بهذه الطريقة تخفض السعودية من حجم إنتاجها النفطي دون خفضه فعلياً
مدار الساعة- تولّت السعودية زمام المبادرة بين كبرى الدول المصدرة للطاقة لخفض إنتاج النفط. لكنها في الوقت ذاته، ترفع من حجم المعروض النفطي على مستوى العالم بشكلٍ لافتٍ.
كان الاتفاق الخاص بخفض إنتاج النفط ناجحاً، على الأقل في شهره الأول. ويرجع السبب الرئيسي وراء ذلك إلى قلة ممارسات الغش والالتفاف حول الاتفاق، بالإضافة إلى خفض السعودية لإنتاجها بحوالي 500 ألف برميل في اليوم، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
ولا ينبغي تجاهل الجانب الآخر من القصة وهو أن السعوديين، الذين يعدون أيضاً من أكبر مستهلكي الطاقة، يسعون إلى تخفيض نفقاتهم، وهو ما قد يساعدهم على زيادة صادراتهم النفطية.
في 2015، بلغ متوسط استهلاك السعودية من النفط حوالي 50 برميلاً في اليوم، أو 5 أضعاف متوسط استهلاك سويسرا، التي تسبق السعودية في ترتيب الدول الغنية بفارقٍ ضئيلٍ. وارتفع استهلاك السعودية من النفط بحوالي 77% خلال السنوات العشر المنتهية في 2015، متجاوزةً بذلك حتى الصين، التي ارتفع حجم استهلاكها بمعدل 72% خلال نفس الفترة، وفقاً لبيانات شركة بريتيش بتروليم.
ومع أن التعداد السكاني في السعودية أقل بكثير من فرنسا، يعادل الارتفاع التدريجي للاستهلاك النفطي في السعودية قيمة الطلب على النفط في فرنسا، حتى وفقاً للقيمة المطلقة.
ولا يتوقف حجم الاستهلاك النفطي لكل فرد على مستوى ثراء الدولة فقط، بل أيضاً على حجم الحوافز المحلية التي تمنحها الحكومة لمواطنيها في صورة تخفيضات في أسعار النفط، إذ يوجد بالدول الغنية بالنفط أرخص أسعار للبنزين في العالم، ذلك لأن مواطنيها يعتبرون الوقود الرخيص حق مكتسب بمجرد ميلادهم.
ونتيجة لهذا، فإن حجم استهلاك النفط لكل فرد في الكويت، التي تقارب كوريا الجنوبية في مستوى دخلها، يساوي 4 أضعاف حجم استهلاك النفط في كوريا الجنوبية. وتبلغ أسعار البنزين (بالتجزئة) في الكويت يبلغ رُبع مستوى أسعاره في كوريا الجنوبية.
لكن في حالة السعودية، لا تقتصر الأزمة على وقود السيارات فحسب، فقد اعتادت المملكة لوقتٍ طويل على حرق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المصاحب للنفط للتخلص منه، وأهملت مخزونها النفطي غير المستغل والذي يمكن استخدامه بسهولة لتوليد الكهرباء. ويقول المركز السعودي لكفاءة الطاقة إن حجم الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء ارتفع بحوالي 135 مليون مكافئ برميل نفط سنوياً على مدار السنوات الثماني الماضية.
لكن سياسة السعودية لتوليد الكهرباء باستخدام النفط آخذة في التغيُّر ضمن مبادرة أطلقتها المملكة وتحمل عنوان "رؤية 2030". فقد ساهم مشروع كبير لإنتاج الكهرباء والغاز، والذي أعلنت عنه السعودية عبر الإنترنت في 2016، في خفض حجم الطلب على النفط المستخدم لتوليد الكهرباء في المملكة خلال عام 2016 بما يعادل إجمالي حجم الطلب اليومي على النفط الخام في أيرلندا.
وعلاوة على ذلك، بدأت مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الانطلاق بالمملكة المشمسة، والتي تهدف إلى تلبية 20% من احتياجاتها من الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية في غضون 15 عاماً.
وقد يتراجع مستوى الطلب المحلي على وقود السيارات بعد رفع الحكومة السعودية لأسعار البنزين بحوالي 50%، ما قد يوفر المزيد من النفط الخام السعودي ومنتجاته المتاحة للتصدير.
وبإضافة كل ما سبق للصورة الكلية، سنجد أن حجم الاستهلاك المحلي الفعلي للنفط الخام غير المكرر في السعودية خلال الـ11 أشهر الأولى من عام 2016 والزيادة في حجم إنتاجها النفطي قد وفَّر نحو 3.5 مليون برميل نفط إضافي متاح للتكرير والتصدير مقارنة بعام 2015، وفقاً لبيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة
لذا، فإن الحماس الذي يبديه السعوديون لخفض إنتاج النفط لدعم أسعاره المنخفضة ليس مستغرباً.
هافنغتون بوست عربي