فريحات يكتب: مناورات إيران ورسائل القوة.. هل تقترب المنطقة من جولة عسكرية جديدة؟

رائد فريحات
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 09:44
تشهد المنطقة الإقليمية مرحلة شديدة الحساسية في ظل المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة، التي شملت تجارب على صواريخ باليستية وأنظمة تسليح متطورة، ما أعاد ملف المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية إلى واجهة المشهد السياسي والأمني.

هذه التحركات لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق الإقليمي المتوتر، ولا عن الحسابات الاستراتيجية لكل من طهران وتل أبيب وواشنطن.

إيران، من جانبها، تصف هذه المناورات بأنها جزء من عقيدتها الدفاعية ورسالة ردع موجهة لأي طرف يفكر باستهدافها، مؤكدة أن برنامجها الصاروخي غير قابل للتفاوض. غير أن توقيت المناورات وحجمها ونوع الأسلحة التي جرى اختبارها يشير الى أن طهران تسعى إلى إظهار جاهزية عسكرية عالية، وتعويض أي اختلال في ميزان الردع، في ظل الضغوط السياسية والعقوبات المستمرة والتوترات المتراكمة مع إسرائيل.

وفي المقابل، تنظر إسرائيل إلى هذه التحركات بعين القلق، معتبرة أن المناورات قد تكون غطاءً لتحضير سيناريو تصعيدي أو رسالة مباشرة بأن إيران قادرة على توسيع دائرة المواجهة خارج إطار “حرب الظل”. هذا القلق دفع تل أبيب إلى تكثيف تنسيقها مع الولايات المتحدة، ورفع مستوى الجاهزية العسكرية والاستخباراتية، تحسبًا لأي خطأ في الحسابات قد يقود إلى مواجهة مباشرة مع طهران .

ضمن هذا السياق، تأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة حاملة ملفات ثقيلة، في مقدمتها التهديد الإيراني حيث يسعى نتنياهو إلى حشد دعم سياسي وعسكري أمريكي أوسع، وتشديد الموقف تجاه البرنامجين الصاروخي والنووي الإيرانيين، وربط هذا الملف بأمن إسرائيل الإقليمي وبالتطورات الجارية في غزة ولبنان واليمن.

كما تهدف الزيارة إلى ضمان بقاء واشنطن شريكًا فاعلًا في أي سيناريو ردعي أو ضاغط على ايران .

السيناريو المحتمل هل نحن امام حرب جديدة أم مجرد جولة تصعيد محسوبة؟ المؤشرات الحالية توحي بأن الأطراف كافة تدرك كلفة الحرب الشاملة، وتسعى إلى إدارة التوتر لا تفجيره.

إلا أن خطورة المرحلة تكمن في احتمال سوء التقدير أو الانزلاق بصورة غير مباشرة خاصة في ظل تشابك الجبهات وتعدد الفاعلين الإقليميين.

خلاصة المشهد أن إيران تبعث برسائل قوة واستعداد، وإسرائيل ترفع مستوى التحذير والاستنفار، والولايات المتحدة تحاول الموازنة بين الردع ومنع الانفجار الكبير. وبين هذه الحسابات المتداخلة، تبقى المنطقة واقفة على حافة تصعيد محتمل، حيث لا حرب وشيكة حتى الآن، لكن الهدوء هشّ، وأي شرارة قد تغيّر قواعد اللعبة ، خاصة إذا ماطلت اسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية في قطاع غزة او بادرت بتوجيه ضربات جديدة الى برنامجي إيران الصاروخي والنووي .
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 09:44