سياحة المغامرة والاستشهاد في مدارسنا

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/28 الساعة 01:47
قبل أكثر من 10 أعوام كتبت مقالة عن سياحة مفقودة في بلادنا، رغم وجود كنز من مقوماتها، وخاطبت آنذاك وزارة السياحة بأن تنشىء لهذه السياحة بنية تحتية مناسبة، نظرا لوعورة المناطق التي تحتوي كنوزها الجميلة، لكن يبدو أن بعض الأذكياء من القطاع الخاص هم من التقط الفكرة، وتم تأسيس شركة أو ربما شركات تروج لمثل هذه السياحة، معتمدة على فشل القطاع العام وتفشي الواسطة والفساد في بعض المؤسسات، فالتقى «الخائب على متعوس الرجاء» لكن في قطاع التعليم الخاص، هذا الذي جعل بعضه من التعليم سلعة رابحة لكثير من المستثمرين والشركات، فأصبح ابتزاز الناس برغبات أطفالهم هو طريقهم لكسب المال الحرام.. حيث لا مشكلة في اشتقاق المصطلحات والتسميات عن النشاطات والأدوات ما دامت النتيجة هي مزيد من مال.. في الحادثة المؤلمة التي ذهب ضحيتها أطفال طلاب مدرسة وآخرين، رحمهم الله جميعا، لم تتوفر معلومة لدى الناس، فصبوا جام غضبهم على الجسور والمنشآت الأخرى، حتى الجهات الرسمية التي قامت بكل عملها بسرعة قياسية، هي بدورها لم تسلم من انتقاد الناس، وتناسلت الروايات بطريقة تبعث على السأم، وتكرس اليأس من كل محاولة لتنمية الحوار العلمي والمنطقي في مواضيع بمثل هذه المأساوية..واقتربت الحقيقة من هاوية الضياع، لولا أن ظهر صوت حكومي هذه المرة، من خلال وزير الدولة مبارك ابو يامين، الذي صرح لبرنامج «ستون دقيقة» بأن شركات تقف وراء رحلات سياحة المغامرة..ومن هذا الباب نستطيع الدخول لحديث حقيقي عن مأساة الخميس الأسود: تستطيع وزارة السياحة أن تنفي أو تؤكد بأنها قامت بإغلاق شركة سياحية مختصة بسياحة المغامرة، لعدم رضاها عن ممارساتها، وكان الالغاء بتاريخ 12 – 12- 2017 ، وخاطبت السياحة وزارة التربية، بضرورة عدم التعامل مع هذه الشركة في تنظيم الرحلات السياحية، لكن الشركة استمرت بمسميات أخرى غير قانونية، فهي متعاقدة مع أغلب مدارس القطاع الخاص (وعايشه على حساب طلاب مدارسها)، وتقدم هدايا ورواتب ورشى لبعض الموظفين، لتستمر في عملها بعيدا عن القانون، وتنظم رحلات سياحة مغامرة داخل و»خارج البلاد»، دون توفير أدنى درجة من متطلبات السلامة العامة أو حتى إفصاح عن برامج رحلاتها.. قال مساعد مدير الدرك بأنهم تلقوا نداءات استغاثة من طلبة تمت محاصرتهم، في مكان يبعد 1800 مترا عن الشارع الذي تواجدت فيه القوة المتأهبة للتعامل مع الكارثة، وقال بأنهم نجحوا في انقاذ مجموعة من الأطفال، نجحت معلمتهم في حمايتهم وتجنيبهم من الغرق، وفي رواية أخرى قالت المعلمة نفسها بأنها كانت مسؤولة عن مجموعة من المجموعات الثلاث للطلبة، ونجحت في جعلهم يتسلقون منطقة مرتفعة بعيدا عن السيل الهادر.. قامت «الشركة» وبمساعدة من مشرف او مشرفي الرحلة من تنظيم تلك الرحلة، وقاموا بتقسيم الطلبة الى 3 مجموعات، وتسلقوا منطقة وعرة جدا وبعيدة عن الجسر الذي شغل بال الناس، وتوغلوا في سيق يشبه سيق البتراء، يتوسطه مجرى السيل، ومنعوا الأطفال من حمل هواتفهم الخلوية، وانطلقت رحلتهم الى المجهول الأسود، وهو الذي ورد في كتب الموافقة التي أرسلتها المدرسة للأهالي ليوقعوا الموافقات على ذهاب ابنائهم في رحلة، كان هدفها «سياحة المغامرة وتدريب الطلبة على التعامل مع الظروف البيئية المختلفة»، أغراض لا يمكن لأطفال التعامل معها أو حتى استيعابها..وانطلقت الرحلة الى المجهول، وانتظرنا أكثر من يوم لتصلنا صورة من هاتف خلوي يحمله أحد المرتحلين، ولم تصل لا صورة ولا فيديو ولا مسج، حيث نجحوا في عزل الطلاب عن عالمهم الخارجي، فلو كانت هواتفهم بحوزتهم لتواصلوا مع أهاليهم لنجدتهم من عناء التسلق للمنطقة الوعرة، قبل أن يداهمهم السيل في منطقة ضيقة تصلح لأفلام المهمة المستحيلة المعروفة. الوقت مبكر جدا على اطلاق أوصاف الشهادة والبطولة والمهنية على البعض، الذين تربطهم علاقة بتلك الرحلة، ويجب أن يجري التحقيق من قبل القضاء، علاوة على التحقيق من الحكومة ووزارة التربية والمدرسة نفسها، فالشبهة هنا جنائية وفيها تضليل بالناس والمجتمع، وأدت الى وقوع كارثة ذهب ضحيتها 21 أردنيا حتى الآن. تبدأ رحلة ومغامرة «معرفة الحقيقة» من عند الشركة التي تعمل بلا غطاء قانوني، وتقوم بتنظيم رحلات موت لأطفالنا، ويتواطأ معها موظفون فاسدون.. الدستور
  • مال
  • حادث
  • وزير
  • قانون
  • لب
  • الموظفين
  • الدرك
  • صورة
  • موظفو
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/28 الساعة 01:47