رسالة الملك .. هل وصلت؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/17 الساعة 00:09
بهدف إيصال الرسالة واضحة إلى الجميع، فإن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لم يستخدم أية استعارات لغوية، أو فن من فنون التورية وهو يتحدث في لقاءه مع مجموعة من الكّتاب والصحفيين قائلاً: " إن سيادة القانون وترسيخ هيبة الدولة أولوية حتى نمضي إلى الأمام وهذه رسالة واضحة مني للجميع" . بهذا النطق الملكي كان جلالته يمارس دوره الدستوري بالتوجيه، ومن ثم فإن على السلطة التنفيذية التي يتولاها جلالته بواسطة وزرائه، أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق توجيهات جلالته خاصة في إنفاذ القانون.
وحتى لا يلتبس الأمر على أحد فإن جلالته لم يكتفي بالتوجيه الحازم بضرورة إنفاذ القانون، بل ضرب أمثلة توضيحية على المخالفات اليومية للقانون، كتكسير المدارس والاعتداء على الجامعات وإغلاق الطرق، صار على الجميع القياس عليها،، وصار على أجهزة السلطة التنفيذية أن تشمر عن سواعد الجد، وتباشر في تنفيذ التوجيهات الملكية بأن تطارد كل خارج على القانون معتدٍ على المال العام مهما كان هذا الاعتداء صغيراً، فليس من الجائز في دولة القانون أن يتم إغلاق الطرق بمواكب سيارة، ومن غير الجائز أن تتحول أرصفة الشوارع وأجزاء من الشوارع إلى مقاهي أو بسطات متحركة، فهذا خروج على القانون، وإعتداء على حق المواطنين في السير الآمن، وهو الاعتداء الذي يتم تحت نظر السلطة التنفيذية وبصرها، والسكوت عن هذا النوع من الاعتداءات، هو الذي شجع بعض الناس على الاعتداء على المؤسسات العامة كالمدارس والجامعات والمستشفيات، وصولاً إلى الاعتداء بالضرب على الموظف العام أثناء تأديته لواجبه، وهي ممارسة لم يعد السكوت عنها مقبولاً في ضوء الرسالة الملكية السامية، ونظن أن أول الأجهزة المعنية بحماية المرافق العامة ووقف الاعتداء عليها هي وزارة الداخلية وأجهزتها الإدارية والأمنية، فهل نشهد حملة من هذه الأجهزة لإزالة الاعتداءات على المرافق العامة، ومنع وقوعها ابتداء, تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية؟ ليس تكسير المدارس وإغلاق الطرق، هو المثل الوحيد الذي ضربه جلالة الملك كصورة من صور مخالفة القانون، بل أشار جلالته إلى خلل أكبر نمارسه جميعاً مسؤولين ومواطنين عندما قال جلالته " أن الجميع متفق على ضرورة محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية، وأهمية تطبيق سيادة القانون لكن عندما يتعارض تطبيق القانون مع مصالح البعض أو يطال أقرباء لهم لا يتم احترام القانون" وبقوله هذا فإن جلالة الملك وضع أصبعه على مرض اجتماعي مزمن أصاب مجتمعنا، يتمثل في الفصام النكد بين ما نقول وما نفعل، وبين ما نرفع من شعارات وما نمارس على الأرض من أعمال، فكلنا نتحدث عن الإصلاح لكن بعيداً عن مصالحنا، وكلنا نتحدث عن محاربة الفساد دون أن ينال ذلك شيئاً من مكتسباتنا، تماماً مثلما نهاجم جميعاً الواسطة والمحسوبية، لكننا جميعاً نمارسها، لذلك فإن مسؤولية تطبيق التوجيهات الملكية لا تقع على عاتق الأجهزة المعنية فحسب، فجزء منها يقع على القوى الحية في مجتمعنا، بأن تنشر في مجتمعنا ثقافة تجعل من الواسطة والمحسوبية رذيلة اجتماعية مرفوضة، مهما كان نوعها وكائناً من كان مصدرها، بل لابد من أن نتجاوز مرحلة نشر ثقافة رفض الواسطة والمحسوبية إلى مرحلة بناء مجموعات الضغط الرافضة لهذا الداء الذي أفسد إدارتنا العامة، وألحق الضرر بالكثيرين من أبناء الوطن عندما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص. وبعد فقد مارس جلالة الملك دوره الدستوري وأصدر توجيهاته، وظل على الجميع ترجمة هذه التوجيهات، وفي الطليعة المسؤولين الذين عليهم تأدية مهامهم وواجباتهم بتفاني وشفافية من أجل خدمة الوطن، وليبرهنوا أن رسالة الملك وصلتهم فصدعو بالأمر الملكي. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/17 الساعة 00:09