الصرايرة يكتب: خارطة طريق تحديث القطاع العام في الأردن.. تحليل نقدي لفاعلية التحديث وحدود الجاهزية المؤسسية في ضوء التجارب العالمية
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/15 الساعة 11:37
تعكس خارطة طريق تحديث القطاع العام في الأردن طموحاً إصلاحياً واضحاً منذ إطلاقها عام 2022، مدفوعاً بتوجيهات ملكية تستهدف بناء قطاع عام أكثر كفاءة وعدالة ومرونة. ويُظهر التقرير التقييمي الصادر عن الحكومة " والمنشور على منصة تواصل للمشاركة الالكترونية وهي بالمناسبة احد اهم منصات التفاعل مع الجمهور " ملامح تقدم ملموس في عدد من المؤشرات الدولية المرتبطة بالحكومة الرقمية وفعالية الأداء المؤسسي، إلا أن القراءة التحليلية تكشف في المقابل عن فجوة بنيوية بين هذا التقدم وبين القدرة الفعلية للقطاع العام على تحويله إلى أثر مستدام ينعكس مباشرة على جودة حياة المواطن.
يرتكز التقرير على قاعدة بيانات متنوعة تشمل مؤشرات دولية واستطلاعات رأي داخلية ومراجعات مؤسسية، غير أن هذا التنوع لا يرقى إلى إطار تحليلي متكامل قادر على تفسير العلاقة السببية بين التدخلات الإصلاحية والنتائج المتحققة.
ويظهر ذلك بوضوح في اعتراف غالبية أصحاب المصلحة بضعف الاتساق بين مساري التحديث الإداري والاقتصادي، وفي الإقرار بأن الخارطة لا تعالج التحديات البنيوية للقطاع العام معالجة كافية، ما يعكس غياب منطق التغيير (Theory of Change) الذي تعتمد عليه التجارب العالمية الرائدة في تصميم الإصلاحات الحكومية.
ورغم أهمية التحسن المسجّل في المؤشرات الدولية، إلا أن التقرير يوظف هذه المؤشرات بوصفها انعكاساً خارجياً للتقدم أكثر من كونها نتيجة داخلية لسياسات وإجراءات محددة، دون تقديم تحليل سببي يربط بين المبادرات الحكومية وتقدم عدد من المؤشرات العالمية والأثر المتحقق. وبالمقارنة مع تقارير OECD Governance Reviews، يبرز ضعف الربط بين الأداء الوطني والسياق المؤسسي، وغياب تحليل الفجوات المقارنة الذي يمكّن من توجيه السياسات على أساس الأدلة لا التصنيفات.
وتتجلى إحدى أكثر نقاط الضعف عمقاً في محور الموارد البشرية والثقافة المؤسسية، حيث تُظهر نتائج الاستبيان فجوة واضحة بين محدودية المعرفة بخارطة التحديث وبين الانطباعات الإيجابية تجاهها، بما يؤكد أن التحديث لا يزال مشروعاً مركزياً لم يتحول بعد إلى ممارسة مؤسسية راسخة. ويؤكد ذلك ما أثبتته التجارب الدولية، ولا سيما تجربة إستونيا، من أن التحول الحكومي لا ينجح بالتكنولوجيا وحدها، بل يتطلب بناء قدرات تنفيذية وثقافة تنظيمية داعمة للتغيير.
كما يكشف الحجم الكبير للمبادرات والمشاريع المدرجة ضمن الخارطة عن تحدٍ هيكلي يتمثل في غياب نظام واضح لتحديد الأولويات وقياس الأثر، ما يخلق حالة من تضخم البرامج دون وضوح القيمة العامة، ويعرّض الإصلاح لخطر تشتيت الموارد وفقدان التركيز. وفي المقابل، تُظهر نماذج عالمية على أهمية وحدات التنفيذ المتخصصة التي تركز على تتبع النتائج وربط المشاريع بالأثر لا بعدد الأنشطة.
