بالونات في الهواء

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/22 الساعة 09:37
في خضم حياتنا المعقدة تستحضرني ايام الطفولة الوادعة بكل صفاتها البريئة والانسانية والخالية من الهموم والمشاكل التي تحيق بنا، وعندما كبرنا كبر الهم معنا والذي لا يلوح بالافق نهاية له، بل واصبحنا واياه صنوان لا يفترقان, وعنما نخلو الى ذاتنا يجول في انفسنا سؤال لا نجد له جواباً ( هل هذا قدرنا ام اختيارنا ) ام من صنع من حولنا ، فاذا سلمنا انه قدر علينا مكتوب في السماء فلا بد ان يكون من اختيارنا في الحياة وتحق علينا صفة الغباء والخوف في التفريق بين الخطأ والصواب وبين المفاضلة بين الصالح العام او مصلحتك الشخصية وان كانت على حساب مصالح الاخرين وتكون الانانية دافعك الى الانجراف فيما لا يحمد عقباه , والارجح ان من حولنا لهم اليد الطولى في خلق الهموم بمعناها الواسع , هذه الفئة قد تسامت بمصالحها على مصالح البلاد والعباد مما حدا بها الى انتهاك كل معاني الشرف والامانة والاخلاق , وسولت لها نفسها ان تتخذ من الفساد المالي والاداري وسيلة للكسب غير المشروع على حساب مقدرات الوطن والمواطن الذي اصبح بفعلهم بغدوا خماصا ولا يعود بطانا.. هذه الفئة من المتسلقين والمتنفذين قد احالوا الارض الى بوار فلا زرع فيها ولا حصاد وجففوا ينابيع المياه ليملأوا احواض السباحة وسقاية الورود وركبوا سفينة الفساد تسير بهم في بحر هادىء لا موج يهددهم ولا رياح تغرقهم , وقد استنصروا في الارض فلا سأل ولا مسئول وكل ما نسمعه على المنابر والمؤتمرات ترهات وهراء وفقاعات في الهواء وذر الرماد في العيون , والشعب يصرخ فلا مغيث ولا ابه له لما يريد , واصبحنا نعيش في غابة استأسد فيها الذئاب واستونق فيه الجمل وقوانين وضعية لاتسمن ولا تغني من جوع ومن بنود تجد فيها غطاء يلتحف به المفسدون ونوما هنيئا للضالين , والانكى من ذلك تجدهم يتغنون بحب الوطن والمواطن وفي الملأ تراهم يلبسون قفازات من حرير ليخفوا عورة اياديهم الملوثة بدم الوطن وفعلا ان شر البلية ما يضحك , ولن تجد من يدق الجرس وحط بالخرج.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/22 الساعة 09:37