الحجاج يكتب: خطوة تحفيزية تعيد المركبات غير المرخصة إلى دائرة السلامة!
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 12:09
في شوارعنا التي تعرف ازدحام النهار وصمت الليل، تسير آلاف المركبات وكأنها تمشي على حافة الخطر. مركبات بلا ترخيص بلا فحص فني، وبلا تأمين، تحمل في داخلها احتمالات العطب والمفاجأة، وتترك خلفها سؤالًا كبيرًا معلقًا في الهواء: كيف وصلنا إلى هذا الرقم المقلق من المركبات غير المرخّصة، وما الذي يدفع أصحابها إلى المجازفة بأنفسهم وبغيرهم؟
الحديث عن ما يقارب ثلاثمئة ألف مركبة غير مرخّصة ليس رقمًا عابرًا في تقرير، بل مؤشر ثقيل على واقع اقتصادي واجتماعي يضغط على الناس حتى آخر الاحتمالات. فالمركبة في الأردن لم تعد ترفًا ولا مظهرًا من مظاهر الرفاه، بل غدت ضرورة قاهرة ووسيلة لا غنى عنها لقضاء شؤون الحياة والعمل، ونقل الأبناء، ومواجهة متطلبات يومية لا ترحم من يتأخر عنها.
لكن خلف هذا الواقع تقف حكاية أعمق. حكاية ضنك عيش يلاحق أرباب الأسر، ورواتب أنهكتها أقساط البنوك حتى كادت تُستنزف قبل أن تصل إلى جيوب أصحابها. قروض إسكان، وقروض تعليم، والتزامات لا تنتهي، حتى أصبح الراتب يمر مرور الكرام، لا يترك أثرًا إلا في كشوفات الاستقطاع. ثم تأتي فواتير الماء والكهرباء، والاتصالات، وكلفة الغذاء، والطامة الكبرى حين يكون في البيت طالب جامعي يجلس على مقاعد الدراسة، يحمل حلمًا مشروعًا لكنه يضيف عبئًا جديدًا على ميزانية بالكاد تسد الرمق.
في خضم هذا كله، يقف رب الأسرة حائرًا، يضرب الأخماس بالأسداس، ويشتعل رأسه بالتفكير: أيهما أولى؟ أجرة البيت أم ترخيص المركبة؟ قسط الجامعة أم تأمين السيارة؟ مونة الدار أم مخالفات السير التي بات من الصعب أن ينجو منها أحد؟ هنا، في هذه اللحظة القاسية، تنتصر الدار ومتطلباتها، لا عن ترف أو استهتار، بل عن اضطرار، فتُؤجَّل المركبة، ويُؤجَّل ترخيصها، وتُركن المخالفة جانبًا، إلى أن يشاء الله فرجًا.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل المخالفات المرورية التي زادت الطين بلّة. فالمخالفة لم تعد مجرد إجراء ردعي، بل تحولت في نظر كثيرين إلى عبء مالي جديد يُضاف إلى جبل الالتزامات. ومع تراكم المخالفات، ثم إضافة كلفة الترخيص والتأمين والفحص، يصبح المجموع صادمًا، طامة كبرى تدفع البعض إلى الهروب للأمام، والاستمرار بالسير بمركبة منتهية الترخيص رغم إدراكهم الكامل لحجم المخاطرة.
غير أن الخطر هنا لا يقتصر على صاحب المركبة وحده. مركبة بلا فحص فني قد تتحول في أي لحظة إلى أداة قاتلة، ومركبة بلا تأمين تفتح بابًا واسعًا لضياع الحقوق، وتترك المتضررين في مواجهة فراغ قانوني مؤلم. إنها معادلة قاسية يدفع ثمنها الجميع: السائق، والمشاة، والدولة، والمجتمع ككل.
من هنا، فإن مقاربة هذا الملف لا تحتمل منطق الإدانة وحده، ولا تصلح معها لغة العصا فقط. الناس لا تطالب بإعفاء رسوم الترخيص ولا بتخفيضها، بقدر ما تتطلع إلى خطوة استثنائية ذكية، سابقة تشريعية أو إدارية، تعالج جوهر المشكلة. النظر في إعفاء كامل أو جزئي من المخالفات المتراكمة، لفترة محددة، قد يكون مفتاح الحل. قرار تشجيعي يعيد الثقة، ويفتح الباب أمام آلاف مالكي المركبات للتوجه إلى مراكز الترخيص وتصويب أوضاعهم، بدل البقاء في دائرة الخوف والمخالفة.
إن وجود هذا الكم الهائل من المركبات غير المرخّصة خطر حقيقي على سلامة الطرق، وعلى حياة الأردنيين وأرواحهم، وهو جرس إنذار يستدعي انتباه أصحاب القرار بعناية ومسؤولية. فحين يشعر المواطن أن الحكومة تقف إلى جانبه، وتفهم ضيقه، وتشاركه همّه، سيكون أول من يبادر إلى الالتزام، وأحرص من غيره على سلامة الطريق واحترام القانون.
