شطحات من الخبال

"أارضى بالقليل حتى ياتيك الكثير".. "عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة".. "مد فراشك على قد رجليك".. امثال نرددها قي ايامنا وننصح بها غيرنا، وهي في الحقيقة كلمات واهات لبارقة امل لمن يتمنى ولا ينال وما دام الكثير لن يأتي بعد وربما لن يأتي لذلك فلا خيار أمامنا سوى التحاف ما يقدم لنا بوصفه كساء عزاء يعانق الوعد الحريري في زمن يخونه اللازمن ويمضي بنا الى مسرحية درامية او مشاهدة مسلسل تركي بعيون مشدوهة وقلوب منفطرة ودموع منهالة بانتظار نصرة المظلوم او لقاء الحبيب واحزائه ممتدة عبر الايام, دعونا نعيش في زمن الاحلام لان الحقيقة وان تجلت امامنا اصابتنا بالمرارة والاحباط , وقد يقول قائل باننا نكذب على انفسنا فليكن فالتاكاذب هو الذي يشعرنا باننا نعيش حياة طبيعية مفروشة بالورود وخالية من الاشواك ويشعرنا بسحر الاحساس باننا نعيش حياة طبيعية , حياة ننبذ فيها اللاوعي الحزين المختمر في اعماقنا بذكرياته المؤلمة , لنرقى الى " الانا " الخيالية فنستحضر الامر ونقيضه ويختلط فيها الحلم بالواقع فنتوه في عالم فاضل لاجراح فيه ولا الام وكاننا حرمنا من الافكار ومن الاستشعار بقدراتنا الجسدية ومن شروط الانتاج والابداع . لا شك ان الكثير هو الافضل والعشرة عصاقير غايتنا ولكن الضامن لها خارج كوكبنا واحساسنا بالضعف يبعد عنا منالها فطرة كانت ام وليدة، قضاء كان ام قدرا، ام خوفا يبدد الافعال، بل نسينا ان العقل محور الاختيار ووليد الاستنباط والسعي يحقق الغايات , ولكن الجوع ينسي برودة الاجواء , والنشدان لا يدرك الرضاء , والبوصلة من تحتها انجذاب فلا تلوي على اتجاه . نحن امسينا صدفة بحرية قذفتها الامواج الى شاطئ مهجور فتلقفتها الرمال وساحت بها الى المجهول لا ارجل لها ولا ايدي حتى تفر الى المأمون , اصبحنا ببغاوات نردد تراثا موضوع يقيدنا بقيد مفتاحه في بحر لجوج فلا سباح يدركه ولا غواص مأفون , تدركنا شمس النهار ويمر بنا قمر الليل ونحن في سكون , اصبحنا مرأءة مشروخة نرى من خلالها اشباح بلا وجود , اصبح دعائنا زلازل وصواعق تمحي ولا تديم تملكنا اليأس والقنوط نعيش في ارض فراشها جمر وغطائها كدر وهموم واجيال تبددت احلامها كدقيق في يوم ريح منثور , مللنا الصبر والصبار والعناقيد الحصرمية والورود التي طغت على سيقانها الاشواك , والماء الكدر في جوف الابار , فلا زيتونة تثمر ولا تينة تنضج كانما لفتهم الصحراء فاجدبت الارض الا من البفاث وساد الظلم والعدوان اصبنا بالعمى لانفرق بين الالوان قي ارض مستباحة وتضان , ونحلم بفرج قريب ولكننا لانعلم كم يبعد عنا من الاميال والازمان .