لماذا ولمن تكتبون؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/17 الساعة 10:32
للقد جفت الاقلام من حبرها ونفدت الاوراق من دفاترها ولم يبقَ في قوس الصبر منزع حتى اعيتنا الحيلة وتفرقت بنا الوسيلة وضلت بنا الطريق وصار نهارنا سراباً وليلنا تائهاً في الظلام ينبذ السهاد والسمار فقد ارقت مضاجعه وجوههم العالقة في الزمان وفي كل مكان كابراً عن كابر, والتي تتناوب في كل دورة من دورات القمر لخطف انواره المشعة في سماء المكان ليضيئوا بها قناديل بيوتهم التي يلفها ما جنت اياديهم من ظلم وظلام وتجويع وتشريد باسم قانون بشري وضعي يلائم طاولة خشبية يلتف حولها محموعة الفسق واللئام, يتهامسون بخطايا ارتكبوها واخرى يرتكبونها على وقع اصطدام الكؤوس بالانخاب وعذرهم ان الكأس يطفح بالسموم فلا لوم عليهم ولا عتاب فهم في حالة سكر ومجون وغير مؤاخذون بالعواقب تحت بند من قانون العقوبات . هذا وتجد لسان حال بعض الكتاب اليوم لا يتعظون بتجربة المطربة ( فيروز) حين غنت لهم وبصوت مخملي ينساب انغاماً عذبة في الاذن كانسياب الماء الرقراق من النبع الصافي ونصحتهم بقولها ( كتبنا وما كاتبنا ويا خسارة ما كتبنا.. كتبنا مية مكتوب ولهلا ما جاوبنا) وقد يكون الجواب عند ظهور السيد المسيح على الاغلب . فلماذا تملأون اوراق الصحف بالمقالات والمواضيع ان أكانت تنم عن اصلاح او نفاق ولشعب عامته يعزف عن القراءة ويفضل الرغيف على ثمن الصحيفة , فالقراءة محصورة على فئة من المترفين لانها تكمل طقوس احتسائهم فنجان القهوة والسيجارة الصباحية وهم يجلسون على شرفة قصرهم المنيف والتي تطل على حديقة الورود وحوض السباحة باموال حللوا بها الحرام , تكتبون ولا احد يهتم بارائكم او معتقداتكم ولا بنصائحكم او انتقاداتكم وشعاراتكم الجوفاء , فكفوا عن هدر الاوراق والاحبارفانكم لا تسمعون حيا وتصدحون في غير ذي واد وسيكون مصير كتاباتكم واحرفها الحاويات او ارشيف المتاحف حتى يتحول لون صفحاتها البيضاء الى اللون الاصفر الفاقع كلون بقرة موسى. ففي كتاباتكم لن يلتقي طرفا المعادلة ولو على حقيقة ان الارض كروية وانها تتبع المجموعة الشمسية فكيف يلتقيان على اغاثة وطن مسلوب من كل مكوناته. واخر تقليعة نراها هذه الايام ابواق تطل علينا عبر الشاشات يطلقون لخيالاتهم الواهمة العنان في طرح المبادرات والحلول لحل الازمات التي تحيق بالوطن , ليتحولوا في غمضة عين الى وطنيين بقفازات من الحرير فينتقدوا الحكومة و النواب والاعيان ويطالبوا بملاحقة الفاسدين والمفسدين والقائمة تطول , ومنهم من كان في موقع المسؤلية وكان نصب عينيه شعار حكمة القرود الثلاثة ( لا ارى .. لا اسمع .. لا اتكلم ) خوفا على منصب وجاه , تكسبوا ولا زالوا يتكسبون لم نصدقهم قديما فكيف نصغي اليهم الان , وقد اصبحوا (كالراقصين على الحبال) , وكتابنا هذه الايام لا يميزون بين حادث سيارة وهموم وطن راكضين وراء سبق صحفي او عرس محلي , وشأن الوطن والمواطن اخر همهم , فحدثوا الناس بما يعقلون والشمس يا سادة لا تغطى بغربال.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/17 الساعة 10:32