اعلاميون وسياسيون : جلالة الملك شخّص بدقة مكامن الخطورة في شبكات التواصل الاجتماعي

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/31 الساعة 15:22
مدار الساعة - بشرى نيروخ ومازن النعيمي- أدى غياب المعلومة من مصدرها الرسمي والموثوق الى انتشار الاخبار غير الموثوقة او المشوّهه او المبالغ بها، في اوقات الازمات الى المصادر البديلة وهي مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تمثل وجهة نظر موثوقة بل وجهات نظر شخصية، بحسب اعلاميين وسياسيين. الاعلاميون والسياسيون التي تحدثوا وكالة الانباء الاردنية (بترا)، اعتبروا ان ما ورد في مقال جلالة الملك عبدالله الثاني، بعنوان (منصّات التواصل أم التناحر الاجتماعي؟) يؤشر بقوة الى الخلل، وشخّص بدقة مكامن الخطورة في هذه الشبكات، إذا ما تحولت الى وسائل للتناحر الاجتماعي بدلا من أن تكون كما خُطط لها وسائل للتواصل الاجتماعي. وقالوا ان التشخيص الملكي لواقع منصات التواصل الاجتماعي، يستدعي الاهتمام من مختلف المستويات الرسمية والأهلية، وانخراطها في المعالجة السياسية والثقافية التي تبني ثقافة مجتمعية راقية وديمقراطية، تحافظ على حرية الرأي والتعبير. وزير التنمية الاجتماعية السابق استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية الدكتور امين المشاقبة، لفت الى ان جلالة الملك عبدالله الثاني، ركز على حرية التعبير الذي كفله الدستور الاردني، بحيث لا يكون مخالفا بالاساءة للآخرين وبما يؤثر على النسيج الاجتماعي. وبين اذا ما كان هناك تضارب للأنباء في الفترات الماضية وصور قديمة أُلصقت للموضوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأدى بذلك الى الارباك والتشويش في الحصول على المعلومة الصحيحة، والذي فسح المجال للإشاعات والاخبار المفبركة . وأوضح ان جلالته نصح الناس بمقاله باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي بشكل ايجابي بما يخدم التنمية والمجتمع، مبينا ان الاعلام الرسمي لابد من تواجده في اوقات الازمات لتوصيل المعلومة بشكلها الصحيح. أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الاردنية الدكتور حسن المومني، بين ان ماجاء في مقال جلالة الملك عبدالله الثاني يذهب في الشأن الوطني والعالمي، وهي متعلقة بدور واستخدامات مواقع التواصل الاجتماعي والتي تسمى بأدوات الاعلام. وبين ان ما تم تناوله عن شبكات التواصل الاجتماعي هي واحدة من محركات النزعات التغييرية في العالم، والذي طرحه جلالة الملك حول ماهية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سياقها الايجابي والسلبي. وأوضح ان شبكات التواصل يوجد فضاء وعالما وتواصلا ، إذا ما كانت محكومة بمنظومة أخلاقية ومهنية، أما استخدامها سلبيا فإنها ستعمل على الفرقة وبث الكراهية والتفرقة والمشاحنات بين الناس، ويغذي الافكار المتطرفة والانقسام، بينما التواصل فإنها تعمل على ايجاد أرضية مشتركة للتفاهم والتناغم والوحدة بين الناس. وأشار الى ان هنالك مؤسسات تعنى بالتنشئة السياسية والاجتماعية كالجامعات والمدارس ، إضافة الى مؤسسات الدولة المعنية، والتي تُحدث حالة من الوعي ، وبناء عليها يكون المتلقي بمقدار وعيه وفقا للمنظومة القانونية والاخلاقية يميز بين الغث والسّمين. وقال ان جلالته قد أخذ المبادرة لإيجاد فضاء عام لمناقشة بين الفاعلين بالقوى السياسية والاجتماعية والوصول الى توافق تحكم العمل ، ذلك ان التواصل أمر مهم من أجل استمرارية التواصل بين الناس. وأوضح انه