الأيادي العابثة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/30 الساعة 00:08
تمرّ بنا الأزمات ككل الدول والشعوب، لكن الأمر المزعج، أن تجد أيادٍ عابثة في مشهد الأزمة، مما ينتج عنه تفاقمها، وصعوبة حلها، ومن ثمَّ انشغالنا بأزمة جديدة.
والمتأمل في الأزمات الأخيرة، كالعمل الإرهابي في قلعة الكرك، أو أحداث السلط الإرهابية، أو حادثة الغور، سيرصد في كل واحدة منها كمًّا هائلا من الإشاعات، والصور والفيديوهات المفبركة، التي تنأى بالمتابع عن الحقيقة، وتجعله يفكر بغير الاتجاه الصحيح. ومثل هذه التصرفات ربما يكون دافع أصحابها الحصول على عدد أكبر من المشاهدات، أو التنبيه على وجودهم في ساحة التواصل الاجتماعي، أو الإيهام بأن هذا الشخص عنده معلومات ليست عند غيره، وربما يكون هذا العمل مدبّرا من أعداء الوطن بهدف التشتيت، وتوسيع دائرة الأزمة.
ولا شك أن الشفافية ومواكبة الحدث من قبل الإعلام الوطني والقائمين على مواجهة الأزمة خير وسيلة للحد من تلك الشائعات، لكنّ تأخّرهم في تقديم المعلومة الصحيحة يفتح المجال واسعا أمام كلّ من هبّ ودبّ ليقول ما يشاء، ويقدّم الرواية البديلة؛ لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فإن لم تقدّم الأجهزة المعنيّة روايتها بسرعة وبكل شفافية وصدق، سيأتي من يفعل ذلك بصدق أو بغيره، لذلك كانت الإدارة الإعلامية من أهم أجزاء إدارة الأزمات.
في ظلّ الأزمة تكون العقول مشغولة، وتعيش الأنفس بين قلق وخوف وغضب وحزن، وفي ظل هذه العقول والأنفس المشوشة يسهل قبول كل ما يطّلع عليه الإنسان؛ لأنّ فضوله لا يرضى بالمجهول؛ لأنه يخاف منه، ولا يعرف عاقبته، لذلك يَقبل بما يُقدَّم إليه مهما كان سخيفا أو غير معقول. ففي بعض الفيديوهات المفبركة تجد أن الحدث في عزّ الصيف، لكنّ صور البشر تبيّن أنهم في الشتاء، والعقل لو كان مرتاحًا لاكتشف هذا الأمر، لكنها النفس المشوشة المضطربة.
وفي بعض الأحداث نشرت صور لأحداث في دول مجاورة على أنها الحدث الذي نعيشه في بلادنا، والمتأمل للخلفيات سيعرف أنها ليست بلادنا، ولكن الخوف والذعر والغضب يلهي الإنسان عن التدقيق والتحقق.
وفي ظل وجود هذا الغياب للعقل، تقوم الأيدي العابثة ببثّ سمومها التي من خلالها تزوّر الحقائق، وتزيد الطين بِلّة، وتشوّش الجهود، ويأتي المواطن المسكين الغلبان ليتداول تلك الشائعات والفبركات على أنها حقائق مطلقة، غير قابلة للنقاش، لأنه يعيش فراغا وخوفا من المجهول، وتنتشر هذه الشائعات انتشار النار في الهشيم، فيأتي التوضيح الرسمي متأخرًا، ليجد معلومة مفبركة قد استقرّت في العقول، ولا مجال فيها لقبول المعلومة المتأخرة. وسيعاني أهل الإعلام الرسمي في تكذيب المعلومة المغلوطة وبيان عَوارها، ليتركوا للمعلومة التي يريدون توضيحها مجالا في العقول، وهيهات.
إن ما تقوم به هذه الإشاعات والفبركات من طعنٍ في مصداقية الإعلام الرسمي بالغ الخطر، إذ تجعل من البيان الرسمي المتأخر تبريرا فاقدا للمصداقية، وليس حقائق مقدمة، وهكذا يصبح الإعلام الرسمي في نظر الناس عاريًّا عن المصداقية، وعندها يفقد ثقة الناس، ولن يكون مصدرا للمعلومات، وهذا ما يفسر توجه الناس في الأزمات للمعلومات الواردة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن فريقا من الناس صار يعتقد أن الإعلام الرسمي، خلق ليبرِّر ويبرّئ، لا ليقدم الحقائق ويدافع عن المواطن، وهذه نقطة أخرى، حيث تقع الخصومة بين المواطن وبين الإعلام الرسمي، لا يكتفي فيها المواطن بمقاطعة هذا الإعلام فحسب، بل يكيل له التّهمَ جزافًا؛ لأنه يظنّ أنه إعلام حكومة يُحافظ عليها وليس إعلام دولة يهتم بمصالح الشعب، فلا بدّ إذن من إعادة النظر في الاستراتيجية الإعلامية لإدارة الأزمات. الدستور
والمتأمل في الأزمات الأخيرة، كالعمل الإرهابي في قلعة الكرك، أو أحداث السلط الإرهابية، أو حادثة الغور، سيرصد في كل واحدة منها كمًّا هائلا من الإشاعات، والصور والفيديوهات المفبركة، التي تنأى بالمتابع عن الحقيقة، وتجعله يفكر بغير الاتجاه الصحيح. ومثل هذه التصرفات ربما يكون دافع أصحابها الحصول على عدد أكبر من المشاهدات، أو التنبيه على وجودهم في ساحة التواصل الاجتماعي، أو الإيهام بأن هذا الشخص عنده معلومات ليست عند غيره، وربما يكون هذا العمل مدبّرا من أعداء الوطن بهدف التشتيت، وتوسيع دائرة الأزمة.
