المناهج بين أولاد الحراثين وأولاد الكـورن فـليـكـس!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/16 الساعة 00:25
حلمي الأسمر

في جامعاتنا الأردنية وفي معظم جامعات العالم، فإن المواد العلمية تدرس باللغة الانجليزية، والمشكلة التي يواجهها طلابنا في السنة الأولى أنهم يدرسون المواد العلمية باللغة العربية، بينما زملاؤهم من دول أخرى يدرسونها بالانجليزية، السؤال الذي يطرح نفسه طالما كل المواد العلمية باللغة الانجليزية، لماذا لا تدرس هذه المواد بالانجليزية في المرحلة الثانوية؟

نحن أمام خيارين لا ثالث لهما:

إما أن تدرس هذه المواد في الجامعات باللغة الأم كما في بعض الدول أو أن تدرس باللغة الانجليزية في المدارس، وهذا هو الحل الأكثر منطقا لأن اللغة الانجليزية باتت هي اللغة العلمية عالميا، وهناك من يخشى على لغتنا، وهذا غير صحيح لأن كل الدول التي تدرس بالانجليزية لم تتأثر لغتها الأم..إضافة إلى أن التدريس بالعربية في عصرنا في الجامعات غير عملي لان كل الأبحاث والمراجع والمؤتمرات وامتحانات ممارسة المهنة باللغة الانجليزية ولا مجال للترجمة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان طلاب الهند والباكستان لا يواجهون في العادة اي مصاعب او عوائق في الدراسة او العمل سواء في امريكا او المنظمات العالمية بسبب قوة اللغة الانجليزية لديهم، وهم لم يخسروا لغتهم الأم، والغريب ان مؤسساتنا تطلب إجادة اللغة الانجليزية من كل التخصصات سواء علمية أو أدبية وصاحب الحظ الأوفر في التعيين هو من يتقن اللغة الانجليزية، وطالما كانت الانجليزية شرطا للتعيين فهذا يعني تفضيل خريجي الجامعات الأجنبية، وخاصة عندما نتحدث عن خريجي الحقوق وعلم الاجتماع والصحافة الخ

لذلك لا بد من لغة انجليزية قوية تبدأ في المرحلة الابتدائية، اما تدريس المواد العلمية في المدارس باللغة الانجليزية فانه حتما سيجعل من الطالب تلقائيا يتقن الانجليزية!

هكذا عاد د مازن أبو بكر، لنبش موضوع المناهج الذي كنا تحدثنا عنه قبل يومين، واقترحنا البحث عن بديل لامتحان التوجيهي، ويبدو أن هذا الموضوع يستأثر باهتمام واسع من المواطنين، كونه يعني الأسرة كلها، فحيث يوجد طالب توجيهي في أسرة ما، يعني أن الأسرة كلها تعيش على حافة هاوية، وقد حظي هذا الموضوع ولم يزل بوجهات نظر متضادة، ومن أشد مناهضي اقتراح إلغاء الامتحان أو استبداله، من يقول إنه آخر فرصة لأولاد الحراثين للتنافس، بعد أن استأثر أولاد الكورن فليكس بكل الفرص، أحد القراء كتب لي يقول: اقدر كل ما جاء في المقال ولكن نظام التوجيهي في الأردن صمام أمان للحد من احتكار التعليم الجامعي في يد الطبقة الغنية والمتنفذه، مجتمعنا وأنت تعرفه تماما أصبح اما طبقة مسحوقة تدفع الضرائب وتنال أدنى مستويات الخدمات، وإما متنفذة تتمتع بالامتيازات والاستثناءات حتى في التعليم.

الغاء التوجيهي يجب أن يسبقه إصلاح سياسي واجتماعي كي لا تتغول الطبقة المتنفذة على حصة الفقراء في التعليم في التخصصات المرغوبة وما تبقى من فضلة للبقية» وأنا أؤيد ما قاله عزيزي القارىء، لكن المهم أن لا تبقى مسألة المناهج على حالها الآن، فهي مناط التقدم والتطور، وما لم يتم إعادة النظر بشكل جدي وعلمي بها، فلن نحقق ما نصبو إليه من نهوض في المجتمع، تطوير المناهج لا يعني على الإطلاق «تنقيتها» مما يقال أنه «تطرف» بل يجب أن ينصب الاهتمام على إصلاح شأنها فعلا، ومواءمتها مع حاجة المجتمع، كما هي الحال في شأن قصة اللغة الإنجليزية، فما طرحه صديقنا أبو بكر أمر في غاية الاهمية، ونرجو أن يجد من يقرأه ويستمع إليه!
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/16 الساعة 00:25