النجار تكتب: التوجيهي تحت المجهر.. لماذا يُعَدّ أصعب مرحلة في حياة الطالب الأردني؟
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/16 الساعة 21:16
في الأردن، لا يُنظر إلى التوجيهي على أنّه عامٌ دراسيٌّ كسائر الأعوام، بل يُستقبل كمنعطفٍ مصيريٍّ تُحبَس عنده الأنفاس، وتُعلَّق عليه الأحلام، ويُربَط به المستقبل بأكمله. إنّه عامٌ يتجاوز حدود المناهج والامتحانات، ليغدو اختبارًا قاسيًا للنفس والقدرة على الاحتمال، يعيش فيه الطالب تحت وطأة توقّعاتٍ أثقل من عمره، وضغوطٍ قد تسلبه شعوره بالأمان.
تنطلق صعوبة هذه المرحلة من الفكرة المتجذّرة في الوعي العامّ بأنّ «المستقبل يُحسَم هنا». عبارة تتردّد كثيرًا، فتغرس في نفس الطالب خوفًا مبكرًا، وتجعل من الامتحان حكمًا صارمًا لا مجال فيه للتجربة أو الخطأ. وهكذا، يشعر أنّ أي تعثّر حتّى لو كان عابرًا قد يُغلق أبوابًا واسعة، ويضعه في دوّامة المقارنة والقلق وانتظار النتائج.
ويزداد العبء مع طبيعة المنهاج وكثافته؛ موادّ متراكمة، ووقتٌ لا يكاد يكفي، وسرعة مفروضة لا تتيح للفهم العميق أن يأخذ مساحته. يتحوّل التعلّم إلى سباقٍ مع الزمن، وتغدو المعرفة حملًا ثقيلًا، بينما يتراجع الهدف الحقيقي من التعليم أمام هاجس اجتياز الامتحان فقط، فيفقد الطالب لذّة الفهم ويعيش إنهاكًا ذهنيًا متواصلًا.
ولا يقلّ الضغط الاجتماعي أثرًا عن ذلك؛ فالتوجيهي في نظر المجتمع مقياس التفوّق الأوحد، ما يضع الطالب تحت مجهر دائم من الترقّب والأسئلة والمقارنات. لا يُسمَح له بالتعب أو التردّد، وكأنّ عليه أن يبدو قويًا وناجحًا على الدوام، بينما داخله مثقل بالخوف والقلق والصمت.
أما من الناحية النفسيّة، فتُعدّ هذه المرحلة من أكثر المراحل استنزافًا؛ فطول فترة الاستعداد، وترقّب الامتحان، وضيق الوقت، كلّها عوامل تُضعف التركيز وتُربك الأعصاب. وكثيرًا ما يمتلك الطالب القدرة والمعرفة، لكنّ التوتّر يخونه في اللحظة الحاسمة، فيضيع الجهد بسبب الخوف لا بسبب نقص الفهم.
ومع كلّ ذلك، تبقى الحقيقة الأهمّ أنّ التوجيهي لم يكن صعبًا في جوهره بقدر ما أصبح كذلك بما حُمِّل من توقّعات وأحكام. هو مرحلة مهمّة بلا شك، لكنّه ليس الميزان الوحيد لقيمة الإنسان، ولا الطريق الأوحد للنجاح. فالحياة أوسع من امتحان، والمستقبل لا يُختصر في عامٍ واحد.
حين نُعيد لهذه المرحلة حجمها الحقيقي، ونُخفّف عن الطلبة ثِقَل التهويل والمقارنة، يمكن أن تتحوّل من عبءٍ قاسٍ إلى تجربة نضجٍ وتعلّم. فالطالب لا يحتاج إلى مزيدٍ من الضغط، بقدر ما يحتاج إلى احتواءٍ صادق، وإيمانٍ بقدراته، ورسالة تطمئن قلبه بأنّ قيمته لا تُقاس بورقة امتحان، مهما كانت نتيجتها.
تنطلق صعوبة هذه المرحلة من الفكرة المتجذّرة في الوعي العامّ بأنّ «المستقبل يُحسَم هنا». عبارة تتردّد كثيرًا، فتغرس في نفس الطالب خوفًا مبكرًا، وتجعل من الامتحان حكمًا صارمًا لا مجال فيه للتجربة أو الخطأ. وهكذا، يشعر أنّ أي تعثّر حتّى لو كان عابرًا قد يُغلق أبوابًا واسعة، ويضعه في دوّامة المقارنة والقلق وانتظار النتائج.
ويزداد العبء مع طبيعة المنهاج وكثافته؛ موادّ متراكمة، ووقتٌ لا يكاد يكفي، وسرعة مفروضة لا تتيح للفهم العميق أن يأخذ مساحته. يتحوّل التعلّم إلى سباقٍ مع الزمن، وتغدو المعرفة حملًا ثقيلًا، بينما يتراجع الهدف الحقيقي من التعليم أمام هاجس اجتياز الامتحان فقط، فيفقد الطالب لذّة الفهم ويعيش إنهاكًا ذهنيًا متواصلًا.
ولا يقلّ الضغط الاجتماعي أثرًا عن ذلك؛ فالتوجيهي في نظر المجتمع مقياس التفوّق الأوحد، ما يضع الطالب تحت مجهر دائم من الترقّب والأسئلة والمقارنات. لا يُسمَح له بالتعب أو التردّد، وكأنّ عليه أن يبدو قويًا وناجحًا على الدوام، بينما داخله مثقل بالخوف والقلق والصمت.
أما من الناحية النفسيّة، فتُعدّ هذه المرحلة من أكثر المراحل استنزافًا؛ فطول فترة الاستعداد، وترقّب الامتحان، وضيق الوقت، كلّها عوامل تُضعف التركيز وتُربك الأعصاب. وكثيرًا ما يمتلك الطالب القدرة والمعرفة، لكنّ التوتّر يخونه في اللحظة الحاسمة، فيضيع الجهد بسبب الخوف لا بسبب نقص الفهم.
ومع كلّ ذلك، تبقى الحقيقة الأهمّ أنّ التوجيهي لم يكن صعبًا في جوهره بقدر ما أصبح كذلك بما حُمِّل من توقّعات وأحكام. هو مرحلة مهمّة بلا شك، لكنّه ليس الميزان الوحيد لقيمة الإنسان، ولا الطريق الأوحد للنجاح. فالحياة أوسع من امتحان، والمستقبل لا يُختصر في عامٍ واحد.
حين نُعيد لهذه المرحلة حجمها الحقيقي، ونُخفّف عن الطلبة ثِقَل التهويل والمقارنة، يمكن أن تتحوّل من عبءٍ قاسٍ إلى تجربة نضجٍ وتعلّم. فالطالب لا يحتاج إلى مزيدٍ من الضغط، بقدر ما يحتاج إلى احتواءٍ صادق، وإيمانٍ بقدراته، ورسالة تطمئن قلبه بأنّ قيمته لا تُقاس بورقة امتحان، مهما كانت نتيجتها.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/16 الساعة 21:16