطني والمركزي، مثل التهديدات التي لم تنقطع، بتسليم مفاتيح السلطة الفلسطينية لبنيامين نتنياهو ... فقدت تأثيرها حتى كورقة يمكن التلويح بها، وواهم من يعتقد بأن السلطة، تخلت عن «قداسة» التنسيق الأمني، أو أنها بصدد الإعلان عن الانسحاب من الاتفاقات المبرمة، أو حتى «تعليق» الاعتراف بإسرائيل، ولا أدري هنا ما الذي يعنيه تعليق الاعتراف، وما إذا كان له مطرحاً في القانون الدولي أم لا؟
ونصيحتي للسلطة أن تكف عن إطلاق المواقف والتهديدات التي لا تقوى على تنفيذها أو لا ترغب في ترجمتها إلى حيز التنفيذ ... تكرار مثل هذه الممارسات، يضعف صدقية السلطة ويهمش ما تبقى من صورتها، ويظهر ضعفها أكثر مما يبرز قوتها ... وأحسب أن المواقف الأعمق للسلطة والرئاسة، ليست بوارد التساوق مع مثل هذه الشعارات، ولا بصدد الاستجابة لمثل هذه المطالبات والنداءات ... فهل ثمة من ضرورة للاستمرار في لعبة كهذه؟ ... وهل تساعد هذه الممارسات على تعميق الثقة المتبادلة بين أطراف المشروع الوطني الفلسطيني؟ ... وهل يمكن لمشروع بعث وإحياء الحركة الوطنية الفلسطينية وتفعيل منظمة التحرير أن يقوم على أساسات رخوة، تتميز بانعدام الثقة واليقين، وحالة «التوهان» وتقاذف الاتهامات بالمسؤولية عن المآلات الصعبة التي انتهى إليها المشروع الوطني الفلسطيني؟
الدستور