عيد العشاق «الكفار»!
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/15 الساعة 00:33
حلمي الأسمر
كائنا من كان فالانتاين، الذي يرمز لعيد الحب، فقد غدا هذا «العيد» واقعا في حياتنا المعولمة، حيث لا حدود تفصل بين الثقافات، ولا حواجز تحول دون افتراش المشهد الحياتي الإنساني لاهتمامنا كبشر، سواء أكنا في الشرق أم في الغرب!
ثم ما سبب تلك الحملة الشعواء على عيد الحب، بوصفه منتجا ثقافيا غربيا «كافرا»، وكل أو جل ما نستعمله في حياتنا اليوم في الشرق، هو من منتجات «الكفار!» الذين ندعو عليهم بالهلاك من على منابر مساجدنا، تصوروا لو استجاب الله لنا وهلكوا، ماذا سيحل بمنتجاتهم في بلادهم، من حيث قطع الغيار والصيانة وما شابه؟ هل سيبقى «إنترنت» مثلا؟ ماذا عن محطات توليد الكهرباء والسفن والطائرات وملايين الأجهزة «الكافرة» التي ستموت بموت «الكفار»؟!
بدلا من الانشغال بتكفير «فلنتاين» وأتباعه، ليت الوعاظ والكتاب ينتبهون لمغزى الحب، ولو من وجهات نظر أخرى، لم لا يتحدثون مثلا عن أولئك العشاق الكبار، الذين نادرا ما جاءت كلمة «حب» على ألسنتهم، لكنهم كانوا ينثرونه حيثما حلوا، في شهقاتهم حينما كنا نتعثر، وانتباهتهم ليلا حينما يسمعون أنة أو توجعا منا، وفي لهفتهم حينما كنا نعود حليقي الرؤوس من المدرسة، وقد هدنا الجوع، وفي سهرهم الليالي الطويلة عند رؤوسنا حينما تهاجمنا الحمى، وكم كانت تهاجمنا لـ «فرط» العناية الصحية الفائقة، وفي تلك القبلة التي كانوا يطبعونها بحنان غامر على موطىء الألم حينما يصيبنا، فنشعر وكأن تلك القبلة، والهواء الناعم الذي ينفخونه علينا، الترياق الشافي، هؤلاء، العشاق الكبار، لم يكونوا يعرفون عيد الحب، وليس للحب عندهم يوما، لأن كل أيامهم حب، وعطاء لا ينتهي!
لم لا نتحدث ويتحدثون عن ذلك النوع من الأمهات والآباء الذين يبدو أنهم في طريقهم إلى الانقراض، وأرجو أن أكون مخطئا، ربما لأننا نشعر أن أمهاتنا هن أجمل الأمهات، ولا مثيل لهن، وأن آباءنا هم الأكثر حنوا وحدبا وعطاء من جميع الآباء، ربما، وربما لأن أمهات وآباء اليوم يعبرون عن «حبهم» بطريقة مختلفة، فيها شيء من «البخل» والتقنين، ربما، ولكن ما هو مؤكد، أن الأم، مهما كانت درجة تعاطيها مع الحب، هي أجمل النساء، وأروعهن، ولهذا، ربما، نبحث في شخصيات بناتنا وزوجاتنا، عن الأمومة، لنستظل بها، باحثين عن سكينة طيرها اليُتم، حتى ولو جاء على كبَر، ففقدان الأم حتى ولو كنا كهولا، هو تيتم من نوع ما، بل هو أكثر من ذلك.
الحب إرث إنساني، عاطفة من أجمل العواطف التي أودعها الله فينا، وبدلا من أن نجعل عيد الحب موسما لهجاء الغرب وأعياده ومناسباته وقديسيه، ليتنا ننظر إلى الزاوية الأخرى لمشهد عيد العشاق، زاوية استعمالنا مثلا لأجهزة الحاسوب الغربية الكافرة فيما ينفعنا وينفع الناس، ولا فرق في الواقع بين منتج ثقافي حضاري، وبين منتج آلي، كلاهما مستورد من بلاد الفرنجة!
خارج النص:
هناك فرق كبير بين ما يقوم به بعض الدعاة والوعاظ من شحن للعواطف و»تسخينها» وحرق دم المستمعين وهم عاجزون عن فعل شيء، وبين ما يقوم به بعض الكُتّاب من إعادة تشكيل الوعي الفردي والجمعي، لتحفيز الإبداع واجتراح الحياة، وتغيير الواقع!
