بانتظار نتائج التحقيق

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/30 الساعة 23:40

ما وقع يوم الخميس الماضي كان كارثة طبيعية مفاجئة وقعت في بلدنا، وأصابتنا في مقتل، عندما اختطفت من بيننا كوكبة من زهرات الوطن كانت في طور التفتح، لكن " قدر الله وما شاء فعل" فالرحمة لمن اختارهم الله إلى جواره، والدعاء بسرعة الشفاء لمن تم إنقاذه على أيدي نشامى الدفاع المدني، وسائر أجهزتنا الأمنية وبمساندة المواطنين.

الكارثة الطبيعية التي أصابتنا ليست حدثاً استثنائياً، فالكوارث الطبيعية في العالم متكررة على مدار العام، وقد أتاحت لنا ثورة الاتصالات والمعلومات فرصة مشاهدة الأعاصير وهي تضرب ولايات أمريكية، فتقتل المئات وتشرد الآلآف، وتقطع تيارات الكهرباء والمياه وتدمر جسور وإنفاق وغير ذلك من المنشآت وهو منظر يتكرر على مدار العام في الأمريكتين وأوروبا وكذلك في دول أسيوية كاليابان وماليزيا وأندونيسيا حيث تقف أعتى الدول وأغناها عاجزة أمام إرادة الله وجنوده من أمطار وأعاصير، وبراكين وزلازل، بانتظار هدوؤها ومن ثم الانطلاق لمعالجة آثارها ونتائجها.

هذا ما يحدث في كل دول العالم ، لكننا نختلف عن الآخرين بأننا نجعل من كل حدث مناسبة لجلد الذات، والبحث عن ما نعتقد أنه وجه من وجوه القصور، بل وأخطر من ذلك كله أننا نسارع بالاستسلام للإشاعة وترويجها،كما ننصب من أنفسنا قضاة وجلادين في الوقت ذاته، نجري محاكمات ميدانية ونصدر أحكام بلا أدلة ولا تبُين، مما يوقعنا مرة أخرى في فخ جلد الذات والتشكيك وتوسيع هوة فقدان الثقة فيما بيننا.وهو ما حدث أيضاً يوم الخميس الماضي، فأصحاب النظرة السوداوية لم يكتفوا بحالة الحزن التي لفت وطننا كله على الذين ارتقوا إلى الرفيق الأعلى، لكنهم أرادوا تعظيم المصيبة عندما أغلقوا عيونهم عن الجانب المضيء من الصورة،وهو الجانب الذي تكشفه دائماً المصائب التي نتعرض لها، فيظهر المعدن الأردني الأصيل، وتتحرك النخوة الأردنية التي تجعل جندياً مجازاً من الدفاع المدني مثل الغطاس زاهر العجالين يقطع إجازته ويندفع إلى موقع الحدث ليساهم في إنقاذ من يمكن إنقاذه، بالتزامن مع هبة الدولة كلها من رأس الهرم جلالة الملك المعظم، إلى أصغر مرتب في الدفاع المدني والأمن العام والدرك والقوات المسلحة وكوادر الوزارات المعنية، مروراً برئيس الوزراء والوزراء المعنيين الذين تواجدوا بالميدان، وتابعوا سير عمليات الإنقاذ، ليلي ذلك كله الفعل الذي تذهب إليه كل الدول المتحضرة والحريصة على رعاياها، فيرأس جلالة الملك في اليوم التالي وهو يوم الجمعة اجتماع عمل، تكون أول نتائجه تشكيل لجنة تقصي حقائق سيتجاوز عملها معرفة أسباب ما حدث يوم الخميس الماضي إلى الأخذ بالأسباب التي تحول دون تكراره، بالإضافة إلى لجنة تحقيق قضائية مهمتها تحديد هوية المقصر ومحاسبته قضائياً، وهو ما تفعله المجتمعات الحية وحكوماتها، ونظن أن شعبنا حي لذلك يستطيع التعامل مع الأزمات والكوارث واجتيازها والعمل على عدم تكرارها وهذا هو الجانب المضيء مما حدث يوم الخميس الماضي، وهو الجانب الذي تصر بعض الغرف السوداء على تجاهله، من خلال بثها للإشاعات، ومن خلال بحثها عن الثغرات وترويجها للأكاذيب، مما يوجب علينا أن لا نستسلم لها، خاصة وأن وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية والخاصة، وفي مقدمتها التلفزيون الأردني كانت تنقل وقائع الحدث بصورة حية ومباشرة، وكنا نراقب جميعاً رغم حزننا أداء متناغم لأجهزة دولتنا، مدعومة بهبة نخوة أبناء شعبنا، مما يوجب قطع الطريق على أي إشاعة خاصة لمن يريد أن يحتكم إلى العقل والمنطق بانتظار نتاج التحقيق. الرأي

Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/30 الساعة 23:40