الحراحشة يكتب: العفو العام والغارمون والغارمات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/16 الساعة 16:29
بقلم الدكتور : سالم الحراحشه
مع انتظار صدور قانون العفو العام نجد هناك فئة من المجتمع الاردني كانت ضحية النصب والإحتيال والتوقيع على شيكات أضعاف السعر الحقيقي للسلعة من قبل أفراد او تجار اصابهم الجشع والطمع مقابل جهل وشراء جهاز خلوي على سبيل المثال بأقساط شهرية وبأسعار مرتفعة واضعافاً مضاعفة للسعر الحقيقي هذه الفئة من الشباب الذين جلهم قد تم انهاء خدماتهم من القوات المسلحة او الخدمة المدنية وتحويلهم للمحاكم وإيداعهم السجن نتيجة عجزهم عن سداد ذلك.
ان ساحات المحاكم شهدت تزايد اعداد الغارمين والغارمات في الفترة الاخيرة وقد يكون لديهم كشوفات رواتب صفرية تمنعهم من تلقي دعم صندوق المعونة الوطنية لإنقاذ وسد رمق اسرهم التي تعاني الأمرين: سجن أولياء الامور او ابنائهم من جهة والعناء الاجتماعي والفقر من جهة اخرى.
لقد أضحت مسألة الغارمين من الشباب والغارمات من النساء الأردنيات ظاهرة تؤرق المجتمع الاردني لتكشف خللا جسيما في بنية المجتمع الاردني الأمر الذي دفع بعض الناشطين والجمعيات إلى المطالبة بمد يد العون لهم لإنتظارهم الطويل بشروق شمس الحرية ولم شمل عائلاتهم العفيفة.
انني اجزم ان الذين عجزوا عن سداد ديونهم رغم بساطة تلك الديون اصلا غالبيتهم ليسوا مجرمين تحت اي ظرف وخاصة ان مثل هذه الظاهرة لم تظهر بين ليلة وضحاها بل هي نتاج ظروف وتحولات اقتصادية عديدة شهدتها البلاد بجانب تفشي ظاهرة الفقر والبطالة في المجتمع وارتفاع اعباء متطلبات الحياة.
ان زج الاف الشباب والنساء في السجون لن يحل المشكلة أو الظاهرة بل ترتب على ذلك مزيدا من المعاناة النفسية والدونيية الاجتماعية لدى افراد الأسر العفيفة وارتفاع حالات الطلاق والتفكك لأسري والتشرد واالاستغلال والعنوسة والانحراف نظرا لغياب ولي الأمر. فظلا على أن مثل هذه الظاهرة اصبحت تشكل عبىء على السجون لما ينجم عنها من تكاليف مادية والحيلولة امام السجين في البحث عن عمل بهدف سداد ديونه التي هي اصلا سر سجنه.
وقد أمرنا الله تعالى أن نفك كربهم، وجعل سداد دينهم أحد مصارف الزكاة، وجاء نص القرآن الكريم في سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
حيث أشار واستند القانونيون على ان الإجراء القانوني لا ينطبق على الجميع فالمحكوم عليه (المدين) العاجز عن السداد لا يجوز حبسه وذلك وفق نص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي) وحيث ان المملكة الأردنية الهاشمية وقعت على الاتفاقية المذكورة أعلاه وجرى نشرها في الجريدة الرسمية، ومرتبة المعاهدات الدولية تسمو على القانون والتشريعات الوطنية ولما حصل من تناقض بين نص المادة 22/أ من قانون التنفيذ الأردني ونص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية فان الأولى بالتطبيق هو نص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وكما يوجد سوابق قضائية في القضاء الأردني برفض حبس المحكوم عليه العاجز عن السداد استنادا لنص هذه المادة.
وعليه فإننا نتوجه الى سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ان تأخذ هذه الفئة جل العناية والرعاية الملكية لفتح ضوء مشرق امام نفق مظلم يعشون تحت وطأته منذ سنين متمنين من اصحاب الشأن حكومة ومجلس أمة ان يشمل العفو العام هذه الفئة والعمل على تسهيل الموافقات الأمنية وعدم الممانعة من العمل لشق طريقهم امام اسرهم ومنحهم فرصة إمكانية سداد التزاماتهم الماليه المترتبة عليهم. نتيجة امل بنجاح مشروع او طيش شاب او فريسة نصب واحتيال مع ضرورة المساهمة بسداد ديوننهم من خلال صندوق الزكاة وخاصة اصحاب الالتزامات الممكنه بدل اعباء السجون التي لم ينجم عنه سوى عدم الالتزام للمدينين والشعور بالدونية لدى الابناء والكراهية والتفكك الأسري.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/16 الساعة 16:29