أنا ناشط (....) !
بحثت عن معنى كلمة ناشط إجتماعي أو سياسي أو حقوقي كما تنتشر هذه التسميات مثل النار في الهشيم هذه الأيام فوجدت عددا لا بأس به من التعريفات .
بصراحة لم تقنعني أي من تلك التوصيفات ليس فقط لأنها لا تنطبق على معظم الناشطين الذين لمعوا في الفضاء الإلكتروني صغارا وكبارا, راشدين ومراهقين, بل لأن من صاغ هذه التعريفات هم هؤلاء كلهم .
برزت هذه التسميات والأوصاف التي منحها هؤلاء لأنفسهم خلال فترة الربيع العربي إياه وكان يكفي من أحدهم أن يعرف عن نفسه وهو يدلي برأيه كمواطن نكرة أمام عدسة واحدة من الفضائيات بأنه ناشط إجتماعي من مواقع التواصل لتصبح هذه هي وظيفته.
للأسف فقد ألغت دائرة الأحوال المدنية صفة المهنة من جوازات السفر وبطاقات الأحوال المدنية والا لكانت هذه الصفة وظيفة معترف بها مثل الدكتور والصيدلاني والصحافي والعامل والسائق والدبلوماسي وحتى الوزير .
سألني صديق ماذا يعني وظيفة ناشط, فقلت له هو الذي يثرثر فيما لا يعنيه ويفتي بما لا يعلم ويقحم أنفه في السياسة والإقتصاد والحقوق المدنية دونما حاجة لثقافة ولا تاريخ من العمل العام أو الحزبي ولا حتى النقابي, فقال أين يمكن أن أحصل على شهادة تؤهلني لهذه الوظيفة, هل أذهب الى كلية النشاط مثلا, فقلت له لا حاجة لهذه ولا تلك يكفي أن تنشئ صفحة على واحدة من مواقع التواصل الإجتماعي وتملأها بعبارات وتعليقات ليس بالضرورة أن تكون ذات هدف أو معنى فقط ما تحتاج اليه هو آلاف الفرندز يوشحون إسهاماتك الذكية ب» لايك «, ثم مبروك فقد حصلت على اللقب, وحتما ستبدأ بتلقي عديد الدعوات من جمعيات وسفارات وهيئات وغيرها, لكن عليك إن كنت شابا أن تبدو عشوائيا تطلق ذقنك وتضع كاب « طاقية « حتى لو كان عليها علامة بيبسي أو علم أميركا, فهذا شيء والنضال شيء آخر وبالتأكيد بنطال جينز ممزق ليليلا من عند الركبة وفانيلا بيضاء وشعر أشعث ..,وإن كنتي فتاة أو سيدة فينطبق ما سبق بإستثناء الذقن, لكن مع كثير من « السلفي « في كل وقت وثانية, صباحا مساء قبل الأكل وخلاله وبعده, أمام المرآة وخلفها مع الأولاد وم دونهم وهلم جرا.
و.. طبعا يكفي أن تشتم الحكومة وتشتم النواب وتشتم الأحزاب وتتأفف من المواصلات ومن الشوارع ومن أزمة السير ومن المدارس والجامعات وأن تنتقد الناس, هذا كله من صفات الناشط أيضا ويكفي أن تستعير بعض الحكم والأمثال تنظر فيها على خلق الله.
يا عالم, الناشط سياسيا كان أم إجتماعيا أو حقوقيا يلزمه تاريخ علمي وثقافي ونضالي في العمل العام يؤهله لأن يكون قياديا يسمع الناس رأيه ويثقون به ويقتنعون به ويعمل لإحداث تغيير سياسي واجتماعي واقتصادي على أساس قيم العدالة مثل مارتن لوثر كينغ جونيور أبرز المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد السّود في عام 1964 م حصل على جائزة نوبل للسلام. ومن أهم الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية وحقوق الإنسان. أسس لوثر زعامة المسيحية الجنوبية، وهي حركة هدفت إلى الحصول على الحقوق المدنية للأفارقة الأمريكيين في المساواة ، وراح ضحية قضيته.
لا يكفي أن تكون من ضمن مجموعة ناشطين يحضرون لقاء مع السفير الأميركي أو المبعوث الأوروبي ولا حتى سفير بريطانيا العظمى لتكون ناشطا سياسيا, حتى لو التقطت عشرات الصور وحشرتها على الفيسبوك أو التويتر والإنستغرام ؟!.
الرأي