الحياري يكتب: القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي في 2025... درع الوطن، ورافعة تنموية وإنسانية

العميد الركن مصطفى الحياري
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/30 الساعة 21:08
شكّل عام 2025 محطة مفصلية في مسار القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، حيث تجسدت خلالها صورة الجيش الحديث بوصفه قوة شاملة تجمع بين الردع العسكري، والفاعلية الإنسانية، والتمكين التقني. ففي عامٍ تشابكت فيه التحديات الأمنية مع الاستحقاقات الإنسانية، برز الجيش العربي كأيقونة وطنية تعكس قدرة الدولة الأردنية على إدارة الأمن، وحماية الإنسان، وصون الاستقرار في بيئة إقليمية معقّدة.

عملياتيًا، شهد العام ٢٠٢٥ نقلة نوعية في إدارة أمن الحدود، عبر تعزيز منظومات الرصد والتتبع، وتطوير قواعد الاشتباك، وتكامل الجهد بين القوات البرية وسلاح الجو الملكي. وأسفرت هذه المقاربة عن إحباط (418) محاولة تسلل وتهريب، وضبط (18938266) حبة من المواد المخدرة، و(168) قطعة سلاح، وإسقاط (89) طائرة مسيّرة، بما عكس فعالية نموذج الردع الاستباقي الأردني. وتُوّج هذا المسار في كانون الأول بتنفيذ ضربات جوية دقيقة داخل الأراضي السورية استهدفت مصانع ومخازن للمهربين، في رسالة حازمة بأن أمن الأردن خط أحمر لا يُساوَم عليه.

وفي سياق رفع الجاهزية، نفذت القوات المسلحة سلسلة من التمارين التعبوية والتدريبات المشتركة مع جيوش شقيقة وصديقة، شكّلت مختبرًا عمليًا لاختبار الجاهزية وتحديث المفاهيم القتالية. كما عكست مسابقة المحارب وغيرها من الأنشطة النوعية صورة الجندي الأردني المنضبط، القادر على الصمود في أقسى الظروف.

وعلى المستوى الدولي، عزز الأردن حضوره باستضافة مؤتمر ومعرض C8 للأمن السيبراني والتكنولوجيا الدفاعية، تأكيدًا لمكانته كمركز إقليمي في هذا المجال. وبالتوازي، واصلت القوات المسلحة مسار التحديث العسكري والتكنولوجي، إدراكًا منها أن معارك المستقبل تُدار بالمعرفة بقدر ما تُدار بالقوة، فتم إدخال منظومات متقدمة في القيادة والسيطرة، والرصد الحراري والبصري، والدفاع الجوي قصير ومتوسط المدى، وتطوير أسلحة المشاة ومقاومة الدروع، إلى جانب التوسع في استخدام الطائرات المسيّرة. كما شهد العام دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومات القيادة، وفتح تخصصات نوعية في الكليات العسكرية تشمل الأمن السيبراني وتكنولوجيا الطيران والتحكم المسيّر.

وطنيًا، مثّل عام 2025 عودة تاريخية لخدمة العلم بعد قرابة ثلاثة عقود، في مبادرة أعلنها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وقد اضطلعت القوات المسلحة بالدور المحوري في تنفيذ البرنامج، بوصفها مدرسة للانضباط وصقل الشخصية، عبر تدريب متكامل يزاوج بين الإعداد العسكري والتأهيل الفكري والمعرفي، بما يعزز جاهزية الشباب لخدمة الوطن والاستجابة للطوارئ.

إنسانيًا، بلغ الحضور الإنساني للقوات المسلحة ذروته، لا سيما تجاه الأشقاء الفلسطينيين، عبر استمرار عمل المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة والضفة الغربية، وتركيب (743) طرف صناعي للجرحى ضمن مبادرة «استعادة الأمل»، إلى جانب تنفيذ (564) إنزال جوي، وإقامة جسر جوي وبري واسع للمساعدات، في واحدة من أبرز عمليات الإسناد الإنساني المعاصر.

داخليًا، واصلت الخدمات الطبية الملكية دورها كركيزة للأمن الصحي الوطني، مع إدخال تقنيات طبية متقدمة وافتتاح مرافق جديدة، فيما أسهمت مديريات التعليم والثقافة العسكرية والتدريب العسكري في تمكين الأردنيين تعليميا وثقافيا، وكانت المؤسسة الاستهلاكية العسكرية وأسواقها ال (105) الواقعة في مختلف محافظات المملكة حاضرة لتعزيز الأمن الغذائي وتوفير المواد الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة.

كما شكّل عام 2025 علامة فارقة في تمكين المرأة داخل القوات المسلحة، حيث ترسّخ حضورها المهني في القيادة والتخطيط والخدمات الطبية والإعلام العسكري وعمليات حفظ السلام، بوصفه خيارًا مؤسسيًا يعكس نضج الجيش في استثمار رأس المال البشري.

إعلاميًا، شهد العام ٢٠٢٥ نقلة نوعية بافتتاح مركز التوثيق العسكري واستوديو القوات المسلحة، ما عزز حماية الذاكرة الوطنية وتحويل الإعلام العسكري إلى أداة فاعلة في إدارة الوعي ومواجهة التضليل. كما جسدت مبادرة رفع العلم الأردني على أعلى قمة جبلية في المملكة مشهدًا رمزيًا راسخًا في الوجدان الوطني.

ختامًا، يؤكد حصاد عام 2025 أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي – باتت منظومة استراتيجية متكاملة، توازن بين الردع والإنسانية، والتقنية والهوية، مستندة إلى توجيهات جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، لتبقى الركيزة الصلبة للأردن وحارس رسالته الوطنية والإقليمية.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/30 الساعة 21:08