عمان - نيودلهي.. القادم أفضل

علاء القرالة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/16 الساعة 11:18
على امتداد أكثر من خمسة وسبعين عاما، حافظت عمان - ونيودلهي على خط تواصل ثابت، لكنه في السنوات الأخيرة أخذ بعدا أكثر عمقا، بفعل "السياسة الخارجية" الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، والقائمة على الانفتاح المدروس، وتوسيع دوائر الشراكة مع القوى الاقتصادية الصاعدة، وفي مقدمتها الهند، فما أهمية هذه العلاقة؟.

العلاقات بين عمان ونيودلهي ممتدة لأكثر من خمسة وسبعين عاما، وشهدت في السنوات الأخيرة نقلة نوعية، خصوصا في الجانب الاقتصادي، حيث باتت الهند ثالث أكبر شريك تجاري للأردن، بمؤشر واضح على متانة هذه العلاقة وقدرتها على التحول من علاقات سياسية مستقرة إلى شراكة اقتصادية حقيقية.

هذه العلاقة ثمرة لدبلوماسية متزنة و"جولات ملكية" لم تكن يوما زيارات بروتوكولية، بل أدوات لإعادة تموضع الأردن بخريطة العلاقات الدولية، وتعزيز حضوره كشريك قادر على الجمع بين الاستقرار السياسي والفرص الاقتصادية ومن هنا، جاءت العلاقة مع الهند لتترجم هذا التوجه عمليا، خصوصا مع تحول التعاون الاقتصادي لركيزة أساسية في مسار العلاقات الثنائية.

اليوم، تعد الهند ثالث أكبر شريك تجاري للأردن، مع حجم تبادل تجاري تجاوز ملياري دولار، في مؤشر واضح على أن العلاقة لم تعد محكومة بالإطار السياسي التقليدي، بل باتت قائمة على مصالح متبادلة قابلة للنمو،فـ"الصادرات الأردنية" إلى السوق الهندية، والاستثمارات الهندية المتزايدة بالمملكة، تعكس ثقة واضحة بالاقتصاد الأردني، وبالبيئة الاستثمارية التي حافظت على تماسكها رغم تعقيدات الإقليم.

زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى الأردن، وما يرافقها من ملتقى أعمال أردني هندي، تأتي في توقيت مهم، حيث تتقاطع مع توجهات الأردن في التحديث الاقتصادي، ومع رغبة هندية في توسيع حضورها في المنطقة عبر شراكات مستقرة وموثوقة، والاهم ان هذه الزيارة تشمل مشاركة شركات كبرى من الجانبين، لتوقيع مذكرات تعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، وإدارة المياه، بما يؤشر إلى انتقال العلاقة من مرحلة التعاون إلى مرحلة التخطيط المشترك.

خلاصة القول، لا تبحث عمان ونيودلهي عن "علاقات سريعة" أو "مكاسب مؤقتة"، بل عن شراكة طويلة الأمد، وتتقدم بخطوات محسوبة، تستند لسياسة أردنية متوازنة يقودها جلالة الملك، والتي أثبتت قدرتها على تحويل العلاقات الدولية إلى فرص واقعية، فما بين العاصمتين، يبدو هادئا.. لكنه مليء بالإمكانات، وما هو قادم، بالتأكيد أفضل.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/16 الساعة 11:18