كلام مساطيل
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/31 الساعة 00:06
حدثني صديقي قائلا: حملتني الأقدار في أحد البلدان إلى الجلوس مع مجموعة من الشباب يتناولون الحشيش، ولما سألتهم عن سبب تعاطيهم، أجاب أولهم: السبب أنني أحب أن أكون مخالفا للقانون، وهذا أمر يشعرني بالتحدي، فأنا أعبّر عن وجودي من خلال قدرتي على تجاوزه. وأجاب الثاني: السبب أنني أستمتع بذات الفعل، فأنا أشعر بالمتعة عند تدخيني لهذه السيجارة الملغومة، فللتدخين متعة في ذاته. وأجاب الثالث: السبب أن الحشيش يجعلني في عالم آخر، يشعرني بالنشوة والمرح والسرور، ويجعلني خفيف الظل، يحبني كل من حولي. وأجاب الرابع: السبب أنني أريد أن أنسى ما يحصل في العالم حولي من قتل وهدم واعتداء على البشر والحجر. وأجاب الأخير: السبب أنني أعيش بسبب هذه السيجارة العجيبة في عالمي الخاص الذي أتمنى أن أعيش فيه، فأرى الزوجة التي أحلم بها، والسيارة التي أتمنى ركوبها، والبيت الذي أشتهي أن أسكنه.
ش
يقول صديقي: العجيب أن هذه المجموعة التي التقيت بها في بلد عربي كانت متماسكة لحد عجيب وغريب، حيث إذا وقع أحدهم في يد رجال الأمن لم يشِ ببقية زملائه، فهو يحافظ عليهم، وهم بالمقابل يبادلونه نفس الشعور، فهم لا يبخلون عليه بإظهار المحبة المتبادلة من خلال تهريبهم إليه بعض السجائر الملغومة في سجنه. فهم يرددون أن الناس كثر، لكن من يصلح بينهم للصداقة قليل. وقد بلغ بهم الوفاء حدا لا يطاق، فقد قام والد أحدهم بإدخاله المستشفى ليتعالج من هذه السموم، فلم يقصر أصحابه في واجب الزيارة وتقديم التموين اللازم كي يتكيف في وحدته في المستشفى. يقول صديقي: إنه مجتمع غريب فعلا، يتناول أصحابه ما يُذهب العقل لتجدهم ينطقون بالحكمة حين تغيب عقولهم، وكأن الصحو لهم تسطيل، والتسطيل لهم صحو. يقول أحدهم: إن الحكومة تتعامل بمعايير مزدوجة، وليس عندها مبدأ واحد في التعامل، وهذا لا يليق بالحكومات العريقة المحترمة، فسألته عن السبب فأجاب: إنها تحارب الحشيش وتجيز الخمر، فما الفرق بينهما بالله عليك؟ قلت له: الله أعلم، لا علم عندي، فقال: يا أستاذ، هما شيء واحد، الخمر والحشيش حرام في الشريعة، وهما يضران بالقدرات العقلية، ويدمران الصحة الجسدية، فقلت: ما شاء الله، مفتي وطبيب، واستطرد قائلا: الحكومة تجرّم الحشيش وتبيح الخمر، فلماذا يا أستاذ؟ قلت: لا أدري، فقال: لأنها تأخذ الجمارك والضرائب والرسوم على الخمر، ولا تأخذ شيئا على الحشيش، يا أستاذ، فلتأخذ الحكومة ما تشاء على الحشيش، وخلينا، نحشش ونعيش. يقول صديقي: أستطيع أن أقسم أن ما قاله لم يخطر في ذهني يوما ما، ربما لأنها ليست قضيتي، ولكن تناوله للموضوع بهذا الشكل أقنعني أنه يصحو عندما يكون مسطولا. قال صديقي: أردت استفزازهم فقلت: يا جماعة القدس ضاعت، ويجب أن نعمل لتحريرها، وبهذه الحال لن يتم ذلك أبدا، فأجاب أحدهم: يا سيدي الفاضل، إن بعض من يزعمون أنهم مقاومة هم من يزرعون الحشيش ويتاجرون به لشراء السلاح، إنهم يدمّرون الجيل، فيقدمون أفضل هدية للعدو، ثم يقولون إنهم يقاومونه، أرأيت كيف يخدمون العدو مجانا؟ المقاومة ينبغي أن تكون مؤمنة بالله ونظيفة، ولا تتقرب إلى الله بمعصيته، ثم لا يصح أن تكون بيد تجار للحشيش؛ لأنه أشدّ فتكا فينا من الأسلحة التي توجّه للعدو. قال صديقي: إذن أنتم تعرفون أن الحشيش حرام، وأنه رجس من عمل الشيطان، فلم تتناولونه إذن؟ فأجاب أحدهم بحجة الحشاشين العظمى: إن كان حلال أدينا بنشرَبُه، وإن كان حرام أدينا بنحرَؤُه. الدستور
ش
يقول صديقي: العجيب أن هذه المجموعة التي التقيت بها في بلد عربي كانت متماسكة لحد عجيب وغريب، حيث إذا وقع أحدهم في يد رجال الأمن لم يشِ ببقية زملائه، فهو يحافظ عليهم، وهم بالمقابل يبادلونه نفس الشعور، فهم لا يبخلون عليه بإظهار المحبة المتبادلة من خلال تهريبهم إليه بعض السجائر الملغومة في سجنه. فهم يرددون أن الناس كثر، لكن من يصلح بينهم للصداقة قليل. وقد بلغ بهم الوفاء حدا لا يطاق، فقد قام والد أحدهم بإدخاله المستشفى ليتعالج من هذه السموم، فلم يقصر أصحابه في واجب الزيارة وتقديم التموين اللازم كي يتكيف في وحدته في المستشفى. يقول صديقي: إنه مجتمع غريب فعلا، يتناول أصحابه ما يُذهب العقل لتجدهم ينطقون بالحكمة حين تغيب عقولهم، وكأن الصحو لهم تسطيل، والتسطيل لهم صحو. يقول أحدهم: إن الحكومة تتعامل بمعايير مزدوجة، وليس عندها مبدأ واحد في التعامل، وهذا لا يليق بالحكومات العريقة المحترمة، فسألته عن السبب فأجاب: إنها تحارب الحشيش وتجيز الخمر، فما الفرق بينهما بالله عليك؟ قلت له: الله أعلم، لا علم عندي، فقال: يا أستاذ، هما شيء واحد، الخمر والحشيش حرام في الشريعة، وهما يضران بالقدرات العقلية، ويدمران الصحة الجسدية، فقلت: ما شاء الله، مفتي وطبيب، واستطرد قائلا: الحكومة تجرّم الحشيش وتبيح الخمر، فلماذا يا أستاذ؟ قلت: لا أدري، فقال: لأنها تأخذ الجمارك والضرائب والرسوم على الخمر، ولا تأخذ شيئا على الحشيش، يا أستاذ، فلتأخذ الحكومة ما تشاء على الحشيش، وخلينا، نحشش ونعيش. يقول صديقي: أستطيع أن أقسم أن ما قاله لم يخطر في ذهني يوما ما، ربما لأنها ليست قضيتي، ولكن تناوله للموضوع بهذا الشكل أقنعني أنه يصحو عندما يكون مسطولا. قال صديقي: أردت استفزازهم فقلت: يا جماعة القدس ضاعت، ويجب أن نعمل لتحريرها، وبهذه الحال لن يتم ذلك أبدا، فأجاب أحدهم: يا سيدي الفاضل، إن بعض من يزعمون أنهم مقاومة هم من يزرعون الحشيش ويتاجرون به لشراء السلاح، إنهم يدمّرون الجيل، فيقدمون أفضل هدية للعدو، ثم يقولون إنهم يقاومونه، أرأيت كيف يخدمون العدو مجانا؟ المقاومة ينبغي أن تكون مؤمنة بالله ونظيفة، ولا تتقرب إلى الله بمعصيته، ثم لا يصح أن تكون بيد تجار للحشيش؛ لأنه أشدّ فتكا فينا من الأسلحة التي توجّه للعدو. قال صديقي: إذن أنتم تعرفون أن الحشيش حرام، وأنه رجس من عمل الشيطان، فلم تتناولونه إذن؟ فأجاب أحدهم بحجة الحشاشين العظمى: إن كان حلال أدينا بنشرَبُه، وإن كان حرام أدينا بنحرَؤُه. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/31 الساعة 00:06