يجب النظر من ناحية شمولية أكبر سواء أكانت في الجانب القانوني او حالة من الوعي ، ولابد من وجود شفافية ومهنية عالية لدى الاعلام، التي عليها مسؤولية اجتماعية وسياسية ، ويكون لدى المواطن بوعي بما يدور فيها، ذلك ان وجودها جعلت المواطن اعلاميا وصحفيا وفاعلا فيها. نائب عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك الدكتور خلف الطاهات، قال ان مقال جلالة الملك عبدالله الثاني، عن التواصل والتناحر الاجتماعي، جاء تشخيصا للواقع الاليم الذي تشهده الحالة الاعلامية ، خصوصا فترة الازمات والكوارث، وهذا ينم عن التأثير البالغ للإعلام في تشكيل وتوجيه الرأي العام سلبا او ايجابا. وأضاف ان المشهد الاعلامي كان غائبا بتفاصيله فيما حصل بفاجعة البحر الميت، وكذلك المصادر المطلوب منها ان تتحدث ،إذ كانت هي أيضا غائبة، وتركت المجال للفبركات والاشاعات التي تسود، الامر الذي أدى الى تشكيل رأي عام ضبابي وغابت الحقيقة عنه تماما. وأشار الى انه كان المطلوب في ذلك الوضع إلزاما على من يمتلك المعلومة في مثل هذه الازمات، أن يبادر بتقديمها في وقتها ، وليس متأخرا، حتى يتم دحض الاشاعات قبل ان تتنامى وتتفاقم، وتصحيح حديث الشارع، كما حصل في فاجعة البحر الميت حيث تم تداول اشاعات كثيرة هزت جدار الثقة ما بين الحكومة والرأي العام ، أو عامة الشعب. وبين انه في مثل هذه الازمات، من الحذر أن يترك المشهد الاعلامي فارغا من المعلومات الدقيقة ، لأن تعطش الرأي العام في معرفة التفاصيل والمتابعة لآخر المعلومات والمستجدات، الامر الذي يجعله البحث عن مصادر بديلة، بيد ان هذه المصادر للأسف غير مؤهلة ، وقد تكون صاحبة أجندة وتمرر معلومات مضللة تحرف الحدث عن وجهة الحقيقة ، لصالح جلد الوطن ومؤسساته والتقليل من الجهود المبذولة في إدارة الأزمات . وقال ان على هذا فإن صانع القرار الاعلامي في الاردن عليه القيام بدوره وثنيه في عدم تمكين هذه الجهات المدسوسة أو صاحبة أجندة قد تبث معلومات مضللة لا تمكنها من هدفها النهائي في التلاعب بالرأي العام الاردني، لا بل على الحكومة ان تجيد إدارة مشاعر الناس في الازمات ، من خلال توفير المعلومات من مصادر ثقة ، بما يخدم سياسات الدولة وأهدافها وجعل المواطن دائما في صف الدولة وأجهزتها بإيمانه بالحقيقة التي تقدم له من أجهزة الدولة. وأضاف انه على المسؤولين في الدولة أن يتعلموا من الدروس السابقة في الازمات المختلفة كحادثة الركبان وأحداث خلية اربد والسلط وغيرها وكانت هناك رأي عام ، بأن إدارة المعلومات لها أهميتها وقيمتها في خدمة إدارة الازمات. وأوضح انه لا يوجد تقدير من بعض المسؤولين بأهمية إدارة المعلومة التي هي الاساس في إدارة الازمة وهي العلاج في قطع الطريق على أي تشكيك أو تضليل قد يمارس أثناء الازمات، مشيرا الى ان عنصر الوقت مهم جدا وكذلك جودة المعلومات المقدّمة ومدى اقناعها، بما يمكّن في إنجاح إدارة الازمة وبالتالي إدارة الرأي العام وبما يخدم مصالح الاردن. إذا كل مسؤول قام بأدواره وبرامجه وأنشطته وتقديمه للمعلومة في وقتها للرأي العام، ستخفف من حدة المعلومات المغلوطة، وسيعتمد المواطن على مصدرالمعلومات المتاحة عبر المواقع الرسمية المختلفة . وفيما يتعلق بمراجعة التشريعات والانظمة والقوانين، رأى ان ذلك أمر ضروري ومطلوب، لوجود العديد من المتغيرات وتعدد اشكال التواصل الاجتماعي، باعتبارها نمط جديد وفعال، وفي حال التقييد يجب الوقوف على اسبابه ان وجد. ورأى ان المسؤول يتحمل مسؤولية امتلاك المعلومة