وعند تفكيك محاور الخارطة، تتضح مجموعة من المخاطر المتداخلة؛ إذ يهدد غياب إعادة هندسة الإجراءات بأن يتحول التحول الرقمي إلى رقمنة للبيروقراطية، فيما يعزز ضعف تكامل الأنظمة وغياب معيار وطني للهندسة الرقمية مخاطر بناء جزر رقمية منفصلة. كما يمثل غياب مؤشرات الأداء الاستراتيجية وضعف ربط السياسات بالمشاريع خطراً مباشراً على فعالية صنع القرار، في تناقض واضح مع الممارسات العالمية القائمة على السياسات المبنية على البيانات.
وتتضح هذه المخاطر في ظل ضعف الحوكمة التنفيذية وتعدد الجهات وعدم وضوح الأدوار، ما يؤدي إلى لامركزية غير منسقة تضعف المساءلة، إضافة إلى بطء التحديث التشريعي الذي يحوّل الإطار القانوني إلى عائق أمام الإصلاح بدلاً من أن يكون ممكّناً له. ويزيد من عمق الفجوة غياب مكونات محورية مثل كفاءة الإنفاق، ودور البلديات، والشمول المؤسسي، وهي عناصر لا تمثل مجرد نواقص، بل مخاطر استراتيجية تمس استدامة التحديث وعدالته.
وتخلص القراءة التحليلية إلى أن خارطة تحديث القطاع العام، رغم ما حققته من تقدم، لا تزال تفتقر إلى منظومة منهجية تربط الإصلاح بالأثر، وإلى نظام أداء وقياس قادر على تحويل المبادرات إلى نتائج قابلة للتتبع والمساءلة. ويصبح الانتقال إلى مرحلة النضج التنفيذي مرهوناً بتبني توجه وطني يعالج جذور الاختلال، وفي مقدمتها الإجراءات المعقدة، عبر إعادة هندسة شاملة للإجراءات الحكومية، وبناء منظومة متكاملة لقياس الأداء والأثر، وإعادة ترتيب أولويات التحديث على أساس القيمة العامة، وتعزيز الحوكمة التنفيذية والجاهزية المؤسسية، وتحديث الإطار التشريعي، ودمج كفاءة الإنفاق والإدارة المحلية والشمول ضمن صلب مسار الإصلاح، بما يضمن تحول التحديث من مشروع طموح إلى إصلاح حكومي مستدام وملموس الأثر.
يرتكز التقرير على قاعدة بيانات متنوعة تشمل مؤشرات دولية واستطلاعات رأي داخلية ومراجعات مؤسسية، غير أن هذا التنوع لا يرقى إلى إطار تحليلي متكامل قادر على تفسير العلاقة السببية بين التدخلات الإصلاحية والنتائج المتحققة.
ويظهر ذلك بوضوح في اعتراف غالبية أصحاب المصلحة بضعف الاتساق بين مساري التحديث الإداري والاقتصادي، وفي الإقرار بأن الخارطة لا تعالج التحديات البنيوية للقطاع العام معالجة كافية، ما يعكس غياب منطق التغيير (Theory of Change) الذي تعتمد عليه التجارب العالمية الرائدة في تصميم الإصلاحات الحكومية.
ورغم أهمية التحسن المسجّل في المؤشرات الدولية، إلا أن التقرير يوظف هذه المؤشرات بوصفها انعكاساً خارجياً للتقدم أكثر من كونها نتيجة داخلية لسياسات وإجراءات محددة، دون تقديم تحليل سببي يربط بين المبادرات الحكومية وتقدم عدد من المؤشرات العالمية والأثر المتحقق. وبالمقارنة مع تقارير OECD Governance Reviews، يبرز ضعف الربط بين الأداء الوطني والسياق المؤسسي، وغياب تحليل الفجوات المقارنة الذي يمكّن من توجيه السياسات على أساس الأدلة لا التصنيفات.
