مأزق ضريبة الدخل

مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/02 الساعة 01:36
جواد العناني هل ستخرج المملكة من مأزق تعديل قانون ضريبة الدخل؟ أم أنها ستضطر إلى اختيار واحد من بديلين أحلاهما مرُّ؟ هل النقاش الدائر حول تعديل قانون ضريبة الدخل نقاش اقتصادي اجتماعي يصب في جوهر القانون ومواده، أم أنه نقاش سياسي يتخذ من مشروع القانون المعدل وسيلة لكي ينتصر كل فريق فيه لموقفه المسبق؟ يجب أن نقف وطنياً للحظة نترك فيها العواطف، ونتأمل فيها العواقب لكل خيار نأخذه من بين الخيارات المتاحة. تقول الحكومة إن المشروع المعدّل لقانون ضريبة الدخل قد مُنِح الفرصة الكافية للنقاش الوطني والشعبي، وأن الحكومة حمَلت الأفكار التي جمعتها من لقاءاتها الهادئة والعاصفة وفاوضت بها صندوق النقد الدولي. وقد استطاعت الحكومة أن تصل بالقانون إلى صيغة ترى أنها باتت معقولة ومقبولة وتلبي معظم مطالب الشعب الأردني. وفي رأي الحكومة أن المشروع المعدّل يفوق عدالة وفعالية ومنطقاً القانون المعمول به حالياَ، والذي استقر على شكله الحالي في شهر ديسمبر (كانون الأول) العام 2014. وقد استغرق بحثه آنذاك في لجان مجلس النواب فترة طويلة دامت عشرة أشهر قبل أن يحوّل لمجلس الأعيان ليقر خلال أيام، أو قبل نهاية العام 2014 حتى يلبي الاردن مطلباً أساسياً في الاتفاق المعقود مع صندوق النقد الدولي. وتحت هذه الظروف، رفض مجلس الأعيان بحث القانون المعدل. ولكن وافق بناء على مقترح من الدكتور رجائي المعشر على إقرار القانون كما جاء من مجلس النواب . ولكن اشترط مجلس الأعيان مقابل ذلك، أن يقدم مجموعة مقترحات على مشروع القانون مقابل أن تتعهد الحكومة بدراستها وإقرار ما تراه منها مناسباً. ولكن الحكومة لم تلتزم آنذاك بما تعهدت به. ومن ناحية أخرى فإن لجهات كثيرة ملاحظات على مشروع القانون المعدل الحالي لم تأخذ بها الحكومة. فغرف الصناعة، وغرف التجارة، وجمعية رجال الأعمال، والأحزاب، والنقابات المهنية، وسوق عمان المالية (البورصة) بتأييد من هيئة الأوراق المالية قدمت مقترحات مدروسة ومحددة، ولكنها لم تنعكس بشكل كاف على مشروع القانون. وللرد على هذا التساؤل، فإن الحكومة تقول أنها واقفة بين فكي المطالب المختلفة للشعب وشروط صندوق النقد الدولي، وأنها لن تمانع في التعديلات التي سيدخلها مجلس النواب على مشروع القانون. وهذا ما تعهد به النواب ومنهم الدكتور خير أبو صعيليك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار المكلفة بدراسة القانون وإجراء النقاش حوله. ومن الواضح أن موقف مجلس النواب كما انعكس في مواقف أعضائه الثمانية والتسعين الذين تحدثوا في جلسة إحالة المشروع على لجنة الاقتصاد والاستثمار، سيؤدي إلى مشروع غير مقبول لصندوق النقد الدولي اذا استمروا على ذلك الموقف. وماذا ستكون عاقبة ذلك؟ أن الحكومة التي تحتاج إلى تمويل لكي تقلل العجز في موازنة 2019 إلى (2%)، ولكي تتمكن من الوفاء بالديون وخدمتها ، فإنها بحاجة إلى الاقتراض من السوق المحلية. وهذا سيزيد أوضاع السوق سوءاً. خاصة إذا رفض الصندوق مشروع القانون، ولم يقدم للأردن قروضاً ميسرة. هل سينجح مجلس النواب في حل المشكلة، والوصول إلى صيغة توافقية بين المطالب الشعبية والوطنية من جهة، وبين مواصفات مشروع القانون التي يطالب بها صندوق النقد الدولي؟ هل سيكون عند الحكومة القدرة التفاوضية لإقناع صندوق النقد الدولي بذلك؟ إذا لم يأخذ مجلس النواب مطالب الصندوق بعين الاعتبار، فإن عبء هذه المهمة سوف يقع على مجلس الأعيان، وسيجد المجلس المعين نفسه أمام امتحان صعب لا يقل تعقيداً وانتقاداً عن موقف الحكومة؟ هل سيتحلى مجلس الأعيان بالحكمة الكافية لكي يمشي على حد السيف إلى بر الأمان؟ نريد جهة عاقلة تخرج الاردن من هذا المطب، وهو في رأيي أمر مقدور عليه لو خرجنا من حالة الاتهامية والتنافر إلى حالة الوفاق والتوافق . فهذا بلدنا وليس لنا سواه. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/10/02 الساعة 01:36