ويحتكرها ولا يتواصل مع الاعلام بشأن توضيحها وتفسيرها، فهو يكون حينها شريكا في جريمة تضليل الرأي العام مثله مثل المواطن الذي يتطوع بنشر أنباء مفبركة وغير صحيحة بدون الرجوع الى مصادر موثوقة بما يؤدي الى تضليل الرأي العام. نائب عميد كلية الاعلام في جامعة الشرق الاوسط ، والمختص في شبكات التواصل الاجتماعي الدكتور كامل خورشيد ، اعتبر ان شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر مظهرا من المظاهر الجديدة في العالم، إذ انها ظاهرة اجتماعية تواصلية تتسم بالجدية والتشاركية والتفاعلية. وبين أن ما يحدث في العالم هو نتيجة لما يدور في شبكات التواصل الاجتماعي ، وأصبحت مصدرا من مصادر الاخبار في المجتمعات ، لكن ما يؤخذ عن هذه الظاهرة ، أنها تنشر كل شيء ومن الصعوبة للمواطن ان يميز بين الغث والسمين ، وبالتالي أصبحت هذه الشبكات مثل شلالات الاخبار والمعلومات التي تتدفق بلا قيود وبلا ضوابط وبلا محددات. وأضاف ان الجانب الايجابي منها كثرة القيود التقليدية المفروضة على تدفق المعلومات، وأتاحت للمواطن أن يكون صانع المعلومة أو الخبر وليس متلقيا، وأسهمت هذه الشبكات في جعل ما يدور بالعالم بين أيدي الجمهور. أما الجانب السلبي فإنها أصبحت فضاءً رحبا وواسعا وخصبا لبث الشائعات والاخبار الكاذبة والمزيفة، ولقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني، اصبعه على مكمن الخلل وشخّص بدقة مكامن الخطورة في هذه الشبكات ،إذا ما تحولت الى وسائل للتناحر الاجتماعي بدلا من أن تكون كما خُطط لها وسائل للتواصل الاجتماعي. وعلى الجمهور الواعي أن لا يسارع في نشر ومشاركة كل شيء في تلك الشبكات ، وان نتجنب جميعا كمواطنينالى ما يسيء للوحدة الوطنية وتقاليد المجتمع والى القيم والمبادئ المشتركة. وبلا شك ان غياب المعلومة الرسمية من مصدرها الرسمي والموثوق يؤدي بالنتيجة الى انتشار الاخبار المكذوبة او المشوّهه او المبالغ بها، مبينا انه يتم ملاحظتها في اوقات الازمات والاوقات الحرجة التي يكون بها المواطن بأمسّ الحاجة الى ان يقف على المعلومة الصحيحة، وعندما يفتقدها فإنه تلقائيا يلجأ الى المصدر البديل المتوفر، وهذه المصادر البديلة (مواقع التواصل الاجتماعي) للأسباب التي ذكرت لا تتوفر على مصداقية عالية ، وبالتالي لا تمثل وجهة نظر موثوقة بل وجهات نظر شخصية. بالنسبة للتشريعات والقوانين، فإنها تهتم بأمور جوهرية في عالم الصحافة والاعلام ومنها حرية التعبير ، إذ ان حرية التعبير لا تعني الاساءة للمجتمع وبث الاخبار الفوضوية ونشر الشائعات ، فلا بد من وجود تشريعات صحفية متطورة تواكب العصر وتؤدي بالنتيجة الى حوكمة الاعلام وهذه تفرض على الاعلام التزاما أخلاقيا بالدرجةالاولى ومهنيا واجتماعيا، لكي يكون الاعلام في خدمة المجتمع ،وجزء من وظيفة الاعلام في هذا الجانب وهو التقيد والالتزام بالتشريعات النافذة . فالقانون بقدر ما هو يكفل حرية التعبير للمواطن والصحفي على حد سواء، فإنه بذات الواقت يجب ان يؤدي تطبيقه الى كفالة وضمان أمن المجتمع وتماسك النظام السياسي الذي يحكمه، فيجب ان تكون المعلومة متوازنة بين الحقوق والواجبات. بدوره، قال نقيب الصحفيين الأردنيين الزميل راكان السعايدة، إن ما كتبه جلالة الملك، وسبق أن تناوله بأشكال مختلفة في العديد من المناسبات، يعكس "الواقع المختل" الذي تسلل إلى منصات التواصل الاجتماعي، فبعضه ما أتى محمولاً على أجندات، وبعضه الآخر يعود لعدم القدرة على التمييز بين الحقائق والأكاذيب بوجه عام. وأضاف، أن