وتتجلى إحدى أكثر نقاط الضعف عمقاً في محور الموارد البشرية والثقافة المؤسسية، حيث تُظهر نتائج الاستبيان فجوة واضحة بين محدودية المعرفة بخارطة التحديث وبين الانطباعات الإيجابية تجاهها، بما يؤكد أن التحديث لا يزال مشروعاً مركزياً لم يتحول بعد إلى ممارسة مؤسسية راسخة. ويؤكد ذلك ما أثبتته التجارب الدولية، ولا سيما تجربة إستونيا، من أن التحول الحكومي لا ينجح بالتكنولوجيا وحدها، بل يتطلب بناء قدرات تنفيذية وثقافة تنظيمية داعمة للتغيير.
كما يكشف الحجم الكبير للمبادرات والمشاريع المدرجة ضمن الخارطة عن تحدٍ هيكلي يتمثل في غياب نظام واضح لتحديد الأولويات وقياس الأثر، ما يخلق حالة من تضخم البرامج دون وضوح القيمة العامة، ويعرّض الإصلاح لخطر تشتيت الموارد وفقدان التركيز. وفي المقابل، تُظهر نماذج عالمية على أهمية وحدات التنفيذ المتخصصة التي تركز على تتبع النتائج وربط المشاريع بالأثر لا بعدد الأنشطة.
وعند تفكيك محاور الخارطة، تتضح مجموعة من المخاطر المتداخلة؛ إذ يهدد غياب إعادة هندسة الإجراءات بأن يتحول التحول الرقمي إلى رقمنة للبيروقراطية، فيما يعزز ضعف تكامل الأنظمة وغياب معيار وطني للهندسة الرقمية مخاطر بناء جزر رقمية منفصلة. كما يمثل غياب مؤشرات الأداء الاستراتيجية وضعف ربط السياسات بالمشاريع خطراً مباشراً على فعالية صنع القرار، في تناقض واضح مع الممارسات العالمية القائمة على السياسات المبنية على البيانات.
وتتضح هذه المخاطر في ظل ضعف الحوكمة التنفيذية وتعدد الجهات وعدم وضوح الأدوار، ما يؤدي إلى لامركزية غير منسقة تضعف المساءلة، إضافة إلى بطء التحديث التشريعي الذي يحوّل الإطار القانوني إلى عائق أمام الإصلاح بدلاً من أن يكون ممكّناً له. ويزيد من عمق الفجوة غياب مكونات محورية مثل كفاءة الإنفاق، ودور البلديات، والشمول المؤسسي، وهي عناصر لا تمثل مجرد نواقص، بل مخاطر استراتيجية تمس استدامة التحديث وعدالته.
وتخلص القراءة التحليلية إلى أن خارطة تحديث القطاع العام، رغم ما حققته من تقدم، لا تزال تفتقر إلى منظومة منهجية تربط الإصلاح بالأثر، وإلى نظام أداء وقياس قادر على تحويل المبادرات إلى نتائج قابلة للتتبع والمساءلة. ويصبح الانتقال إلى مرحلة النضج التنفيذي مرهوناً بتبني توجه وطني يعالج جذور الاختلال، وفي مقدمتها الإجراءات المعقدة، عبر إعادة هندسة شاملة للإجراءات الحكومية، وبناء منظومة متكاملة لقياس الأداء والأثر، وإعادة ترتيب أولويات التحديث على أساس القيمة العامة، وتعزيز الحوكمة التنفيذية والجاهزية المؤسسية، وتحديث الإطار التشريعي، ودمج كفاءة الإنفاق والإدارة المحلية والشمول ضمن صلب مسار الإصلاح، بما يضمن تحول التحديث من مشروع طموح إلى إصلاح حكومي مستدام وملموس الأثر.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/15 الساعة 11:37