الحر تكتب: تأخر سن الزواج في الأردن.. بين الواقع الاجتماعي والحلول الممكنة

مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/27 الساعة 11:22
مدار الساعة - كتبت زين صبحي الحر -

"ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها" (الروم: 21)

في الأردن تشير الإحصاءات إلى أن هناك نحو مليون امرأة في عمر 35 عاما لم تتزوج بعد ما يعكس ظاهرة اجتماعية متزايدة تحتاج إلى فهم عميق. هذه الحالة ليست مجرد أرقام بل هي نتيجة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤثر على الشباب بشكل مباشر. ارتفاع تكاليف الزواج والغلاء المستمر يجعل العديد من الشباب يؤجلون هذه الخطوة المهمة إذ يشعرون أن الاستقرار المالي شرط أساسي قبل الارتباط في الوقت نفسه التركيز على التعليم العالي وبناء المسار المهني قبل الزواج يجعل الفتيات يفضلن تأجيل الارتباط، بينما الشباب الذكور يتأخرون أيضا بسبب ظروفهم الاقتصادية وعدم الاستقرار المهني ما يزيد من عدد الفتيات غير المتزوجات بعد عمر 35.

العادات والتقاليد المجتمعية تلعب دورا مهما أيضا حيث أن بعض الأسر ما زالت تضع شروطا صارمة على اختيار الشريك سواء على مستوى المادي أو الاجتماعي مما يقلل فرص الزواج في سن أصغر هذا الضغط الاجتماعي يؤدي أحيانا إلى شعور الشباب بالحيرة والتردد مما يدفعهم لتأجيل قراراتهم.

من وجهة نظري، معالجة هذه الظاهرة تتطلب رؤية شاملة تبدأ بدعم الشباب اقتصاديا وتوفير فرص مالية تساعدهم على بناء حياتهم بثقة كما يجب إعادة النظر في النظرة المجتمعية للزواج بحيث يكون اختيار الشريك عملية مرنة تعتمد على التفاهم والاحترام أكثر من المعايير التقليدية الصارمة. التوازن بين الحياة المهنية والشخصية أمر أساسي، حيث يمكن للمرأة متابعة طموحاتها دون الشعور بالضغط وللشاب أن يخطط لمستقبله بثقة دون تأجيل مستمر للارتباط الحملات الإعلامية والتثقيفية تلعب دورا مهما في رفع الوعي وتسليط الضوء على هذه الظاهرة بشكل واقعي مع تقديم أمثلة لشباب تمكنوا من الزواج رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية ليكونوا نموذجا يحتذى به ويشجع الآخرين على مواجهة هذه المرحلة بثقة.

في النهاية، تأخر سن الزواج في الأردن ليس مجرد مسألة شخصية بل مؤشر على تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة يمكن للمجتمع أن يقلل من اثاره من خلال الدعم المالي للشباب، وتغيير الثقافة المجتمعية حول الزواج وتوفير الوعي الكافي للتعامل مع هذا التحدي بمرونة وحكمة، ما يضمن مستقبلا أكثر توازنا للأسر والمجتمع ككل.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/27 الساعة 11:22