منصات التواصل الاجتماعي منحت أوسع الفرص لحرية الرأي والتعبير، وتوسيع فضاء ونطاق النقاش العام، فضلاً عن مراقبة ونقد الأداء وتقييم أفعال وأقوال المسؤولين على اختلاف درجاتهم، وهو الأمر الضروري والصحيح لتصويب الخلل ومعالجته بمختلف شؤون الدولة، كما من المفترض أن تستمر كأداة معرفة قيمة، وأداة نقاش بناء، وفضاء تعبير مهني موضوعي واحترافي، لأن التسلل إليها بما هو غير صحيح ومتصادم مع الواقع والمنطق، ومتعارض مع القيم والأخلاقيات، يفقد هذه المنصات أهميتها. وبين أنه بالرغم من أهمية دور هذه المنصات في سرعة تدوير الأفكار والآراء والمواقف، إلا أنها أيضاً باتت معولاً للهدم، وفتح ثغرات الشك، وعدم اليقين في الجدار الوطني، كما يدفع كل صاحب فكرة إبداعية وخلاقة، ورأي حر وموضوعي، إلى الانزواء عن هذا الفضاء الذي اتسعت فيه مساحة المزاودات والافتراءات والبطولات والادعاءات الوهمية، وغاب فيه العقل والحكمة. وتابع السعايدة، أن المحافظة على منصات التواصل الاجتماعي باتت ضرورة إنسانية وسياسية وثقافية، فهي أداة ضغط لمعالجة الأخطاء والخطايا، وأداة نقاش كونية للأفكار والآراء ذات الوزن والقيمة، لكنها، بذات الوقت تحتاج إلى منظومة ثقافة مجتمعية تؤسس لأسلوب تفاعل مختلف وبناء في توظيفها والاستفادة منها، والاستثمار فيها. وأشار إلى أن التشخيص الملكي لواقع منصات التواصل الاجتماعي، يستدعي الاهتمام من مختلف المستويات الرسمية والأهلية، وانخراطها في المعالجة السياسية والثقافية التي تبني ثقافة مجتمعية راقية وديمقراطية، تحافظ على حرية الرأي والتعبير، وتدفع مستخدمي منصات التواصل إلى تعظيم قيم هذه المنصات وأهميتها بعيداً عن تناول خصوصيات الأفراد وتلفيق الأكاذيب وترويج الإشاعات بوجه عام وبهذا الصدد، قال عميد كلية الصحافة والإعلام في جامعة الزرقاء الدكتور أمجد الصفوري، إن الرسالة الملكية جاءت في وقت أحوج ما نكون فيه لضبط تدفق المعلومات والإشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشهد حالة من "التوهان" الإعلامي، الرسمي أو الخاص أو الشعبي، بسبب عشوائية الاستخدام لهذه المواقع من جهة، وتفشي المصالح الشخصية، وعدم وجود ضابط حقيقي لما ينشر عبر هذه المواقع من جهة أخرى. وأضاف أن ما كتبه جلالة الملك قد تضمن العديد من الأبعاد التي يجب التركيز عليها، ومنها سيادة القانون وحق الجميع بالتعبير عن رأيه دون تجاوز للحدود، أو اغتيال للشخصيات دون أدلة أو براهين، وهي رسائل مهمة للمواطنين والعاملين في الإعلام على حد سواء، من خلال نقل المعلومات المستندة على الحقائق والأدلة دون غيرها، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن ما نشهده اليوم من سوء استخدام لمواقع التواصل الاجتماعي أدى بنا إلى هدم أفكار التطور والتميز والإبداع عوضاً عن التركيز عليها، وانتشار الشائعات التي أصبحت تعصف بمجتمعنا دون رقيب أو حسيب. وأشار الصفوري إلى أن المطلوب الآن يكمن في تفعيل دور الإعلام الحقيقي الذي يهتم بنقل الوقائع من مصادرها دون تغييب للحقائق أو تضييق على الحريات، هو ما نحتاجه اليوم كأردنيين، شريطة أن يتحمل جميع العاملين في المؤسسات الإعلامية والصحفية مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه المجتمع بمختلف قطاعاته، حتى نكون قادرين على اغتيال "مرض الإشاعة"، وبالتالي الوصول إلى أدوات إعلامية قادرة على حماية الأردن من هذا الأخطار .(بترا)
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/31 الساعة 15:22