الفراية يكتب: الدكتور يحيى البشتاوي.. قصة رجل لا يكتفي بالطب بل يعيشها

ليث الفراية
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/28 الساعة 21:54
في الحياة، لا يُقاس الرجال بما يحملون من ألقاب، بل بما يضيفونه إلى المعنى بعضهم يمرّ في المهنة كما يمرّ الزمن، وبعضهم يتوقف عند كل تفصيلة كأنها سؤال أخلاقي لا يجوز تجاوزه ومن هؤلاء الدكتور يحيى البشتاوي الذي لم ينظر إلى الطب بوصفه مسارًا مهنيًا فحسب، بل بوصفه اختبارًا يوميًا للضمير، وميزانًا دقيقًا بين العلم والرحمة، بين المعرفة والمسؤولية.

منذ بداياته، كان واضحًا أن الرجل لا يسعى إلى الظهور السريع، ولا إلى النجاح السهل. اختار الطريق الأبطأ، والأصعب، لكنه الأصدق حيث طريق بناء الثقة، وتراكم الخبرة، واحترام الإنسان قبل كل شيء فهو اختار أن يُقاس أثره بالطمأنينة التي يتركها في نفوس من تعاملوا معه.

ما يميّز تجربة الدكتور يحيى البشتاوي هو إدراكه العميق أن الطب ليس مجموعة إجراءات، بل حالة وعي فالتشخيص عنده لا يبدأ بالجهاز، بل بالإنسان، ولا ينتهي بالوصفة، بل بقدرة المريض على أن يشعر أنه مفهوم، لا مُدار هو من أولئك الأطباء الذين يفهمون أن الخوف جزء من المرض، وأن الاطمئنان نصف العلاج لذلك، جاءت علاقته بالمراجعين علاقة إنسان بإنسان، لا صاحب سلطة بحالة طبية وهذا الفهم هو ما يصنع الفارق الحقيقي بين طبيب ناجح، وطبيب يُترك أثره في الذاكرة.

لم يكن تأسيس مركز أسترا كلينك قرارًا تجاريًا بقدر ما كان امتدادًا طبيعيًا لفلسفة شخصية حيث المكان هنا ليس صدفة، ولا تصميمه مجرد ذوق، بل انعكاس لرؤية ترى أن الطب يحتاج إلى بيئة تشبه رسالته حيث كل تفصيلة تقول شيئًا من حيث الهدوء المدروس، والتنظيم غير المتكلّف، والاحترام الذي يسبق أي إجراء كأن المكان يهمس لزواره بأنهم في مساحة آمنة، لا يُستعجل فيها الألم، ولا يُهمَل فيها القلق هذا النوع من المراكز لا يُبنى على العجلة، بل على الصبر، وعلى إيمان بأن الجودة الحقيقية لا تظهر فورًا، لكنها حين تظهر، لا تختفي.



في تجربة الدكتور يحيى البشتاوي، الإدارة ليست نقيض الطب، بل امتداد له حيث لم يُدر أسترا كلينك بعقل التاجر الذي يبحث عن الربح السريع، بل بعقل الطبيب الذي يعرف أن أي اختصار في الجودة هو خسارة مؤجلة حيث قراراته الإدارية لم تكن انفعالية، ولا قائمة على المغامرة، بل على قراءة هادئة للواقع، وعلى قناعة أن السمعة رأس مال لا يُعوّض لذلك، اختار فريقه بعناية، ورسم سياساته بوضوح، وبنى ثقافة داخلية تحترم الإنسان قبل النظام.



في حضوره، لا تجد الاستعراض وفي لغته، لا تسمع المبالغة هو من أولئك القادة الذين يتركون للمكان أن يتحدث عنهم، وللنتائج أن تدافع عنهم جلوسه خلف المكتب لا يشبه جلوس السلطة، بل جلوس المسؤول الذي يعرف أن كل قرار ينعكس على حياة بشر حقيقيين هذا النوع من القيادة لا يُدرَّس في كتب الإدارة، بل يُكتسب من التجربة، ومن القدرة على الموازنة بين الحزم والمرونة، وبين العقل والقلب.

حتى في صورته، ثمّة اتساق لافت لا محاولة لصناعة هيبة زائفة، ولا بحث عن لقطة مثالية فهو صاحب ملامح هادئة، وابتسامة واثقة، وجلوس يوحي بالاستقرار كأن الصورة تقول إن صاحبها لا يحتاج إلى إثبات شيء، لأن ما أنجزه يتحدث عنه وهذا بالضبط ما يميز الشخصيات العميقة من ناحية انسجام الداخل مع الخارج، والفعل مع الصورة، والكلمة مع السلوك.

نجاح الدكتور يحيى البشتاوي لا يمكن اختصاره بعدد الحالات أو حجم التوسع، بل يُقرأ في الاستمرارية، وفي القدرة على الحفاظ على المستوى نفسه دون تنازل حيث النجاح هنا ليس قفزة، بل مسار طويل من الالتزام، والصبر، والاختيارات الصعبة هو نموذج يُثبت أن النجاح الهادئ أكثر بقاءً من النجاح الصاخب، وأن البناء البطيء أصلب من الإنجاز السريع.

في تجربة الدكتور يحيى البشتاوي، لا يوجد ما هو طارئ أو مفتعل كل ما يظهر اليوم هو نتيجة تراكم طويل من العمل الصامت، ومن اختيارات لم تكن دائمًا الأسهل، لكنها كانت الأكثر اتساقًا مع القناعة لذلك يبدو حضوره طبيعيًا، ويبدو نجاحه خاليًا من الادعاء، وكأنه أمر كان لا بد أن يحدث في وقته.

أسترا كلينك ليست مشروعًا يُعرَّف بالكلمات، بل مكان يكتشفه من يدخله، ويشعر به من يتعامل معه وهذا بالضبط ما يريد مؤسسها تجربة تحترم الإنسان دون أن تُعلن ذلك، وتقدّم الجودة دون أن تتباهى بها.

ربما لهذا السبب، لا يحتاج الدكتور يحيى البشتاوي إلى كثير من الشرح، فبعض الأشخاص تكفيهم سيرتهم، ويكفيهم أثرهم الهادئ ليقول كل ما لم يُقَل.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/28 الساعة 21:54