وخلاصة الحديث
أن هذا الملف لا يُحل بالأرقام وحدها، بل بفهم الناس وواقعهم. قرار حكيم، متوازن، مشجع، قد يحول الأزمة إلى فرصة ويعيد مئات الآلاف من المركبات إلى مظلة القانون، حماية للأرواح وصونًا للحقوق وتأكيدًا على أن سلامة طرقنا مسؤولية مشتركة، لا يتحملها طرف واحد، بل يتكامل فيها المواطن والدولة، حين يلتقي القانون بالرحمة، والنظام بوعي الواقع.!!!
الحديث عن ما يقارب ثلاثمئة ألف مركبة غير مرخّصة ليس رقمًا عابرًا في تقرير، بل مؤشر ثقيل على واقع اقتصادي واجتماعي يضغط على الناس حتى آخر الاحتمالات. فالمركبة في الأردن لم تعد ترفًا ولا مظهرًا من مظاهر الرفاه، بل غدت ضرورة قاهرة ووسيلة لا غنى عنها لقضاء شؤون الحياة والعمل، ونقل الأبناء، ومواجهة متطلبات يومية لا ترحم من يتأخر عنها.
لكن خلف هذا الواقع تقف حكاية أعمق. حكاية ضنك عيش يلاحق أرباب الأسر، ورواتب أنهكتها أقساط البنوك حتى كادت تُستنزف قبل أن تصل إلى جيوب أصحابها. قروض إسكان، وقروض تعليم، والتزامات لا تنتهي، حتى أصبح الراتب يمر مرور الكرام، لا يترك أثرًا إلا في كشوفات الاستقطاع. ثم تأتي فواتير الماء والكهرباء، والاتصالات، وكلفة الغذاء، والطامة الكبرى حين يكون في البيت طالب جامعي يجلس على مقاعد الدراسة، يحمل حلمًا مشروعًا لكنه يضيف عبئًا جديدًا على ميزانية بالكاد تسد الرمق.
في خضم هذا كله، يقف رب الأسرة حائرًا، يضرب الأخماس بالأسداس، ويشتعل رأسه بالتفكير: أيهما أولى؟ أجرة البيت أم ترخيص المركبة؟ قسط الجامعة أم تأمين السيارة؟ مونة الدار أم مخالفات السير التي بات من الصعب أن ينجو منها أحد؟ هنا، في هذه اللحظة القاسية، تنتصر الدار ومتطلباتها، لا عن ترف أو استهتار، بل عن اضطرار، فتُؤجَّل المركبة، ويُؤجَّل ترخيصها، وتُركن المخالفة جانبًا، إلى أن يشاء الله فرجًا.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل المخالفات المرورية التي زادت الطين بلّة. فالمخالفة لم تعد مجرد إجراء ردعي، بل تحولت في نظر كثيرين إلى عبء مالي جديد يُضاف إلى جبل الالتزامات. ومع تراكم المخالفات، ثم إضافة كلفة الترخيص والتأمين والفحص، يصبح المجموع صادمًا، طامة كبرى تدفع البعض إلى الهروب للأمام، والاستمرار بالسير بمركبة منتهية الترخيص رغم إدراكهم الكامل لحجم المخاطرة.
غير أن الخطر هنا لا يقتصر على صاحب المركبة وحده. مركبة بلا فحص فني قد تتحول في أي لحظة إلى أداة قاتلة، ومركبة بلا تأمين تفتح بابًا واسعًا لضياع الحقوق، وتترك المتضررين في مواجهة فراغ قانوني مؤلم. إنها معادلة قاسية يدفع ثمنها الجميع: السائق، والمشاة، والدولة، والمجتمع ككل.
من هنا، فإن مقاربة هذا الملف لا تحتمل منطق الإدانة وحده، ولا تصلح معها لغة العصا فقط. الناس لا تطالب بإعفاء رسوم الترخيص ولا بتخفيضها، بقدر ما تتطلع إلى خطوة استثنائية ذكية، سابقة تشريعية أو إدارية، تعالج جوهر المشكلة. النظر في إعفاء كامل أو جزئي من المخالفات المتراكمة، لفترة محددة، قد يكون مفتاح الحل. قرار تشجيعي يعيد الثقة، ويفتح الباب أمام آلاف مالكي المركبات للتوجه إلى مراكز الترخيص وتصويب أوضاعهم، بدل البقاء في دائرة الخوف والمخالفة.
إن وجود هذا الكم الهائل من المركبات غير المرخّصة خطر حقيقي على سلامة الطرق، وعلى حياة الأردنيين وأرواحهم، وهو جرس إنذار يستدعي انتباه أصحاب القرار بعناية ومسؤولية. فحين يشعر المواطن أن الحكومة تقف إلى جانبه، وتفهم ضيقه، وتشاركه همّه، سيكون أول من يبادر إلى الالتزام، وأحرص من غيره على سلامة الطريق واحترام القانون.
وخلاصة الحديث
أن هذا الملف لا يُحل بالأرقام وحدها، بل بفهم الناس وواقعهم. قرار حكيم، متوازن، مشجع، قد يحول الأزمة إلى فرصة ويعيد مئات الآلاف من المركبات إلى مظلة القانون، حماية للأرواح وصونًا للحقوق وتأكيدًا على أن سلامة طرقنا مسؤولية مشتركة، لا يتحملها طرف واحد، بل يتكامل فيها المواطن والدولة، حين يلتقي القانون بالرحمة، والنظام بوعي الواقع.!!!
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 12:09