الدستور
كائنا من كان فالانتاين، الذي يرمز لعيد الحب، فقد غدا هذا «العيد» واقعا في حياتنا المعولمة، حيث لا حدود تفصل بين الثقافات، ولا حواجز تحول دون افتراش المشهد الحياتي الإنساني لاهتمامنا كبشر، سواء أكنا في الشرق أم في الغرب!
ثم ما سبب تلك الحملة الشعواء على عيد الحب، بوصفه منتجا ثقافيا غربيا «كافرا»، وكل أو جل ما نستعمله في حياتنا اليوم في الشرق، هو من منتجات «الكفار!» الذين ندعو عليهم بالهلاك من على منابر مساجدنا، تصوروا لو استجاب الله لنا وهلكوا، ماذا سيحل بمنتجاتهم في بلادهم، من حيث قطع الغيار والصيانة وما شابه؟ هل سيبقى «إنترنت» مثلا؟ ماذا عن محطات توليد الكهرباء والسفن والطائرات وملايين الأجهزة «الكافرة» التي ستموت بموت «الكفار»؟!
بدلا من الانشغال بتكفير «فلنتاين» وأتباعه، ليت الوعاظ والكتاب ينتبهون لمغزى الحب، ولو من وجهات نظر أخرى، لم لا يتحدثون مثلا عن أولئك العشاق الكبار، الذين نادرا ما جاءت كلمة «حب» على ألسنتهم، لكنهم كانوا ينثرونه حيثما حلوا، في شهقاتهم حينما كنا نتعثر، وانتباهتهم ليلا حينما يسمعون أنة أو توجعا منا، وفي لهفتهم حينما كنا نعود حليقي الرؤوس من المدرسة، وقد هدنا الجوع، وفي سهرهم الليالي الطويلة عند رؤوسنا حينما تهاجمنا الحمى، وكم كانت تهاجمنا لـ «فرط» العناية الصحية الفائقة، وفي تلك القبلة التي كانوا يطبعونها بحنان غامر على موطىء الألم حينما يصيبنا، فنشعر وكأن تلك القبلة، والهواء الناعم الذي ينفخونه علينا، الترياق الشافي، هؤلاء، العشاق الكبار، لم يكونوا يعرفون عيد الحب، وليس للحب عندهم يوما، لأن كل أيامهم حب، وعطاء لا ينتهي!
لم لا نتحدث ويتحدثون عن ذلك النوع من الأمهات والآباء الذين يبدو أنهم في طريقهم إلى الانقراض، وأرجو أن أكون مخطئا، ربما لأننا نشعر أن أمهاتنا هن أجمل الأمهات، ولا مثيل لهن، وأن آباءنا هم الأكثر حنوا وحدبا وعطاء من جميع الآباء، ربما، وربما لأن أمهات وآباء اليوم يعبرون عن «حبهم» بطريقة مختلفة، فيها شيء من «البخل» والتقنين، ربما، ولكن ما هو مؤكد، أن الأم، مهما كانت درجة تعاطيها مع الحب، هي أجمل النساء، وأروعهن، ولهذا، ربما، نبحث في شخصيات بناتنا وزوجاتنا، عن الأمومة، لنستظل بها، باحثين عن سكينة طيرها اليُتم، حتى ولو جاء على كبَر، ففقدان الأم حتى ولو كنا كهولا، هو تيتم من نوع ما، بل هو أكثر من ذلك.
الحب إرث إنساني، عاطفة من أجمل العواطف التي أودعها الله فينا، وبدلا من أن نجعل عيد الحب موسما لهجاء الغرب وأعياده ومناسباته وقديسيه، ليتنا ننظر إلى الزاوية الأخرى لمشهد عيد العشاق، زاوية استعمالنا مثلا لأجهزة الحاسوب الغربية الكافرة فيما ينفعنا وينفع الناس، ولا فرق في الواقع بين منتج ثقافي حضاري، وبين منتج آلي، كلاهما مستورد من بلاد الفرنجة!
خارج النص:
هناك فرق كبير بين ما يقوم به بعض الدعاة والوعاظ من شحن للعواطف و»تسخينها» وحرق دم المستمعين وهم عاجزون عن فعل شيء، وبين ما يقوم به بعض الكُتّاب من إعادة تشكيل الوعي الفردي والجمعي، لتحفيز الإبداع واجتراح الحياة، وتغيير الواقع!
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/15 الساعة 00:33