رسمياً: جاكرتا تزيح طوكيو وتصبح المدينة الأكبر في العالم بـ 42 مليون نسمة

مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/30 الساعة 15:39
مدار الساعة -يقضي ألفيان الفتاح أربع ساعات يومياً في التنقل بين ضواحي جاكرتا الشاسعة ومكان عمله في قلب العاصمة الإندونيسية. وقد تحمل هذا الشاب البالغ من العمر 31 عاماً هذا العناء لمدة ثماني سنوات، ولكنه بات الآن يعبر رسمياً أكبر مدينة في العالم.

فقد حدّثت الأمم المتحدة مؤخراً قائمتها لأكبر مدن العالم بعد تغيير منهجيتها في تقييم التجمعات الحضرية الضخمة. وتجاوزت تقديراتها الخاصة بإندونيسيا بكثير عدد سكان جاكرتا البالغ 11 مليون نسمة، لتشمل في حساباتها منطقة حضرية أكبر تماماً تضم مدناً تابعة مترامية الأطراف مثل بوغور، حيث يعيش ألفيان. ونتيجة لذلك، يُقدّر عدد سكان جاكرتا الآن بنحو 42 مليون نسمة، وهي بذلك باتت تتجاوز منطقة طوكيو الكبرى لتصبح أكبر مدينة في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.

ودفعت منهجية الأمم المتحدة المعدلة جاكرتا إلى صدارة القائمة بعد أن كانت في المرتبة الثلاثين عام 2018. كما جعلت دكا، عاصمة بنغلاديش، ثاني أكبر مدينة في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها 36.6 مليون نسمة. وعموماً، تهيمن مدن آسيا على القائمة.

وتختلف حكومة جاكرتا وعدد من خبراء التخطيط الحضري الإندونيسيين مع تعريف الأمم المتحدة، لكنهم يرون أن هذا التصنيف يحفزهم على معالجة تحديات المدينة. فالمدينة، المعروفة باسم «دوريان الكبيرة» نسبةً إلى فاكهة الدوريان الشهيرة ذات الرائحة النفاذة من جنوب شرق آسيا، تعاني من الازدحام والتلوث، كما أنها تغوص بمعدل يصل إلى 20 سم سنوياً.

قال عزيز مسلم، خبير السياسات العامة في جامعة إندونيسيا: «هذا بمثابة جرس إنذار للحكومة لمعالجة مشاكل جاكرتا بجدية. ويكمن التحدي في كيفية تهيئة البنية التحتية وتحسين جودة الحياة». وأضاف أن على إندونيسيا تسريع جهودها لتخفيف الازدحام المروري في المدينة من خلال تحسين الربط مع المدن المجاورة وجعل السكن في متناول الجميع.

وفي مقابلة، قال حاكم جاكرتا، برامونو أنونغ، إن التصنيف «ليس مهماً حقاً» في حد ذاته. وأضاف: «لكن الرقم 42 مليوناً الذي أوردته الأمم المتحدة يحفزنا على العمل». وأكد التزامه بتحسين النقل العام لما بين 3.5 و4 ملايين شخص يتدفقون يومياً على المدينة. وأعلن أنه سيخصص 30% من ميزانية حكومة جاكرتا، المتوقع أن تبلغ 4.9 مليارات دولار العام المقبل، لتطوير الربط والبنية التحتية الأخرى. ويأتي ذلك رغم خفض تحويلات الحكومة المركزية إلى جاكرتا بمقدار مليار دولار للعام المقبل، مما يزيد من صعوبة «صيانة وإدارة البنية التحتية»، كما صرّح برامونو، لكنه أضاف أنه يعتزم إيجاد طرق أخرى لجمع الأموال.

وتعكس مشاكل جاكرتا مشاكل مدن أخرى سريعة النمو في آسيا، التي تُشير الأمم المتحدة إلى أنها تضم الآن نحو نصف المدن الكبرى في العالم البالغ عددها 33 مدينة - والتي تُعرَّف بأنها مناطق حضرية يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة على الأقل.

وتعد جاكرتا المركز السياسي والمالي الأبرز في أكبر اقتصاد بجنوب شرق آسيا. في العام الماضي، وساهمت جاكرتا - وفقاً لتعريف إندونيسيا للمدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة - بنحو 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا. وهذه الأهمية تجذب إليها المسافرين يومياً، لكن البنية التحتية لجاكرتا لم تواكب توسع المدينة. فبينما ازداد عدد الحافلات وخطوط السكك الحديدية، قال برامونو، حاكم المدينة، إن أقل من 25% من السكان يستخدمون وسائل النقل العام في جاكرتا نفسها، التي تعاني أيضاً من ضعف الربط مع المناطق الحضرية المحيطة بها.

في المقابل، تتمتع طوكيو الكبرى، وهي منطقة حضرية شاسعة تتمركز حول العاصمة اليابانية، بشبكة مترو أنفاق واسعة، بينما تُشغّل شنغهاي ما يصل إلى 21 خطاً عاملاً.

ويقول ماركو كوسوماويجايا، مدير مركز روجاك للدراسات الحضرية في جاكرتا: «يجب بناء منطقة جاكرتا الكبرى كنظام متكامل. إذا كانت جاكرتا هي المدينة الوحيدة التي ستتطور أكثر، فستصبح تكلفة المعيشة فيها أعلى بشكل متزايد، بل ستصبح باهظة للغاية على الناس. وسيزداد عدد المسافرين يومياً».

وإدراكاً منها لمشاكل جاكرتا المتفاقمة، أعلنت الحكومة عن خطط طموحة لبناء عاصمة جديدة، واختار موقعاً في غابات جزيرة بورنيو. وبدأ التطوير في عام 2022، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفته 30 مليار دولار. ومن المقرر أن تكتمل نوسانتارا، العاصمة الجديدة، بالكامل بحلول 2045، على الرغم من أن العديد من الهيئات الحكومية ستنتقل تدريجياً قبل ذلك. وأقر برامونو بالتحديات، لكنه أكد أن جاكرتا ستظل مركز النشاط الاقتصادي في البلاد، وستحافظ على جاذبيتها لملايين الإندونيسيين من مختلف أنحاء الأرخبيل.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/30 الساعة 15:39