ولا شك أن الشفافية ومواكبة الحدث من قبل الإعلام الوطني والقائمين على مواجهة الأزمة خير وسيلة للحد من تلك الشائعات، لكنّ تأخّرهم في تقديم المعلومة الصحيحة يفتح المجال واسعا أمام كلّ من هبّ ودبّ ليقول ما يشاء، ويقدّم الرواية البديلة؛ لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فإن لم تقدّم الأجهزة المعنيّة روايتها بسرعة وبكل شفافية وصدق، سيأتي من يفعل ذلك بصدق أو بغيره، لذلك كانت الإدارة الإعلامية من أهم أجزاء إدارة الأزمات.
في ظلّ الأزمة تكون العقول مشغولة، وتعيش الأنفس بين قلق وخوف وغضب وحزن، وفي ظل هذه العقول والأنفس المشوشة يسهل قبول كل ما يطّلع عليه الإنسان؛ لأنّ فضوله لا يرضى بالمجهول؛ لأنه يخاف منه، ولا يعرف عاقبته، لذلك يَقبل بما يُقدَّم إليه مهما كان سخيفا أو غير معقول. ففي بعض الفيديوهات المفبركة تجد أن الحدث في عزّ الصيف، لكنّ صور البشر تبيّن أنهم في الشتاء، والعقل لو كان مرتاحًا لاكتشف هذا الأمر، لكنها النفس المشوشة المضطربة.
وفي بعض الأحداث نشرت صور لأحداث في دول مجاورة على أنها الحدث الذي نعيشه في بلادنا، والمتأمل للخلفيات سيعرف أنها ليست بلادنا، ولكن الخوف والذعر والغضب يلهي الإنسان عن التدقيق والتحقق.
وفي ظل وجود هذا الغياب للعقل، تقوم الأيدي العابثة ببثّ سمومها التي من خلالها تزوّر الحقائق، وتزيد الطين بِلّة، وتشوّش الجهود، ويأتي المواطن المسكين الغلبان ليتداول تلك الشائعات والفبركات على أنها حقائق مطلقة، غير قابلة للنقاش، لأنه يعيش فراغا وخوفا من المجهول، وتنتشر هذه الشائعات انتشار النار في الهشيم، فيأتي التوضيح الرسمي متأخرًا، ليجد معلومة مفبركة قد استقرّت في العقول، ولا مجال فيها لقبول المعلومة المتأخرة. وسيعاني أهل الإعلام الرسمي في تكذيب المعلومة المغلوطة وبيان عَوارها، ليتركوا للمعلومة التي يريدون توضيحها مجالا في العقول، وهيهات.
إن ما تقوم به هذه الإشاعات والفبركات من طعنٍ في مصداقية الإعلام الرسمي بالغ الخطر، إذ تجعل من البيان الرسمي المتأخر تبريرا فاقدا للمصداقية، وليس حقائق مقدمة، وهكذا يصبح الإعلام الرسمي في نظر الناس عاريًّا عن المصداقية، وعندها يفقد ثقة الناس، ولن يكون مصدرا للمعلومات، وهذا ما يفسر توجه الناس في الأزمات للمعلومات الواردة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن فريقا من الناس صار يعتقد أن الإعلام الرسمي، خلق ليبرِّر ويبرّئ، لا ليقدم الحقائق ويدافع عن المواطن، وهذه نقطة أخرى، حيث تقع الخصومة بين المواطن وبين الإعلام الرسمي، لا يكتفي فيها المواطن بمقاطعة هذا الإعلام فحسب، بل يكيل له التّهمَ جزافًا؛ لأنه يظنّ أنه إعلام حكومة يُحافظ عليها وليس إعلام دولة يهتم بمصالح الشعب، فلا بدّ إذن من إعادة النظر في الاستراتيجية الإعلامية لإدارة الأزمات. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/30 الساعة 00:08